لوح أقارب معتقلي "حراك الريف" الذين أنزلت بهم إدارة السجون عقوبة الحبس الانفرادي، باللجوء إلى الآليات التابعة للأمم المتحدة التي صادق عليها المغرب، لطلب تدخل عاجل ضد ما تقول العائلات إنه تعذيب تعرض له السجناء.
وقال بيان صادر عن عائلات معتقلي حراك الريف، المرحلين سابقا إلى سجن "رأس الما" بمدينة فاس، إنه بلغ إلى علمها "تعرض المعتقلين السياسيين (نبيل أحمجيق، زكرياء أضهشور، وسيم البوستاتي، سمير إغيذ، ناصر الزفزافي) لتعذيب شديد، مع إجراءات تأديبية قاسية مفتقدة لأي مبرر مقبول، وصلت حد احتجازهم في الكاشو (الحبس الانفرادي) ومنعهم من الزيارة العائلية والحديث عبر الهاتف لمدة 45 يوما".
وأضاف موقعو البيان أنهم كعائلات للمعتقلين، "ومن منطلق تجارب سابقة، لدينا مخاوف من أن الحرمان من الزيارة غرضه التغطية على ممارسات التعذيب التي طاولتهم، عبر الاستفادة من مدة زمنية كافية لإخفاء آثار التعذيب الذي تعرضوا له".
وكشف البيان أن عائلات المعتقلين الستة تقدمت بطلب عاجل موجه للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، "من أجل وقف التعذيب، وفتح تحقيق عاجل، وإيفاد أطباء شرعيين لمعاينة الحالة الصحية للمعتقلين".
وخاطب البيان الرأي العام الوطني والدولي، مخبرا إياه "أنه في حالة عدم قيام النيابة العامة بدورها في فتح تحقيق عاجل ونزيه حسب المقتضيات القانونية المتعلقة بتجريم التعذيب، وفي حالة تلكؤ الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في القيام بمهامها، فإننا سنلجأ للآليات الأممية التي صادق عليها المغرب، عبر مراسلة وطلب التدخل العاجل للمقرر الأممي المعني بالتعذيب، حفاظا على حياة أبنائنا وحماية لسلامتهم الجسدية والنفسية".
وذهبت أسر المعتقلين الستة إلى أنها باتت تعتبر أبناءها في وضعية اختطاف، "ما دام لم نتوصل لا نحن ولا محامومهم بأي إفادة عن أماكن احتجازهم الجديدة، ونحمل الدولة المغربية كامل المسؤولية على ما تعرض ويتعرض له أبناؤنا".
وكان والد قائد "حراك الريف"، ناصر الزفزافي، قد أعلن زوال أمس الاثنين عبر حسابه الشخصي في "فيسبوك"، أن كلا من ابنه وباقي المعتقلين معه في سجن "راس الما" قرب مدينة فاس، يتعرضون للتعذيب.
وأضاف أحمد الزفزافي، أنه وبشهادة بعض المعتقلين من السجن نفسه، فإن المعتقلين المرحلين من الدار البيضاء إلى فاس، وهم كل من ابنه وعدد ممن يعتبرون قادة الحراك، "تعرضوا لتعذيب وحشي وناصر ما زال تحت التعذيب إلى حدود الساعة"، مناشدا الجميع الضغط من أجل وقف ما أسماه بالتعذيب.
المندوبية العامة لإدارة السجون المغربية، لم تتأخر في الرد، وأصدرت بيانا يكذب هذه التصريحات ويهاجم الزفزافي الأب بشدة.
وقال بيان المندوبية إنه وعلى عكس هذه "الادعاءات الكاذبة"، فإن السجناء المعتقلين بالسجن المذكور على خلفية أحداث الحسيمة "لم يتعرضوا إطلاقا لأية معاملة سيئة، فبالأحرى تعريضهم لـ"التعذيب"، بل هم الذين اعتدوا على عدد من موظفي المؤسسة وتنطعوا في وجههم رافضين تنفيذ الأوامر بالدخول إلى زنازينهم".
وعادت المندوبية إلى تبرير قرارها القاضي بتفريق هؤلاء السجناء بين سجون مختلفة وفرض الحبس الانفرادي عليهم لمدة 45 يوما، قائلة إنه "وبالنظر إلى ارتكابهم هذه المخالفات، وحفاظا على أمن المؤسسة وسلامة نزلائها، تم اتخاذ إجراءات تأديبية في حقهم بالتنقيل إلى أحياء أخرى من نفس المؤسسة أو إلى مؤسسات أخرى مع وضعهم في زنازين التأديب".
وبخصوص إعلان أحمد الزفزافي أن ابنه مازال تحت التعذيب، قال بيان المندوبية إن ناصر الزفزافي، وفي اللحظات التي كان فيها والده ينشر هذه الأنباء، كان برفقة بعض محاميه الذين قاموا بزيارته "مما يدل على أن الادعاءات المنشورة ما هي إلا افتراء وبهتان". ولم تعلن المندوبية حتى الآن عن هوية المحامين الذين قالت إنهم التقوا السجناء، وتشكك العائلات في صحة حدوث هذا اللقاء.
وكانت مندوبية السجون قد أعلنت صباح اليوم الاثنين، اتخاذها قرارات عقابية صارمة في حق قادة الاحتجاجات التي شهدها المغرب، قبل عامين، والمعروفة بـ"حراك الريف"، وذلك بعد أحداث العنف التي شهدها السجن الذي يمكثون فيه، إثر تسريب تسجيل صوتي لقائدهم ناصر الزفزافي.
وأشار بيان صادر عن المندوبية، إلى ما قال إنّه "قيام مجموعة من السجناء على خلفية أحداث الحسيمة بالتمرد والتنطع في وجه الموظفين والاعتداء عليهم ورفض تنفيذ الأوامر"، والذي اتخذت المندوبية على إثره "قرارات عقابية" في حق هؤلاء السجناء.
وتتمثل هذه القرارات، بترحيل هؤلاء السجناء وتوزيعهم على سجون متفرقة، "ووضعهم في زنازين التأديب الانفرادية، ومنعهم من الزيارة العائلية، ومن التواصل عبر الهاتف لمدة 45 يوماً، وذلك تطبيقاً للقانون وحفاظاً على أمن المؤسسة وسلامة نزلائها".
وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون، قد سارعت، بعد يوم واحد، من التسجيل الصوتي المنسوب إلى الزفزافي، الذي نُشر عبر صفحة على موقع "فيسبوك"، الخميس الماضي، إلى إقالة مدير السجن الذي يقضي فيه الزفزافي عقوبته المتمثلة في 20 سنة سجناً.
التسجيل المطوّل مدته ساعة و26 دقيقة، والذي جرى تداوله على نطاق واسع، صباح الخميس الماضي، هو الأول من نوعه لناصر الزفزافي منذ اعتقاله قبل عامين ونصف.
وجدّد قائد الحراك في هذا التسجيل تأكيد مواقفه الخاصة باعتبار منطقة الريف شمالي المغرب، "ضحية لظلم تاريخي من جانب السلطات"، وتبرأ فيه بالمقابل من حادث حرق العلم المغربي الذي شهدته مسيرة احتجاجية، نُظمت يوم السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في العاصمة الفرنسية باريس، بدعوة من السجناء.