فيضانات أفغانستان تدمر المرافق الصحية

24 مايو 2024
يعملون لتنظيف بيت غمرته وحول الفيضانات (عاطف آريان/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة الأفغانية تجدد دعواتها للمساعدة الدولية في أعقاب الفيضانات التي دمرت النظام الصحي و19 مستشفى في ولاية بغلان، مع التركيز على إعادة بناء البنية التحتية الصحية.
- وزير الصحة ونائب رئيس الوزراء يؤكدان على تدهور الوضع الصحي وجهود الحكومة لترميم المنظومة الصحية عبر إيصال الأدوية والمعدات الطبية، رغم التحديات اللوجستية.
- منظمة الصحة العالمية والناشطة هوسي منصور تشيران إلى تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض، مع التأكيد على الحاجة الماسة لتوفير المياه الصالحة للشرب وإعادة ترميم المرافق الصحية.

كررت الحكومة الأفغانية على لسان عدد من المسؤولين، دعوتها المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الإنسان، إلى إيلاء اهتمام أكبر بمساعدة المنكوبين جراء الفيضانات، خصوصاً من خلال دعم القطاع الصحي، بعدما دمرت الفيضانات النظام الصحي بشكل شبه كامل في المناطق المنكوبة. وتقول الحكومة إنه في ولاية بغلان وحدها دمر 19 مستشفى نتيجة الفيضانات.
وطالب نائب رئيس الوزراء الملا عبد الغني برادر، خلال لقاء مع مسؤولين في المؤسسات الدولية في 17 من الشهر الجاري، الأخيرة بالاهتمام بإعادة إعمار البنية التحتية ومنها المستشفيات التي دمرت، مؤكداً أنه بعد مرحلة الإغاثات العاجلة، لا بد من تدشين مرحلة ثانية، وهي إعادة إعمار البنية التحتية في المناطق التي جرفتها الفيضانات.

من جهته، قال وزير الصحة في حكومة طالبان قلندر عباد، إن الوضع الصحي تدهور بشكل كبير في المناطق المتضررة، علماً أن حكومة طالبان تعمل بما لديها من إمكانيات على ترميم المنظومة الصحية، وتتولى إيصال الأدوية والمعدات الطبية وفرق الأطباء وغيرها. وشكلت المواصلات عائقاً في الأيام الأولى لإيصال العلاجات، بعدما دمرت الطرقات التي تربط الأحياء بعضها ببعض. لكن الحكومة استخدمت المروحيات واستعانت بالقوات المسلحة. ورويداً رويداً، يتحسن الوضع لكن هناك حاجة للعمل أكثر وعلى المدى البعيد.
وعلى الرغم من العمل المكثف من قبل المؤسسات الدولية والمحلية المعنية بالرعاية الصحية وحكومة طالبان، فإن الوضع الصحي بدأ يتدهور في المناطق المتضررة جراء الفيضانات، خصوصاً أولئك الذين يعانون أمراضا مزمنة. من جهة أخرى، بدأت تنتشر الأمراض الموسمية والأوبئة بين المتضررين. 
وتقول منظمة الصحة العالمية في تقرير نشر في العشرين من الشهر الجاري، إنه على الرغم من جهود المنظمة وغيرها من المنظمات الإنسانية الأخرى من أجل توفير الرعاية الصحية لمتضرري الفيضانات، فإن الوضع بدأ يتدهور بين منكوبي الفيضانات. تضيف أنه ما بين الـ 17 والـ 20 من هذا الشهر، أحصت المصابين بالأمراض المختلفة كالتالي: 715 عدد المصابين بالتهاب الجهاز التنفسي الحاد، و587 عدد المصابين بإسهال مائي حاد، و71 حالة يشتبه في إصابتها بمرض الحصبة، و92 حالة يشتبه في إصابتها بكوفيد ـ 19، مؤكدة أن نسبة الأمراض إلى ارتفاع، وهناك حاجة ماسة لتوفير المياه الصالحة للشرب وبدء أعمال الترميم. 
يضيف التقرير أن الفيضانات الجارفة دمرت المرافق الصحية والبنية التحتية بشكل عام في مناطق في شمال أفغانستان، وهناك حاجة ملحة لترميم المرافق الصحية وتوفير الرعاية الصحية بشكل عاجل لمتضرري الفيضانات، موضحاً أن أفغانستان تضررت بشكل كبير بسبب تغير المناخ، وزادت الفيضانات الجارفة الطين بلة وضاعفت معاناة المواطن الأفغاني.

