كشفت مصادر أمنية عراقية وأخرى محلية في محافظة كركوك (250 كيلومترا شمال العاصمة العراقية بغداد)، عن فضيحة تعذيب جديدة في سجن تابع لاستخبارات الشرطة الاتحادية داخل المدينة، ضحيتها هذه المرة شاب في العقد الثالث من العمر، تسبّب التعذيب بقطع أصابع يديه وبضرر بالغ في مناطق حساسة من جسده.
يأتي هذا، بعد نحو أسبوع واحد على ما عُرف في العراق بـ"فضيحة سجين بابل"، الذي تعهّد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بمعاقبة المسؤولين عن تعذيبه وإجباره على الاعتراف بقتل زوجته التي تبيّن لاحقاً أنها على قيد الحياة.
وحصل "العربي الجديد" على معلومات بشأن ضحية التعذيب الجديدة في مدينة كركوك، وهو حسن محمد أسود، من مواليد العام 1993، وتمّ اعتقاله في شهر يونيو/حزيران الماضي، من قبل قوة تابعة لاستخبارات الشرطة الاتحادية من مكان عمله كحارس في شركة أهلية تدعى "النخيل"، بالمنطقة الصناعية التابعة لمدينة كركوك، بتهم تتعلق بالإرهاب، ليتبين لاحقاً أنّ الضحية اعتقل بسبب "تشابه أسماء".
وأسود يتلقى العلاج حالياً في مستشفى "آزادي"، وسط مدينة كركوك، بعدما جرى نقله إلى المستشفى وهو بحالة حرجة، بسبب التعذيب الذي تعرّض له داخل السجن، والذي أفضى إلى قطع أصابع يده اليسرى بينما تمّ قطع إصبع واحد من يده اليمنى. وحالياً يتجه الأطباء إلى قطع الأصابع المتبقية له بسبب الخوف من امتداد الضرر إلى باقي أجزاء الكفّ، فيما تعاني مناطق عدّة من جسده من جروح خطيرة وضرر في الجزء الخارجي من الرأس.
ويعتقد الأطباء أنه تعرّض للصعق بالكهرباء، ما أدّى إلى تضرّر أطراف اليد (الأصابع) وتيبّسها بصورة يصعب علاجها.
وقال والد الضحية محمد أسود، في حديث عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، إنّ نجله حسن "اعتُقل من مكان عمله كحارس في شركة أهلية بالمنطقة الصناعية، في شهر يونيو/حزيران الماضي، من قبل قوة تابعة لاستخبارات الشرطة الاتحادية، ونتيجة التعذيب تعرّض لإصابات أجبرت القوة التي تتولى اعتقاله على نقله للمستشفى وهو بحالة سيئة للغاية".
وتابع قائلاً إنّ "قاضي التحقيق حضر إلى المستشفى وعاين نجلي الموجود فيه تحت حراسة أمنية، بغية فتح تحقيق في حادثة التعذيب. لكن لغاية الآن لم يحصل شيء، وهناك محاولات لإجبارنا على السكوت مقابل ترضية مالية من قبل الضباط والمسؤولين عن الجريمة".
وأكّد أنّ "المتورطين بتعذيب نجلي هم كلّ من المقدم خليل والملازم أول محمد واثنين برتبة مفوض، وحالياً هناك محاولات للتكتم على الجريمة".
وتواصل "العربي الجديد" مع قائد الفرقة الخامسة في الشرطة الاتحادية بمحافظة كركوك، اللواء حيدر يوسف المطوري، للتعليق حول حادثة التعذيب الجديدة في كركوك، فقال إنه "لا علم لي بها".
وأضاف، في اتصال هاتفي، أنّ "هناك تضخيما لما يحدث في غرف التحقيقات من قبل جهات تسعى إلى إخافة المواطنين، لكن لا يمكن إنكار بعض الحالات الفردية التي تصدر عن ضباط ومنتسبين، وسرعان ما تتم إحالتهم للتحقيق ومعاقبتهم"، دون تقديم أي إيضاحات أخرى.
بدوره، قال "مركز جرائم الحرب" في العراق، وهو من المنظمات الحقوقية غير الحكومية، إنه وثّق جريمة تعذيب جديدة في محافظة كركوك لشاب معتقل داخل سجن يتبع لقوات استخبارات الشرطة الاتحادية في المدينة.
وذكر المركز، في بيان مقتضب له، أنّ "الضحية تعرّض للصعق الكهربائي خلال التعذيب ما أدى إلى تلف يديه".
وأكّد أنّ ذويه يتعرّضون للضغوط من قبل ضباط الشرطة لإجبارهم على السكوت وعدم الكشف عن الموضوع، مضيفاً أنّ المركز قلق على حياته كما على حياة أهله.
#توثيق تعذيب المعتقل (حسن محمد أسود) من قبل استخبارات الشرطة الاتحادية بالصعق الكهربائي مما أدى إلى تلف يديه، وحسن يعمل حارس ليلي في الحي الثناعي في مدينة كركوك، وتم تهديده إذا نشر عملية التعذيب بالقتل والتعرض إلى ذوية بالحبس والتعذيب. ويتخوف المركز على حياته وحياة أهله.#العراق pic.twitter.com/4fK7Hly2df
— مركز جرائم الحرب (@IWDCiraq) September 29, 2021
وأصدر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الأسبوع الماضي، بياناً أدان فيه فضيحة تعذيب مواطن في أحد سجون محافظة بابل وإجباره على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها، وهي قتل زوجته، التي تبين لاحقاً أنها على قيد الحياة وقد غادرت منزلها إلى منزل أحد أقاربها في مدينة أخرى بسبب مشاكل أسرية. وتعهّد الكاظمي بالتحقيق مع الضباط المتورطين بالجريمة، كما أكّد حق الضحية بالتعويض، مشدداً على أهمية ملف حقوق الإنسان داخل السجون.
وذكر مكتب الكاظمي أنه تقررت أيضاً "إحالة جميع المسؤولين إلى التحقيق بقدر تعلق الأمر بمسؤولياتهم الوظيفية المتصلة بتوجيه الاتهام للمواطن"، مؤكداً على "ضرورة الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان في جميع الإجراءات الحكومية".