ومن الواضح أن شيئاً من الطبيعة الملازمة للاستعمار الأجنبي ترافق إسرائيل حتى يومنا، منذ هللت في العام 1953 لإسقاط رئيس الوزراء الإيراني الدكتور محمد مصدق والانقلاب عليه. كما استغلت الثورة الجزائرية لدعم فرنسا في الجزائر كي تحسن مواقعها في المنطقة ومضت في تآمرها مع كل من فرنسا وبريطانيا في العدوان الثلاثي لإسقاط ثورة يوليو/ تموز عام 1956.
مسلسل التدخل الإسرائيلي وزرع عدم الاستقرار وهز الاستقرار السلمي الأهلي الداخلي في الوطن العربي حمل أشكالاً مختلفة: في العراق تمثل هذا الدور بدعم وتدريب المعارضة الكردية لإضعاف العراق في عهد صدام حسين. وفي لبنان حاولت التحالف مع أطراف محلية وتفكيكه لدويلات بما يخدم مصالحها.
في السودان دعمت ودربت جماعات جون قرنق في جنوب السودان، ثم سارعت لتكون أولى الدول المعترفة بدولة جنوب السودان.
هذه الحالات على سبيل المثال لا الحصر تمثل تطبيقاً عملياً على محك الممارسة لمنطق الاستعمار الذي تمثله دولة الاحتلال، وهو منطق لم يقفز بالمناسبة عن السعودية والتحريض عليها في عهد المحافظين الجدد، ووصفها بأنها مملكة الظلام.
وفي العقد الأخير، تستغل إسرائيل، سواء كان على رأسها نتنياهو، أم من سبقه بين أعوام 2003 - 2009، كل حالة خلاف دولي مع إيران، ومشروعها النووي، لمحاولة جني مزيد من المكاسب التي تبقي إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة ذات القوة النووية دون التورع عن تنفيذ عمليات داخل إيران نفسها.
ومع أن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران وفرض مزيد من العقوبات عليها، كان تجاوباً أميركياً مع موقف دولة الاحتلال ورئيس حكومتها نتنياهو، إلا أن إسرائيل تحاول اصطناع الخوف والتوجس من أن تقوم إيران رداً على هجوم أميركي بإقحام دولة الاحتلال في الأزمة الحالية بين إيران والولايات المتحدة، وكأنها بريئة من تصعيد الأزمة وإذكاء نيرانها براءة الذئب من دم يوسف.