البرلمان الشبابي الفلسطيني للمياه: حرمان غزة من الماء جريمة حرب

البرلمان الشبابي الفلسطيني للمياه: حرمان غزة من الماء جريمة حرب

18 نوفمبر 2023
جميع سكان قطاع غزة يعانون من نقص المياه (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -

يؤكد مسؤول البرلمان الفلسطيني الشبابي للمياه، أحمد البرعي، أنّ نقص المياه الحاد في قطاع غزة يشكّل أكبر كارثة تهدّد النازحين والناجين من القصف الإسرائيلي، وأن الاحتلال يركّز هجماته على محطات معالجة المياه ومحطات التحلية وعلى الخزانات والآبار في عملية مبرمجة لإجبار الصامدين في شمال قطاع غزة على النزوح، ما يؤدّي إلى تهجير قسري وتطهير عرقي.
ويوضح الناشط الفلسطيني، لـ"العربي الجديد"، أن "البرلمان الفلسطيني الشبابي للمياه الذي تأسّس بهدف التوعية حول قضايا المياه، يضمّ مائة شاب وشابة من قطاع غزة والضفة الغربية، ويعمل ضمن إطار البرلمان العالمي الشبابي للمياه، والذي ينضوي تحت لوائه ممثلّو قرابة 80 دولة. الوضع في غزة كارثي، فالمياه الصالحة للشرب مفقودة بنسبة تزيد عن 90 في المائة بعد أن كان القطاع ينعم بشبه اكتفاء من المياه، وهناك نقص حاد في المياه عموماً، ومياه الشرب بشكل خاص، ولا كهرباء، ولا غذاء، ولا أدوية، والقصف لا يتوقف".
وتابع: "بعد أن كان معظم سكان شمال غزة يرفضون فكرة النزوح من منطلق أنّهم لا يريدون اختبار نكبة ثانية، شهدنا خلال الأيام الماضية ارتفاعاً كبيراً في أعداد النازحين القادمين من الشمال إلى الجنوب، وقد أجبرتهم إسرائيل على النزوح سيراً على الأقدام، وبات على المواطن الغزّاوي الاختيار ما بين الموت تحت القصف بأطنان المتفجرات والغارات الغادرة، أو الموت من الجوع والعطش".
نزح الناشط الفلسطيني أحمد البرعي من شمالي القطاع إلى جنوبه بعد اشتداد القصف، وهو مساعد منسق شبكة "شباب المتوسط للمياه"، وعضو في "مبادرة السلام الأزرق" العالمية للحفاظ على المياه، ويلفت إلى أن "مناطق الشمال لم تسلم من القصف رغم نزوح العديد من أهلها، كما يستهدف الاحتلال محطات المياه والآبار، خصوصاً في محيط المستشفى الإندونيسي، واستهدف خزان تل الزعتر، وآبار شمالي غزة التي كانت تخدم أكثر من 70 ألف نسمة، في تصويب مباشر على هذا المورد الحيوي، وقد وثّقنا كميات هائلة من المياه المتدفقة في الشوارع، والتي ذهبت هدراً في حين يقاسي أهلنا الأمرّين للحصول على نقطة مياه".

الصورة
الحصول على المياه أزمة كبيرة في غزة (عابد زقوت/الأناضول)
الحصول على المياه أزمة كبيرة في غزة (عابد زقوت/الأناضول)

