قصة مسنة أوكرانية تعيش حصار خاركيف بعد 8 عقود على مأساة لينينغراد

12 مارس 2022
تتعرّض خاركيف لقصف شديد (الأناضول)
+ الخط -

"عينان مغلقتان ووجه شاحب"... قد يكون هذا الوصف الأدق لناجية من مأساة حصار لينينغراد (سانت بطرسبرغ اليوم). كانت ألفيتينا شيرنينا (91 عاماً) تجلس على مقربة من مدفأة منزلها الكائن في أحد أحياء مدينة خاركيف الأوكرانية. نجت من حصار لينينغراد قبل نحو 8 عقود بعدما عانت من الجوع والفقر من جراء الحصار خلال الحرب العالمية الثانية. واليوم، تعيش تجربة مماثلة في خاركيف، ثاني أكبر المدن الأوكرانية التي تتعرض لقصف مستمر منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا.

تعيش شيرنينا وضعاً صعباً، بعدما عجزت عن الهرب بسبب تقدمها في السن، حتى إن التوجه إلى أحد الملاجئ يعدّ أمراً صعباً بالنسبة لها نتيجة المشكلات الصحية التي تعاني منها.

فقدت شيرنينا القدرة على التواصل والحديث مؤخراً، بعدما اشتد القصف الروسي على المدينة، كما تقول زوجة ابنها ناتاليا لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية". تضيف: "تعرّض منزل العائلة للقصف، في الوقت الذي كانت شيرنينا في المطبخ تستعد لتحضير الطعام. تطايرت النوافذ والأبواب، الأمر الذي تسبب لها بصدمة نفسية". وتشير إلى أن شيرنينا "لم تكن تعي ما يحصل بسبب شدة القصف. كان الحريق هائلاً خلف النوافذ والزجاج يتطاير، الأمر الذي جعلها عاجزة عن التواصل مجدداً".

فرار صعب 

تود العائلة الفرار، لكن الوضع الصحي والنفسي لشيرنينا لا يسمح بذلك. كما أن حفيدة شيرنينا تعمل طبيبة في أحد المستشفيات، إذ تعمل أربعة أيام متواصلة ثم تعود إلى المنزل. بالتالي، يصعب مغادرة المنطقة.

تسير حفيدة شيرنينا ستة أميال للوصول إلى مقر عملها، إذ إن وسائل النقل العامة لم تعد تعمل في خاركيف، ولم يبق في المستشفى سوى ثلث زملائها.

قضايا وناس
التحديثات الحية

تشعر ناتاليا بالغضب والحزن معاً. تأسف لأن والدة زوجها عاشت مأساة لينينغراد، واليوم تعيش مأساة ثانية. تقول: "أشعر بالغضب لأن شيرنينا بدأت حياتها في لينينغراد تحت الحصار كفتاة كانت تتضور جوعاً وتعاني من جراء البرد والجوع، وقد تنهي حياتها في ظروف مماثلة".

مع بدء الغزو الروسي على أوكرانيا، تذكرت شيرنينا ما عانته منذ كانت صغيرة. تصف القوات الروسية بـ"الفاشيين" الذين حاصروا لينينغراد. 

في أعقاب بداية الحرب العالمية الثانية، تعرضت مدينة لينينغراد لأكبر حصار في التاريخ. طوقت القوات الألمانية المدينة بين عامي 1941 و1944. وخلال تلك الفترة مات مئات الآلاف وعانى كثيرون من الجوع والمرض.

في الوقت الحالي، تعيش خاركيف، التي تبعد أكثر من 25 ميلاً (40 كيلومتراً) عن الحدود الروسية، بعضاً مما عاشته لنينيغراد منذ سنوات. صحيح أن البعض تمكن من الفرار، إلا أن جزءاً كبيراً من السكان ما زال يعيش تحت القصف.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعد خاركيف ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا من ناحيتي المساحة وعدد السكان، وهي أكبر مركز صناعي وعلمي وثقافي. وتتعرض لقصف قوي منذ بداية الحرب، وتعد هدفاً استراتيجياً للقوات الروسية، التي قصفت الكثير من المباني السكنية أيضاً. وأعلن المسؤول الإقليمي للمنطقة أوليغ سينيجوبوف مؤخراً أن القوات الروسية ضربت العديد من المؤسسات المدنية والمستشفيات ودور الرعاية للمسنين.

بحسب سينيجوبوف، فقد قصفت القوات الروسية مؤسسة متخصصة برعاية المعاقين بالقرب من مدينة أوكسيل، التي تضم  330 شخصاً في المبنى وقت الهجوم، من بينهم 10 أشخاص يحتاجون إلى كراسي متحركة و50 من ذوي القدرة المحدودة على الحركة.