وقالت وكالة "تاس" الحكومية للأنباء، إنّ الطائرة وهي من طراز "إليوشين 96"، أحضرت 46 دبلوماسياً روسياً مع عائلاتهم.
ومن المتوقع وصول طائرة ثانية إلى العاصمة الروسية في وقت لاحق، الأحد.
وتأتي هذه الخطوات على خلفية تفاقم الخلاف بين موسكو والغرب، بسبب قضية تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال، وطرد الجانبين أكثر من 150 دبلوماسياً، من أكثر من 20 دولة.
وتتهم لندن موسكو بالمسؤولية عن تسميم سكريبال (66 عاماً)، وابنته يوليا (33 عاماً)، باستخدام "غاز الأعصاب"، في منطقة سالزبري، جنوبي إنكلترا، في 4 مارس/آذار، الأمر الذي تنكره موسكو.
وأعلنت واشنطن طرد 48 دبلوماسياً روسياً يعملون في السفارة الروسية بالعاصمة، و12 آخرين يعملون في البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة في نيويورك. كما أعلنت إغلاق القنصلية الروسية في سياتل، في إطار رد الفعل المنسّق بين الحلفاء الغربيين.
وصل الدبلوماسيون الروس إلى مطار فنوكوفو بموسكو (ستانيسلاف كراسيلنيكوف/getty) |
في المقابل، طلبت الخارجية الروسية من 60 دبلوماسياً أميركياً المغادرة قبل 5 إبريل/ نيسان الجاري، كما وجّهت مذكرة إلى القنصلية الأميركية في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، بالتوقف عن تقديم خدماتها، وإخلاء المبنى خلال يومين.
واستقلّ دبلوماسيون روس وعائلاتهم حافلات وغادروا سفارتهم في واشنطن، يوم السبت، بينما كان المبعوثون الأميركيون يرفعون العلم عن قنصلية بلادهم في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، ويغلقون مكاتبهم متوجهين إلى ديارهم.
وكانت وكالة "تاس" للأنباء قد ذكرت أنّ جميع الدبلوماسيين الروس الـ60 الذين صدرت أوامر بخروجهم من الولايات المتحدة، توجهوا جواً إلى بلادهم، مساء السبت.
وفي سان بطرسبرغ، سابق الموظفون في القنصلية الأميركية الموعد النهائي لإغلاق القنصلية السبت، وهو موعد فرضته روسيا، قبل يومين فقط.
وفي تعليقات موجزة للصحافيين، قال القنصل العام للولايات المتحدة توماس ليري "نحن على استعداد للمغادرة".
ووصفت وكالة "أسوشييتد برس"، في تقرير، رحلة مغادرة الدبلوماسيين الأميركيين من روسيا، وقالت إنّ شخصاً ما وضع خارج مبنى القنصيلة العريق من القرن التاسع عشر، أربع أزهار زنبق صفراء، وبطاقة من الجيران تقول: "على أمل أن نراكم مرة أخرى".
وقدم مندوبو الجهات المعنية لتفقد المبنى، في وقت متأخر يوم السبت، ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كان جميع الموظفين الأميركيين قد غادروا.
وأظهر الروس الذين شاهدوا مغادرة الدبلوماسيين الأميركيين وجهات نظر مختلفة حول إغلاق القنصلية في سان بطرسبرغ.
وقالت فالنتينا بتروفا (77 عاماً)، لـ"أسوشييتد برس": "يعرف الجانب الأميركي دائماً أننا نستطيع الرد إذا تعرّضنا للهجوم"، بينما قال آرتيم زيكوف (24 عاماً)، إنّه "كان على روسيا أن تجد آليات مختلفة للرد دون اتخاذ مثل هذه الإجراءات المتشددة".
في غضون ذلك، قال مسؤولون بالمملكة المتحدة، السبت، إنّ الحكومة البريطانية تدرس طلباً روسياً للوصول إلى ابنة سكريبال، والتي جرى تسميمها مع والدها بغاز الأعصاب.
وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إنّها تقوم بمراجعة الطلب الروسي "بما يتماشى مع التزاماتنا بالقانون الدولي والمحلي". وأضافت الوزارة أنّ الدراسة التي تقوم بها الحكومة سوف تشتمل على "حقوق ورغبات يوليا سكريبال"، المواطنة الروسية التي جرى تسميمها إلى جانب والدها في إنكلترا. وكان المسؤولون الروس قد أصرّوا على أنّ لهم الحق القانوني في رؤية يوليا سكريبال، البالغة من العمر 33 عاماً.
وتعيش يوليا سكريبال في موسكو وكانت في زيارة لوالدها، سيرغي سكريبال، عندما تعرضا للهجوم بغاز أعصاب في الرابع من مارس/آذار.
