الألغام في أفغانستان تقتل طفلاً كل يومين

24 مايو 2024
خلال العمل على إزالة الألغام في أفغانستان في مايو الجاري (واكيل كوهسار/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أفغانستان تعاني من خطر الألغام المتبقية من أربعة عقود من الحروب، مع تأثير مدمر خاصة على الأطفال الذين يشكلون 82% من الضحايا، حيث يُقتل طفل كل يومين.
- جهود إزالة الألغام تواجه تحديات كبيرة بما في ذلك نقص التمويل والدعم الدولي، مع تقلص عدد العاملين من 15500 في 2011 إلى 3000 حاليًا، مما يعيق التقدم ويزيد من المخاطر.
- الأطفال معرضون بشكل خاص لخطر الألغام أثناء اللعب أو جمع المعادن، مع حوادث مأساوية ناتجة عن جذبهم لألوان وأشكال الألغام، مما يستدعي تعزيز الجهود الدولية لحماية الأرواح ودعم إزالة الألغام.

يُقتل طفل كل يومين بسبب الألغام في أفغانستان. فبعد أكثر من 40 عاماً من الحروب، يهدد الخطر الأفغان في الحقول والمدارس والطرق في كل أنحاء البلاد. وفي ولاية غزنة في شرق أفغانستان، تجمّع أطفال حول حفرة خلّفها تفجير لغم، بعدما تبدّد الدخان الأسود الناجم عنه. كان اللغم المضاد للدبابات مزروعاً على بعد 100 متر من قرية قاش قلعة في الولاية، ويعود إلى فترة الغزو السوفييتي (1979-1989).

وتشكل هذه الانفجارات إحدى أدوات الموت في أفغانستان والأطفال ضحاياها بشكل رئيسي. وقام خبراء في مجال إزالة الألغام تابعون لمنظمة "هالو تراست" (Halo Trust) البريطانية بحفر الأرض من حول اللغم بحذر وتفجيره. لكن قبل أن يُسمع دوي التفجير على بعد ثلاثة كيلومترات، أتى أحد أفراد حركة طالبان على متن دراجة نارية غاضباً. وقال: "أعطوني هذا اللغم!، سأبقيه بأمان في منزلي. يمكننا استخدامه لاحقاً (عندما) يتم احتلال أفغانستان مرة أخرى".

وأصرّ على مطلبه قائلاً إن اللغم "ليس بهذه الخطورة لأنه لم ينفجر طوال هذه السنوات"، قبل أن يطرده العاملون في الموقع. وأكد رئيس قسم الألغام في بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، نيك بوند، أن حكومة طالبان "تدعم بشكل كامل عملية إزالة الألغام وتريدها أن تمضي قدماً".

نقص التمويل.. يؤخّر إزالة الألغام في أفغانستان

بدأت عمليات إزالة ألغام أفغانستان عام 1988. ولكن مع تواصل النزاعات استمر زرعها في كل أنحاء البلاد. وقال بوند: "يكاد يكون من المستحيل حالياً معرفة" نسبة انتشار الألغام التي يشكل الأطفال 82 في المائة من ضحاياها إذ تسبّب مقتلهم أو إصابتهم بجروح. ولقي طفلان حتفهما في نهاية إبريل/ نيسان في قرية نوكورداك الهادئة الواقعة في وادٍ ريفي.