ويحذّر البرعي من خطورة الوضع الراهن، مؤكداً أن "المياه إحدى أساسيات الحياة، ونقف قرابة خمس ساعات لتحصيل مياه صالحة للشرب في جنوب القطاع، وأحياناً لا نُوفّق، إذ يفرغ الخزان بسبب التزاحم، والطوابير تمتد لشارعين للحصول على رغيف خبز، وقد لا نحصل عليه. حالة الجوع كارثية، وتُمارس علينا حرب تجويع وتعطيش، ما يؤدي إلى إبادة جماعية. مجرد النظر إلى وجوه الناس يكفي لنقل حجم الوجع والمعاناة، فلا مياه ولا خبز، ولا مكان آمن، حتى أن مراكز الإيواء غير آمنة".
وأشار إلى أن "اكتظاظ النازحين في جنوبي القطاع أدّى إلى استنزاف المياه لتتحوّل إلى أزمة حقيقية، وأصبح تحصيل المياه حاجة ملحّة بغض النظر عن جودتها وسلامتها، إذ يلجأ النازحون إلى أي مياه متوافرة من أجل الارتواء من دون التأكد ما إذا كانت صالحة للاستعمال، ما يؤدي إلى زيادة الأمراض المنقولة عبر المياه، لا سيما بعد توقف محطات معالجة المياه، ونلاحظ زيادة حالات الإسهال في المخيمات، ونخشى من تفشي أمراض مثل الكوليرا، كما أن هناك معاناة كبيرة يعيشها مرضى غسيل الكلى مع انقطاع المياه، وكذا المصابين بالأورام السرطانية، والذين لم يبقَ أمامهم سوى انتظار مصيرهم، وكانت بلديات القطاع تجمع النفايات وتتخلص منها، لكن بعد الاستهداف الإسرائيلي أصبحت النفايات تتكدّس بكميات كبيرة، ما أدّى إلى انتشار البعوض والروائح الكريهة".
ويتابع: "كميات المياه التي تدخل من خلال شاحنات المساعدات والمؤسسات الدولية قليلة، ولا تكفي أبداً، والتقارير توضح أنها تتيح ما يعادل نصف ليتر من المياه لكل فرد، وشريحة كبيرة من النازحين القريبين من الشاطئ يعتمدون على مياه البحر الملوّثة أصلاً بمياه الصرف الصحي في الاستحمام وغسل الملابس، حتى أن البعض يضيفون إليها السكر ليتمكّنوا من شربها".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويكشف أن دور البرلمان الفلسطيني الشبابي للمياه يتمثل بالأساس في "نقل معاناة أهالي غزة، وتوثيقها ونشرها، وذلك من أجل تشكيل قوة ضغط للتنبيه إلى أن قطع المياه جريمة حرب يمنعها القانون الدولي. تدنّت حصة الفرد من المياه الصالحة للشرب بشكل خطير، ولا يمكن أن نغفل تأثير ذلك على الصحة، وعلى النظافة الشخصية، واحتياجات الأطفال والرضّع".

وأوضح البرعي أن البرلمان يُعتبر حراكاً شبابيّاً، وليس منظمة قادرة على تأمين المياه، ولذلك يسعى لنشر الوعي حول الحق في المياه، وهو حق شرعي يحرم منه سكان القطاع، وقد تواصلنا مع شبكة شباب المتوسط، ومع شركاء البرلمان الفلسطيني الشبابي، والبرلمان العالمي الشبابي، والشبكات الحقوقية العاملة في مجال المياه من أجل إطلاق الضغط للمطالبة بحقنا في المياه، والتنديد باستخدام المياه كسلاح باعتبار ذلك جريمة حرب. "تمكّنا من التواصل مع أفراد ومؤسّسات مهتمة بدعم غزة، وجمع التبرعات لإغاثة الفلسطينيين، وطرح قضية الحرمان من المياه على المستوى الدولي، ونعمل على فضح الصورة الفاشية للمحتل الغاصب، وتسليط الضوء على معاناتنا الإنسانية المتفاقمة".
ويضيف: "من منطلق عملنا تحت مظلة (الأمانة الدولية للمياه)، والتي تتّخذ من كندا وفرنسا مقراً لها، نشدد على أن مناصرة هذين البلدين للاحتلال الإسرائيلي لا علاقة له بعمل الأمانة، حالها حال العديد من المنظمات الدولية التي تعمل بشكل مستقل عن سياسة بلد المقر".

المساهمون