وبحسب المسؤولين البريطانيين، فهي تتعافى في المستشفى، في حين لا يزال والدها في حالة حرجة.
ووصفت السفارة الروسية في لندن تعافي المرأة "بالأخبار الجيدة"، في تغريدة على حسابها بموقع "تويتر"، الجمعة، وقالت إنّ للدبلوماسيين الروس الحق في رؤيتها بموجب شروط اتفاقية العلاقات القنصلية لعام 1968.
— Russian Embassy, UK (@RussianEmbassy) March 30, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Russian Embassy, UK (@RussianEmbassy) March 30, 2018
|
وحظيت بريطانيا بدعم قوي من الولايات المتحدة، ومن الحلفاء في أوروبا، الذين سلّموا بوجهة النظر البريطانية بأنّ الدولة الروسية مسؤولة عن استخدام غاز الأعصاب القاتل. وأسفرت هذه المسألة عن تصعيد التوتر بين الشرق والغرب، وقام كل جانب بطرد دبلوماسيي الجانب الآخر.
وانضمت الولايات المتحدة، هذا الأسبوع، إلى عشرات الدول، منها عدة دول أوروبية، في طرد أكثر من 150 دبلوماسياً وموظفاً في بعثات روسية.
وفي مؤشر آخر على تدهور العلاقات، حذرت السفارة الروسية في موسكو، السبت، من أن الروس المسافرين إلى المملكة المتحدة قد يواجهون استفزازات، تتضمن وضع أشياء غريبة في حقائبهم.
التحذير المنشور يوم السبت، على الموقع الإلكتروني للسفارة، قال إنّ ذلك يعكس "السياسة المناوئة لروسيا، والخطاب التهديدي المتصاعد من الجانب البريطاني، وتصرفات الحكومة البريطانية ضد الأفراد والكيانات القانونية الروسية".
وتبادلت الدولتان طرد 23 دبلوماسياً، وإضافة إلى ذلك أمرت روسيا بريطانيا بخفض مستوى العاملين بسفارتها في موسكو إلى مستوى العاملين بالسفارة الروسية في لندن.
وتصاعدت التوترات أيضاً، في وقت متأخر من الجمعة، عندما قام ضباط بريطانيون بتفتيش طائرة ركاب تابعة لشرطة طيران "إيروفلوت" الروسية بمطار هيثرو.
وقال البيان الروسي "نحث على المراقبة عن كثب للمتعلقات الشخصية والحقائب لتجنب أي استفزازات من خلال وضع أشياء غريبة فيها".
كما وجّهت وزارة الخارجية الروسية، السبت، 14 سؤالاً إلى بريطانيا وطلبت منها الإجابة عنها. وأوضحت وكالة "سبوتنيك" الروسية، أنّ الأسئلة تتركّز حول عدد من النقاط.
وأبرز الأسئلة، حسب الوكالة: "لماذا تم منع القنصل الروسي من لقاء سكريبال؟ وبأي حق تسمح المملكة المتحدة لفرنسا بالمشاركة في التحقيقات؟".وسألت روسيا أيضاً عن "مضادات السم التي أعطتها بريطانيا لسكريبال، ومن أين حصلت عليها في مكان الحادث؟".
كذلك طالبت الوزارة الروسية لندن بتقديم معلومات عن "كيفية استنتاج بريطانيا أن المادة المستخدمة في تسميم سكريبال أصلها روسي". ولم تذكر الوكالة الروسية بقية الأسئلة.
ألمانيا منفتحة على روسيا
وفي موقف ألماني لافت، قال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، اليوم الأحد، إن بلاده منفتحة على الحوار مع روسيا، رغم التوتر الكبير الذي طرأ أخيراً على علاقة الغرب بموسكو بسبب قضية سكريبال.
وفي تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية الخاصة، نُشرت في عددها الصادر اليوم، قال ماس، وفق ما أوردت وكالة "الأناضول"، إنّ "السلوك الروسي في السنوات الماضية أدى بلا شك إلى فقدان الكثير من الثقة في موسكو".
وتابع: "وفي الوقت نفسه، نحن بحاجة إلى روسيا كشريك، لحل النزاعات الإقليمية (لم يحددها)، وجهود خفض التسلح، كما نحتاجها كقطب مهم في النظام العالمي متعدد الأطراف".
وأضاف: "لذلك نحن منفتحون على الحوار مع روسيا، ونراهن على بناء الثقة بيننا مجددا خطوة بخطوة، إذا كانت روسيا مستعدة لذلك".
وبخصوص طرد دول غربية لدبلوماسيين روس، قال وزير الخارجية الألماني إنّ هذه الخطوات "جاءت للتضامن مع بريطانيا، وإشارة على الوحدة في مواجهة السلوك الروسي".