عيد الميلاد في غزة على وقع قصف إسرائيلي عنيف ومن دون احتفالات

25 ديسمبر 2023
لحظة استهداف الاحتلال مجمّع دير اللاتين في مدينة غزة قبل أيام من عيد الميلاد (إكس)
+ الخط -

وسط واحدة من أعنف ليالي الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حلّت ليلة عيد الميلاد. ومن دون احتفالات، اكتفى المسيحيون بطقوس العيد الدينية دون سواها.

واحتفل المؤمنون المسيحيون في مدينة غزة بقداس منتصف ليلة 24-15 ديسمبر/ كانون الأول، في كنيسة العائلة المقدّسة بمجمّع دير اللاتين وسط المدينة المنكوبة، في حين غابت مظاهر الفرح المعتادة عن المشهد.

وكان مجمّع دير اللاتين في غزة، حيث تقع هذه الكنيسة، قد تعرّض إلى أكثر من استهداف إسرائيلي قبل أيام فقط من عيد الميلاد. فإلى جانب عمليات القنص التي أدّت إلى استشهاد مواطنتَين وإصابة عدد آخر من الفلسطينيين الذين نزحوا إلى المجمّع هرباً من القصف، استُهدف كذلك بقذائف خلّفت فيه أضراراً.

الصورة
حريق في مجمع دير اللاتين في غزة بعد قصف إسرائيلي (البطريركية اللاتينية - القدس)
حريق في مجمّع دير اللاتين في غزة بعد القصف الإسرائيلي الأخير الذي استهدفه (البطريركية اللاتينية - القدس)

وقضى فلسطينيو قطاع غزة ليلة الاثنين-الأحد على وقع قصف إسرائيلي مكثّف سواء بالغارات الجوية أو المدفعية، لا سيّما في مخيّمَي البريج والمغازي وسط القطاع، الأمر الذي أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بالإضافة إلى اندلاع حرائق في مصانع ومنازل لساعات عدّة وتسجيل دمار مادي هائل.

وقال الفلسطيني أنطوان عياد، أحد المشاركين في قداس الليلة الماضية، إنّ إحياء عيد الميلاد في غزة هذا العام "اقتصر على الطقوس الدينية فقط". أضاف لوكالة الأناضول أنّ "عيد ميلاد المسيح يمثّل فرحاً وسعادة لنا، لكنّ الوضع مختلف هذا العام، فنحن نعيش في أسوأ كارثة إنسانية ولدينا شهداء وجرحى ودمار في كنائسنا بسبب الاحتلال الإسرائيلي".

وتابع عياد: "نحن نؤدّي الصلاة ليحلّ السلام على قطاع غزة وتنتهي هذه الحرب الجنونية. لقد فقدنا شهداء في الحرم الكنسي بعد أن قصف الجيش الإسرائيلي كنيسة القديس برفيريوس في حيّ الزيتون قبل نحو شهرَين". يُذكر أنّ المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أتت بعد يومَين من مجزرة فظيعة استهدفت المستشفى المعمداني (الأهلي العربي) الذي تديره الكنيسة الأسقفية الأنغليكانية في القدس.

وأكد عياد أنّ "الحزن يسكن قلوبنا" بمناسبة عيد الميلاد في غزة، مناشداً "العالم بأن يساعدنا من أجل التخلّص من أهوال هذه الحرب".

عيد الميلاد في غزة من دون زينة وحلوى

واعتاد الفلسطينيون في مدينة غزة على نصب شجرة الميلاد في ساحة الجندي المجهول، سنوياً في مثل هذا الوقت من العام، وتعليق الزينة وتزيين الكنائس وتوزيع الحلوى.

لكنّ المشهد اختلف كلياً اليوم، إذ غابت كلّ مظاهر عيد الميلاد عن مختلف ساحات غزة وطرقاتها التي دمّرتها الآليات العسكرية الإسرائيلية، فيما بدا الدمار واضحاً على كنيسة القديس برفيريوس التي تُعَدّ واحدة من أقدم الكنائس في فلسطين والعالم والأشهر في قطاع غزة، وهي تتبع بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية.

تجدر الإشارة إلى أنّ نحو ألف فلسطيني مسيحي يعيشون في غزة، من مجموع سكان القطاع البالغ نحو 2.3 مليون نسمة، يتبع نحو 70 في المائة منهم طائفة الروم الأرثوذكس فيما يتبع معظم البقيّة طائفة اللاتين الكاثوليك.

عيد الميلاد في غزة في أجواء تذكّر بنكبة 1948

وفي رسالة عيد الميلاد، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: "يأتي ميلاد السيد المسيح هذا العام، ومدينة الميلاد، بيت لحم، تعيش حزناً لم تره قبل هذا اليوم"، إذ إنّ "قوى الاحتلال تبطش وتقتل أطفال فلسطين وتختطف الابتسامة البريئة من وجوه الأحياء منه". وأكد أنّ أيّاً "من أبناء شعبنا، النساء والرجال وكبار السنّ" لم يسلم من "هذا القتل والإرهاب ومحاولات التهجير القسري وتدمير آلاف البيوت، ما يذكّرنا بما حدث في نكبة عام 1948".

أضاف عباس: "أقول لأبناء شعبنا ولعائلاتنا التي تتّخذ من الكنيسة في غزة ملجأ لها، والذين لم يسلموا من همجية العدوان الإسرائيلي، ولجميع أبناء غزة، بأنّ عذاباتكم وعذابات شعبنا في الداخل والخارج لن تذهب سدى، وإنّ شمس الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية آتية لا محالة، بل إنّها قاب قوسَين أو أدنى".

والحرب الشرسة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على قطاع غزة، خلّفت حتى مساء أمس الأحد نحو 20 ألفاً و424 شهيداً إلى جانب 54 ألفاً و36 جريحاً معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون