ليبيا بين تصعيد حفتر وتهدئة مجلس النواب المنحل

ليبيا بين تصعيد حفتر وتهدئة مجلس النواب المنحل

08 يناير 2015
تصعيد من قِبل قوات حفتر (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
تذرّع وزير الداخلية في الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب المنحل، عمر السنكي، بالدواعي الأمنية لإصدار قرار حظر بموجبه دخول حاملي الجنسيات الفلسطينية والسورية والسودانية إلى ليبيا، إضافة إلى اشتراط الموافقة الأمنية المسبقة لحاملي الجنسية المالطية.

وقالت وزارة الداخلية في الحكومة التي يرأسها عبد الله الثني إن معلومات مؤكدة لديها أفادت بأن حاملي الجنسيات السودانية والفلسطينية والسورية يشاركون في العمليات العسكرية لـ"الجماعات الإرهابية" ضد قوات مَن وصفتهم بالجيش الليبي.

من جهتها ألغت شركة الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى مطار مصراتة الدولي، شرقي العاصمة الليبية طرابلس، بسبب دواعٍ أمنية، خصوصاً بعد تهديد رئاسة أركان القوات الجوية التبعة للواء المتقاعد خليفة حفتر بضرب أي طائرة تركية أو سودانية، مدنية أو عسكرية، تحاول دخول الأجواء الليبية.

ويلاحظ المتابعون أن الحلف، الذي يضم مجلس النواب الليبي المنحل، وحكومة الثني والعسكريين الموالين لحفتر، لا يصدر قراراته بالتنسيق بين هذه المكونات الثلاثة. وما الدليل على ذلك، سوى أن هذا التصعيد صدر في الوقت الذي بدأت تنفتح فيه دبلوماسية حكومة الثني على بعض الدول التي كانت تعتبرها "معادية" لها كدولة قطر، خصوصاً بعد زيارة وزير خارجية هذه الحكومة، محمد الدايري، إلى الدوحة ولقائه بوزير الخارجية القطري، خالد العطية، للتباحث حول سبل إنجاح حوار أطراف الأزمة الليبية برعاية الأمم المتحدة، وانضمام قطر إلى عملية التسوية السياسية الإقليمية في ليبيا، والتصريحات الإيجابية لرئيس مجلس النواب الليبي المنحل، عقيلة صالح، حول ضرورة التمسك بالخيارات السياسية لحل الأزمة الليبية وتجنب الحل العسكري.

ويأتي هذا التصعيد ضمن سياق أمني، في أحد درجاته، وفي إطار المكيدة السياسية في درجة أخرى، إذ إنه لا يمكن، بحسب بعض المراقبين، فهم سياق اشتراط الموافقة الأمنية المسبقة كشرط لدخول المواطنين من حاملي الجنسية المالطية، وخصوصاً أن سفارة ليبيا في دولة مالطا تعاني صراعاً حاداً بين سفيرين، أحدهما تابع لحكومة الثني، والآخر تابع لحكومة عمر الحاسي، ولم تتدخل السلطات المالطية لحسم هذا الصراع. وتتجلى أدق صورة للصراع في السفارة الليبية بمالطا حول مَن يمنح تأشيرة الدخول لليبيا للمتقدمين لها من المالطيين.

كما أن تهديد رئاسة أركان القوات الجوية الموالية لحفتر للطائرات التابعة للخطوط الجوية التركية والسودانية يأتي ضمن إطار الضغط السياسي، إذ إن حكومة الثني ومجلس النواب الليبي المنحل يضغطان على الحكومة السودانية المتهمة من قبلهما بتزويد قوات فجر ليبيا بأسلحة ومعدات عسكرية، والحكومة التركية التي يُقال إن هاربين كثر من قوات حفتر في شرق ليبيا يلجأون إليها، وتستقبل مستشفياتها جرحى العمليات العسكرية في بنغازي وطرابلس من المعارضين لـ"عملية الكرامة".

أما محاولات عقلنة الخطاب السياسي الذي يتبناه مجلس النواب وبعض أطراف حكومة الثني، يقابلها تصعيد من الجناح الأمني في الحكومة والعسكريين التابعين لـ"عملية الكرامة" بقيادة حفتر، وهو ما يعتبره مراقبون تخبّطاً بسبب ما يبدو خلافاً إقليمياً حول الأزمة الليبية.

كما أن السياسات التصعيدية التي يتخذها العسكريون والأمنيون تتميّز بالانتقائية، فمثلاً لم يشمل هذا القرار الجزائر، وهي دولة لديها مقاتلون على الأراضي الليبية تابعون لتنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش).

ولا تخلو هذه القرارات من رسائل سياسية يبثها مجلس النواب الليبي للدول المشمولة به، إلا أن نطاق تنفيذها المكاني ضيق جداً، إذ لا يسيطر جناح مجلس النواب الليبي المنحل، وحكومة الثني، وحفتر، إلا على مطاري "الأبرق"، و"طبرق" ومنفذ "امساعد" البري، أما باقي المطارات والموانئ والمنافذ البرية فهي خارج سيطرة هذا الجناح.

المساهمون