تونس: منظمات مدنية تتمسك بإقرار يوم وطني لمكافحة التعذيب

10 مايو 2023
التعذيب والإفلات من العقاب ممارسات شائعة في تونس (المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب)
+ الخط -

لا تزال منظمات مدنية تونسية تصرّ على المطالبة باعتماد يوم 8 مايو/ أيار من كل سنة يوماً وطنياً لمناهضة التعذيب، وذلك بعد أكثر من 20 عاماً من إطلاق هذه المبادرة عقب وفاة الناشط السياسي والنقابي نبيل بركاتي في اليوم نفسه من سنة 1987 تحت التعذيب في مركز أمني بمدينة قعفور من محافظة سليانة شمال غربي تونس.

واليوم الأربعاء، جدّدت منظمات مدنية مناهضة للتعذيب على غرار ائتلاف المنظمات المدافعة عن العدالة الانتقالية، والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب في مؤتمر صحافي مطلبها بإقرار يوم وطني لمكافحة التعذيب، في إطار خطة شاملة لكبح آلة التعذيب الرسمية والإفلات من العقاب، مُسجّلة تواصل هذه الممارسات خلال السنوات الماضية.

كذلك طالبت الجمعيات المدنية بملاءمة التشريعات والممارسات الرسمية للسلطة مع الاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها تونس بشأن مكافحة التعذيب، معتبرة أن البلاد لا تزال تعتمد سياسات تعذيب تعود جذورها إلى عهد البايات.

وقال عضو المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ورئيس منظمة الشهيد نبيل بركاتي، رضا بركاتي، إنّ "التعذيب في تونس لا يزال مستمرا"، مُسجّلا "تحوّل التعذيب الذي يمارسه الأمن على المواطنين في مراكز الشرطة إلى الشارع وهو ما تسبب في حالات وفاة لشباب في الملاعب والأحياء الشعبية".

وأكد بركاتي لـ"العربي الجديد"، أنّ" السلطات تصادق وتتبنى الاتفاقيات الدولية المناهضة للتعذيب، غير أنها تواصل ممارستها صلب مؤسساتها الرسمية ومن بينها مراكز الإيقاف والسجون".

وأضاف: "التعذيب والإفلات من العقاب ممارسات شائعة في تونس، وتشارك الدولة في تكريسها عبر مواصلة اعتماد قوانين لا توفر الحقوق الأساسية للمواطنين في مراكز الشرطة ومراكز الإيقاف والسجون".

واعتبر بركاتي أن" اكتظاظ السجون ومراكز الإيقاف ووضعيتها الماسة بكرامة البشر أبرز مظاهر التعذيب في تونس".

ولفت إلى أن" التعذيب والعنف البوليسي تحوّل خلال السنوات العشرة الماضية من داخل مراكز السلطة إلى الشوارع، ويستهدف بالأساس الفئات الهشة والفقراء وشباب الأحياء الشعبية" وفق قوله.

وأفاد: "بالرغم من مصادقة تونس سنة 2011 على الانضمام إلى البروتوكول الاختياري التابع لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة، فإنه لم يتم القطع مع ممارسة التعذيب، ويتواصل إفلات مرتكبيه من العقاب".

وطالب المتحدث بـ"ضرورة تحويل الاتفاقيات التي تصادق عليها تونس في هذا الغرض إلى ممارسة فعلية تحمي حقوق المواطنين من كل أشكال الانتهاكات، وعدم حماية الدولة لأعوانها المورطين في ارتكاب جرائم التعذيب".

وبعد يناير/ كانون الثاني 2011 تم الاعتراف الرسمي بالثامن من مايو/ أيار يوماً وطنياً لمناهضة التعذيب من قبل الرئيس السابق المنصف المرزوقي وجرى تأكيد ذلك من قبل الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي غير أنه لم يتم إقراره رسمياً.

وأدرج المُشرّع التونسي لأول مرة جريمة التعذيب في دستور عام 2014،ّ إذ نص الفصل 23 منه على أنه "تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد وتمنع التعذيب المعنوي والمادي ولا تسقط جريمة التعذيب بالتقادم"، وذلك تكريسا لسياسة الدولة في مناهضة التعذيب واحترام الكرامة الإنسانية التي سبق وأن تم تكريسها في التشريع التونسي.

ويعود أول تجريم للتعذيب للقانون في تونس إلى سنة 1999 حيث جرى إصدار قانون خصص قسما كاملا صلب المجلة الجزائية تحت عنوان "في تجاوز حد السلطة وفي عدم القيام بواجبات وظيفة عمومية"، تماشياً مع الاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب التي صادقت عليها تونس بموجب القانون المؤرخ في 23 سبتمبر/ أيلول 1988.

وقد سعت الدولة التونسية لمزيد من تأطير جريمة التعذيب بموجب المرسوم عدد 106 لسنة 2011 المؤرخ في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 المتعلق بتنقيح وإتمام المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية الذي أدرج جملة من الأحكام المتعلقة بتعريف جريمة التعذيب وحالات التشديد والتخفيف في عقوباتها.

المساهمون