العراق: تحقيق حكومي في تعذيب شاب وبتر أصابعه داخل السجن

العراق: تحقيق حكومي في انتزاع اعترافات سجين تحت التعذيب وبتر أصابعه

15 نوفمبر 2022
90 بالمائة من المعتقلين في العراق خضعوا للتعذيب الممنهج (أرشيف/Getty)
+ الخط -

بعد أيام من قرار لرئيس الوزراء العراقي تضمن فتح ملف جرائم التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة داخل السجون، شرعت السلطات العراقية، في بغداد، بالتحقيق في حادثة تعذيب شاب بأحد سجون وزارة الداخلية بمحافظة كركوك شمالي البلاد، أسفرت عن بتر في كفيه وأضرار في الجمجمة والظهر، وذلك بعد نشر صور للضحية الذي ناشد إنصافه.

وقال بيان مقتضب لرئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، إنّ الأخير وجّه مستشاره لحقوق الإنسان بمتابعة تعرّض مواطن للتعذيب في الحجز بمحافظة كركوك.

لكن مسؤولاً مقرّباً من السوداني أكد لـ"العربي الجديد"، أنّ وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري، وجّه، منذ مساء أمس الإثنين، بفتح تحقيق واسع في الحادث الذي اعتبره "جريمة". وقال إنّ الضحية ثبتت براءته من التهم المنسوبة إليه، وأنّ الضباط أخذوا اعترافات منه بالقوة وأجبروه على التوقيع عليها، مضيفاً أنّ التقرير الطبي يشير إلى تعرّض الضحية للتعذيب بالصعق عبر الكهرباء، وحبس الدم بالأطراف والكي.

من جانبه، قال الضحية حسن محمد أسود 30 عاماً، في اتصال هاتفي، لـ"العربي الجديد"، إنه تعرّض للتعذيب على مدى 37 يوماً، وبعد بدء تآكل أطراف أصابعه واسوداد بعضها جرى نقله إلى المستشفى الحكومي في كركوك، وعلم أنّ القضاء أصدر أمراً ببراءته وتفنيد الاعترافات التي وقّع عليها وأنها جاهزة بضغط من الضباط، مضيفاً أنّ هناك ضغوطاً من قبل الضباط وأطراف مقرّبة منهم للتنازل عن الشكوى لقاء منح مبلغ مالي، و"هو ما أرفضه".

وتابع "شجّعني قرار رئيس الحكومة الجديد محمد شياع السوداني في التواصل مع وسائل الإعلام والتحدث عن حالتي، رغم أنها منذ أشهر عدة تراوح مكانها".

وقال والد الضحية محمد أسود (65 عاماً) لـ"العربي الجديد"، إنّ ابنه لا يستطيع الأكل ولا الشرب ولا تنظيف نفسه إلا بمساعدة، معتبراً أنّ ما حدث لولده "لا يمكن اعتباره عملاً فردياً كونه شائعاً بالسجون".

واعتقل الشاب في سبتمبر/ أيلول 2021، بتهمة الإرهاب، وظل في السجن وفي المستشفى تحت الحراسة لستة أشهر، قبل أن تقضي المحكمة ببراءته. أعاد الضحية فتح قضيته بعد توجيه رئيس الحكومة الجديد بفتح تحقيق في قضايا التعذيب، الجمعة الماضي.

والجمعة الماضي، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، بياناً قال فيه إنه "بناء على توجيهات السوداني، ولأهمية توفير جميع الضمانات القانونية للمتهم أثناء مراحل التحقيق، ومنها عدم انتزاع الاعترافات منه بالإكراه أو قسراً، وفقاً لما جاء بالدستور، نهيب بمَن تعرّض لأي صورة من صور التعذيب، أو الانتزاع القسري للاعترافات، تقديم شكواه إلى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، معززةً بالأدلة الثبوتية".

وخصص السوداني بريداً إلكترونياً، للمستشار، وبريداً آخر للسكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة لاستقبال الشكاوى، مؤكداً أنّ "ذلك يأتي من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في العراق".

وخلال السنوات الماضية زُجّ بآلاف العراقيين داخل السجون، بسبب انتزاع الاعترافات تحت التعذيب الذي يتعرّض له المعتقلون.

رئيس مركز جرائم الحرب، أحد أبرز المنظمات الحقوقية في العاصمة بغداد، عمر الفرحان، علّق لـ "العربي الجديد" على القرار، قائلاً إنّ "عمليات إثبات التعذيب ليست بالمستحيلة، ولا سيما التعذيب النفسي وأثره على سلوك المعتقلين، وهناك العديد من الإجراءات التي تثبت وجود تعذيب بحق المعتقلين، فضلاً عن عملية مراجعة الشكوى وطرق التحقيق التي مر بها المعتقل، وهذا سيثبت بالحد الأدنى طرق التعذيب التي مر بها المعتقل".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وأضاف أنّ "مصادر حقوقية سابقة أشارت إلى أنّ 90% من المعتقلين في العراق خضعوا للتعذيب الممنهج، وقضوا في السجون بسبب وشاية المخبر السري الكاذبة. وهذا ما يستدعي أن تكون هناك عمليات تحقيق عالية المستوى بشأن هذه الاعتقالات وحالات التعذيب"، مبيناً "نحن في المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب لدينا الكثير من ملفات التعذيب الموثقة التي حصلنا عليها من أهالي المعتقلين، سواء الذين لا يزالون أحياء أم الذين قضوا تحت التعذيب".

واعتبر أنّ "خطوة السوداني بشأن ملف التعذيب في العراق خطوة مهمة، لكنها متأخرة جداً، وقد تكون خطوة استباقية لزيارة الأمم المتحدة للسجون العراقية لمعرفة أسباب التعذيب، وأيضاً هناك زيارة أخرى للجنة الإخفاء القسري، وقد يستعمل هذه الخطوة لإضفاء نوع من الشفافية لحكومته أمام الأمم المتحدة، وقد طالبنا في أوقات سابقة عندما كان السوداني وزيراً للعدل إعادة ملف المعتقلين والتعذيب". 

المساهمون