الأردن: اعتقالات جديدة للنشطاء.. واتهام للسلطات بـ"الاستخدام المفرط للقوة" ضد المتظاهرين

28 نوفمبر 2019
استهداف قادة المظاهرات والمشاركين (أحمد غربلي/فرانس برس)
+ الخط -
أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، أن السلطات الأردنية اعتقلت سبعة نشطاء، على الأقل، منذ سبتمبر/أيلول، وأنها تسعى إلى الحد من احتجاجات العام 2019 على سياسات التقشف عن طريق استهداف قادة المظاهرات والمشاركين وغيرهم من المنتقدين بالمضايقة والاعتقال.

وأشار تقرير للمنظمة إلى أن معظم المحتجزين يواجهون اتهامات تتعلق بمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر مشاركتهم في المظاهرات أو انتقاد قيادة البلاد. 

ويحظر قانون العقوبات الأردني "إطالة اللسان" على الملك، أو الملكة، أو ولي العهد، أو أحد "أوصياء العرش". تتهم السلطات نشطاء آخرين بـ"التحريض على تقويض نظام الحكم"، وهي جريمة تصنف على أنها إرهابية وتخضع لاختصاص "محكمة أمن الدولة".

في 13 أكتوبر/تشرين الأول، احتجزت السلطات مؤيد المجالي (47 عاما)، وهو موظف في وزارة العدل وباحث مستقل كان يبحث في ممتلكات للدولة مسجلة باسم الملك. 

في يوليو/تموز، قدم المجالي طلب حق الحصول على المعلومات إلى مكتب رئيس الوزراء، الذي رفض الطلب.


وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، بدأت مجموعة من الأردنيين العاطلين من العمل في مدينة الكرك، جنوب المملكة، اعتصاما مفتوحا أمام مبنى المحافظة. وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقلت السلطات مشاركا في الاعتصام، يدعى خالد الصرايرة (23 عاما)، وناشطين آخرين، لعدم حملهم بطاقات الهوية. 

في 25 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقل عناصر من "الأمن الوقائي" ناشطا آخر، هو علاء ملكاوي (34 عاما)، بينما كان متوجها إلى مظاهرة مقررة في الدوار الرابع في عمان، بجانب مبنى رئاسة الوزراء.

كما احتجزت السلطات أربعة نشطاء ينتمون إلى حراك بني حسن، وهو تحالف نظمته إحدى أكبر العشائر في البلاد مطالبة بإصلاحات سياسية. في الأشهر الأخيرة، نظم حراك بني حسن مظاهرات في محافظات مختلفة، لكنه انضم أيضا إلى المظاهرات الأسبوعية أمام مكتب رئيس الوزراء في عمان.

وقال شاهد لـ"هيومن رايتس ووتش"، إن أحد أعضاء الحراك، هو هشام السراحين (50 عاما)، اعتُقل في 25 أكتوبر/تشرين الأول عندما أغلق حوالي 50 شرطيا بالزي الرسمي وعناصر بملابس مدنية الطريق لإيقاف السيارة التي كان يستقلها.

وقال ناشط للمنظمة إن السلطات اعتقلت عضوا آخر في الحراك، هو خالد الخلايلة (53 عاما)، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني بعد تنظيمه مظاهرة سلمية أمام مبنى محافظة الزرقاء للمطالبة بالإفراج عن الرجلين. أمر المدعي العام باحتجازه لأسبوعين بسبب "إطالة اللسان" على الملك والملكة، وما زال محتجزا قيد التحقيق.

قال أحد أفراد عائلة عضو رابع في الحراك، هو عبد الرحمن الشديفات (30 عاما)، لـ"هيومن رايتس ووتش"، إن السلطات اعتقلته في 10 نوفمبر/تشرين الثاني بعد انتهائه من مقابلة عمل في المفرق. وظل مكان الشديفات مجهولا حتى 15 نوفمبر، عندما تمكنت عائلته من زيارته في سجن "باب الهوى" في إربد.

ويخضع عبد الكريم الشريدة (52 عاما)، وهو محام ورئيس منظمة غير حكومية محلية، حاليا للمحاكمة بسبب إطالة اللسان على الملك. 

اتهام باستخدام القوة المفرطة

وعلى صعيد متصل، اتهم تقرير حقوقي أردني سلطات إنفاذ القانون بالاستمرار في استخدام القوة المفرطة في عمليات إلقاء القبض على المتهمين، وفي فض الاعتصامات السلمية، إضافة إلى المعاملة المهينة للأشخاص، واحتجازهم لفترات زمنية دون توجيه أي تهم لهم.

وأطلق مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، اليوم الخميس، تقريره السنوي الثالث حول التعذيب في الأردن، مشيرا إلى استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب، لافتا إلى أن قانون العفو العام ساهم في إفلات مرتكبي التعذيب من الملاحقة على أثر صدور العفو.

وقال رئيس المركز عاصم ربابعة إن الكثير من حالات التعذيب لا يؤتى على ذكرها، ذلك أن الناجين من التعذيب غالباً لا يتحدثون عن مصابهم، إذ ينتابهم أحيانا الشعور بالخزي حيال الطريقة التي تم استجوابهم بها، أو الخوف من الإفصاح عن بعض ممارسات التعذيب التي ارتكبت بحقهم، ويبقى خوفهم الأكبر من ممارسات غير قانونية قد تلحق بهم من موظفي إنفاذ القانون هو العائق الرئيس أمام الإعلان وتقديم الشكاوى عن تعرضهم للتعذيب أثناء احتجازهم في مرحلة التحقيق الأولي، إضافة إلى فقدان الثقة بفاعلية الجهات المختصة بتلقي الشكاوى وتحريكها.


وأضاف أنه "نظراً لصعوبة تلقي بلاغات التعذيب، وعدم السماح لأي من مؤسسات المجتمع المدني بإجراء زیارات ذات طبيعة رصدية لأي من مراكز التأهيل أو الاحتجاز المؤقت (النظارات)، نخلص إلى أن هذا التقرير لا يمثل مسحا واقعياً لجريمة التعذيب في الأردن".

ولفت التقرير إلى استمرار التوسع في حالات التوقيف الإداري، واستخدام أوامر الإعادة دون وجود أي ضوابط قانونية أو تشريعية، وإخضاعها بشكل لافت لمزاجية أفراد الأمن العام.

وطالب التقرير بإخضاع القادة وغيرهم من كبار المسؤولين للمساءلة شخصيا في حال تقصير مرؤوسيهم في منع التعذيب أو سوء المعاملة.

وأوصى التقرير بمراجعة الأنظمة والتعليمات التي تحكم السجون ومراكز التوقيف، للحد من سلطة جهات التحقيق، وكذلك بالسماح بإجراء زيارات دورية لمراكز الإصلاح والتأهيل من قبل مؤسسات المجتمع المدني. 

وأكد التقرير ضرورة وضع حد للتعذيب، ووقف جميع الممارسات غير القانونية التي تضفي الحصانة على من يرتكب هذه الجريمة، مشدّدا في السياق ذاته على "وجوب أن يلقى الناجون من التعذيب اعترافاً بمعاناتهم، وتمكينهم من الوصول إلى سبل الإنصاف القضائية الفعالة، التي يستحقونها، ليمضوا قدماً في حياتهم بطريقة تحفظ لهم كرامتهم الإنسانية".