وروت شاوو، والدة الفتى الراحل جاويد بينما كان أطفالها الآخرون ملتصقين بها، أن ابنها البالغ من العمر 14 عاماً قتل "في حقل قرب المنزل بعدما رمى حجراً على لغم غير منفجر، ثم رمى حجراً ثانيا وثالثاً فانفجر"، وقضى على الفور مع صديقه ساخي داد البالغ من العمر 14 عاماً أيضاً. وقال شقيق الأخير محمد ذاكر، الذي يبلغ من العمر 18 عاماً: "لطالما أكد الناس أن هناك ذخائر في المنطقة، لكننا لم نتعرض لحادث كهذا في القرية من قبل". أضاف: "لم يأت أحد ليحذرنا من الخطر الذي يهدد الأطفال".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفي قرية باتاناي على بعد 50 كيلومتراً، نجا سيّد (13 عاماً) من حادث أودى بحياة شقيقه طه (11 عاماً) في نهاية شهر إبريل/ نيسان الماضي بينما كانا يرعيان الماشية. وروى سيّد الذي لُفّت إحدى يديه وإحدى رجليه بضمادات "انتزعتُ الذخيرة من يديه ثلاثاً أو أربع مرات. كنت أصرخ، لكنه ركلني ورماها على صخرة". وتوفي طه أثناء نقله إلى كابول. وقال والدهما سراج أحمد ذو اللحية الرمادية الطويلة: "شهدنا حوادث كثيرة مماثلة"، مضيفاً: "غداً قد يقتل ابن شخص آخر أو يصاب بإعاقة. نطلب من الحكومة إزالة الألغام".

أفغانستان (واكيل كوهسار/ فرانس برس)
بدأت عمليات إزالة الألغام في أفغانستان عام 1988(واكيل كوهسار/ فرانس برس)

من جهته، أعلن زابتو ميار من منظمة هالو أنها تعاني "نقص التمويل"، لذلك يقوم العمال بإزالة الألغام من قطعة أرض تلو الأخرى بحسب نسبة التبرعات الآتية من الخارج. وقال بوند إنه "في العام 2011 تقريباً، كان 15500 شخص يعملون في إزالة الألغام، ويبلغ عدد هؤلاء حالياً 3 آلاف". ومن بين الأسباب، نشوء أزمات أخرى في أماكن أخرى مثل أوكرانيا أو غزة، وتشكيل حركة طالبان في عام 2021 حكومة لا تعترف بها أي دولة.

ألوان جميلة

ينتظر محمد حسن، مدير المدرسة في قرية ده قاضي، خبراء إزالة ألغام أفغانستان بفارغ الصبر، مؤكداً أنه "حتى في ساحة المدرسة توجد ذخائر غير منفجرة وألغام مضادة للدبابات وللأفراد". وقال: "لا يمكننا حتى زراعة شجرة، فإحضار جرار أو آلات أخرى أمر خطير جداً". خلال الفصل الدراسي، يتلقى الأطفال الذين يجلسون متربعين دروساً وقائية. وعُلّقت على حائط صور ألغام وذخائر بكل الأشكال والألوان. وقال جميل حسن (12 عاماً) متباهياً: "قبل ستة أشهر، شاهدت صاروخاً بينما كنت أتنزه مع أصدقائي، وأبلغنا أشخاصاً من كبار السن على الفور فاتصلوا بخبراء في إزالة الألغام".

وقال بوند: "تحدث غالبية الحوادث بسبب لعب الأطفال بالألغام". ولفت إلى لغم الفراشة السوفييتي (بي اف ام-1)، على سبيل المثال، إذ يضم جناحين ما يجعله "جذاباً جداً" للأطفال "فيلتقطونه". وأكد سيّد حسن ميار من منظمة "هالو" أن "معظم الألغام ألوانها جميلة تجذب الأطفال".

ويُقتل أطفال أيضاً أثناء جمع المعادن. وقال زابتو ميار: "بعد الحروب، ازدادت نسبة الفقر إلى حد كبير وبدأ الناس بحفر مواقع للعثور على ذخائر" وإعادة بيع معدنها. وأوضح أن "الأخطر هي قذائف حلف شمال الأطلسي بعيار 40 ملم" التي تم نشرها في أفغانستان بين عامي 2001 و2021. وأكد أن "لها رؤوساً صفراء يظن الأطفال أنها ذهب ويحاولون سحبها". ويهدد الخطر أيضاً العاملين في مجال إزالة الألغام، فقد قُتل رجلان من هالو في مطلع شهر مايو/ أيار الجاري. وقال زابتو ميار: "في كثير من الأحيان، قبل أن أذهب لإزالة الألغام، أجمع عائلتي وأقول لأفرادها إنني أحبهم، فربما يقع حادث ما". 

(فرانس برس)

المساهمون