الصورة
المياه الصالحة للشرب لا تتوفر دائماً (فرانس برس)
المياه الصالحة للشرب لا تتوفر دائماً (فرانس برس)

بالإضافة إلى الحكومة والمؤسسات المعنية، تطوعت أعداد كبيرة من الأطباء والممرضين للعمل في المجال الصحي في المناطق المنكوبة جراء الفيضانات. من بين هؤلاء الطبيب محمد آغا الذي يوجد حالياً في ولاية بغلان. يقول لـ "العربي الجديد": "النظام الصحي في هذه المناطق كان ضعيفاً للغاية، وقد علمنا بذلك من خلال الحديث مع الناس والاطلاع على الوضع بشكل عام. ليس في تلك المناطق مستشفيات متطورة حتى قبل سيطرة طالبان على الحكومة. تقول المنظمات الدولية المعنية بالصحة والحكومة الأفغانية إنهما تصرفان أموالاً باهظة لتوفير الرعاية الصحية للمواطن الأفغاني، كما هو الحال بعد سيطرة طالبان. نعم، هناك بعض التحسن استناداً إلى إفادات المواطنين، وهناك وجود للأطباء والممرضين، علماً أنه في السابق، كان هناك غياب للطاقم الصحي". 
يضيف أن "الفيضانات الشديدة دمرت المنظومة الضعيفة أصلاً، لافتاً إلى أن الوضع الصحي ليس جيداً. وإذا لم يتم تدارك الأمر، فسيزداد الوضع سوءاً في ظل تفشي الأمراض الجلدية وأمراض الجهاز التنفسي والإسهال وغيرها، وهناك خشية من تفشي الحصبة بين الأطفال. صحيح أن المستشفيات الميدانية تتعامل مع هذه الأمراض، لكن عددها قليل مقارنة بحجم الكارثة. كما أن الأدوية التي تنقل إلى المناطق المنكوبة غير كافية".
ويوضح أن "الكثير من الناس يعانون صدمات نفسية. بعض الأشخاص باتوا عاجزين عن النوم، وما من اهتمام بالجانب النفسي. لم أر أطباء متخصصين يتعاملون مع مثل هذه الحالات"، مشيراً إلى أن "بعض المتضررين كانوا يعانون أصلاً أمراض السكري وضغط الدم وأمراض كلى والكبد وغيرها ولا يحصلون على العلاج اللازم. حتى العيادات التي كانت موجودة في المناطق المتضررة، والتي كانت تقدم الخدمات رغم هشاشتها، دمرت بفعل الفيضانات، وتحتاج إعادة إعمارها إلى وقت".

إلى ذلك، تقول الناشطة الأفغانية هوسي منصور المتحدرة من ولاية بغلان، لـ "العربي الجديد"، إن المنظومة الصحية في تلك المناطق متدهورة للغاية. وعندما تحل أية عاصفة حتى ولو كانت خفيفة، فإنها تؤدي إلى انهيار تلك المنظومة. وكل الجهود التي تبذل حالياً ليست مجدية كما يجب، منها الإحصائيات وتأمين بعض الأدوية الروتينية. لكن ما من عمل على إيجاد حلول على طول المدى. على سبيل المثال، يتحدث الجميع عن عدم وجود مياه صالحة للشرب، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي الأمراض. لكن ماذا فعلوا حتى الآن لحل القضية؟ توزيع المياه ليس حلاً. نحتاج إلى خطوات فاعلة". وتتحدث عن انتشار الذباب والبعوض وهو ما يساهم في انتشار الأوبئة والأمراض، وما من مساعٍ للقضاء عليها. وتطالب المؤسسات الدولية وحكومة طالبان بالعمل فوراً لتنفيذ خطوات طويلة المدى بدلاً من الحلول المؤقتة.

المساهمون