أول عملية زرع للوجه واليدين في العالم تمنح الأميركي "جو ديمو" فرصة ثانية للحياة

04 فبراير 2021
جو ديمو بعد العملية (تويتر)
+ الخط -

 نجح الأطباء في مركز"لاغون هايلث" بجامعة نيويورك، في أول عملية زراعة مكتملة للوجه واليدين لمريض يبلغ من العمر 22 عاماً، حيث وصفها الفريق الطبي بأنها سابقة تاريخية.

يقول الدكتور إدواردو دي رودريغيز، رئيس الفريق الطبي، والذي قاد ما لا يقل عن أربع عمليات جراحية لزراعة الوجه في السابق، في حديث لشبكة "إن بي سي" الأميركية "لقد نجحنا في مهمة هائلة تظهر أنه يمكننا الاستمرار في مواجهة تحديات جديدة والتقدم في مجال زراعة الأعضاء".

يؤكد الطبيب أن المريض "جو ديمو" الذي أجرى العملية، كان بالنسبة له أكثر من مجرد مريض، فقد أثاره حماسه بشكل كبير للعملية، واصفاً إياه، بأنه" أكثر مريض متحمس قابلته على الإطلاق".

على الرغم من أن الجراحة أجريت في أغسطس/ آب من العام الماضي، إلا أن أطباء ديمو انتظروا للتأكد من عدم رفض عمليات الزرع قبل إعلان نجاح العملية.

خضع جو ديمو، عامل نوبات ليلي بمدينة نيوجيرسي، لعملية جراحية لمدة 23 ساعة في أغسطس/آب الماضي، بعد تعرضه لحروق من الدرجة الثالثة في أكثر من 80 بالمائة من جسده إثر حادث سيارة  حصل في يوليو/ تموز من العام 2018. حيث كان ديمو  يقود سيارته قبل عودته إلى المنزل، وأثناء القيادة فقد السيطرة، واصطدمت السيارة بالرصيف، وانقلبت قبل أن تشتعل فيها النيران.

بعد انفجار سيارته، تم إدخاله لأكثر من أربعة أشهر في وحدة الحروق داخل مستشفى نيوجيرسي ومن ضمنها قضى شهرين في غيبوبة طبية. بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، فقد "ديمو" أصابعه، وتشوه وجهه بشدة، بعدما غابت ملامح شفتيه، وجفونه، ولم يتمكن من رؤية الأشياء بوضوح، كما تأثرت حركته اليومية.

وبعد ما يقرب من عشرين عملية جراحية ترميمية، لم يتمكن من استعادة وجهه، ولذا بقي "ديمو" في سجل المتبرعين لمدة 10 أشهر قبل العثور على متبرع لعملية زرع الوجه، حيث تم نقل المتبرع إلى المستشفى في 10 أغسطس/ آب، وتم نقل الوجه إلى "ديمو".

ووفق تحليلات المستشفى، فإن ديمو، كان يعاني من ضعف جهاز المناعة بسبب عمليات نقل الدم وترقيع الجلد التي أجريت بالفعل، لم يتمكن بسهولة من الحصول على الأنسجة المتطابقة.

ولكن بمساعدة جمعية محلية في الولاية الأميركية، يطلق عليها اسم، Gift of Life، تم تحديد متبرع متوفى، حيث تطابقت الأنسجة مع ديمو.

تفاصيل العملية

تسابق فريق مكون من أكثر من 140 من المتخصصين في الرعاية الصحية مع الوقت حتى يتمكنوا من تحديد مقدار الوقت الذي تمر فيه الأنسجة المتبرع بها دون أن يحدث انقطاع في إمدادات الدم، كما حضر العشرات من الأخصائيين لزراعة الجبين والحواجب والأذنين والأنف والجفون والشفتين وخط الجمجمة والخد والأنف وعظم الذقن بشكل دقيق.

يصف الطبيب رودريغيز العملية، بحسب ما جاء في شبكة "ٍسي أن أن" الأميركية، بالدقيقة والحساسة لأنها كانت من الممكن أن تنهي حياته إن لم تتم بالشكل الصحيح. ويقول "تمت إزالة يدي ديمو ووجهه بشكل دقيق، لتجهيزه لنسيج المتبرع". ويضيف"بدأت العملية الأولى لأذرع "ديمو"، حيث تم قطع كل نصف قطر من الذراع، وعظم الزند بعناية، جنبا إلى جنب مع مجموعة من الأوتار والعضلات والأوردة والأعصاب، لإعداده للأطراف الجديدة، وكانت البداية مع اليد اليمنى، ثم اليسرى".

ويردف قائلاً: " كان علينا أيضاً استبدال 21 وتراً، وثلاثة أعصاب رئيسية، وخمسة أوعية وعظمتين رئيسيتين من الأيدي، قبل زراعة الأذرع الجديدة". وبعدها، انتقل الفريق إلى عملية الوجه، حيث أزيل وجه "ديمو" القديم، وتم وضع لوحات صغيرة على ذقنه للمساعدة في ربط وجهه الجديد، وتمت زراعة جسر أنف المتبرع في مكانه".

بعد 23 ساعة من الجراحة، تم عمل الغرزة النهائية، ثم نقل بعدها لمدة خمسة وأربعين يوماً إلى العناية المركزة، تبعها ما يقرب من شهرين من إعادة التأهيل، قبل أن يبدأ بتحريك أصابعه، والابتسامة من جديد.

وفي أول تعليق له، قال ديمو: "هذه هدية لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر، آمل أن تشعر أسرة المتبرع ببعض الراحة بمعرفة أن هذا الجزء منه يعيش معي".  وأضاف"أنا ووالداي ممتنون للغاية لأنني منحت هذه الفرصة الثانية."

وأوضح ديمو لوكالة فرانس برس أنه، بعد فترة نقاهة دامت أشهراً عدة، بات يقوم عمليا بكل الحركات بيديه الجديدتين. أما بالنسبة إلى الوجه فقال "بمجرد أن رأيته للمرة الأولى، قلت لنفسي: إنه وجهي الآن".

وهددت جائحة كورونا  جراحة "ديمو، ويرجع ذلك جزئياً إلى انخفاض التبرعات بالأعضاء في الأشهر الأولى من كورونا، وانشغال المستشفيات والكوادر الطبية بمعالجة مرضى الفيروس. ومع ذلك، أشار رودريغيز إلى أن الأطباء "أجروا  ما يقرب من اثنتي عشرة جراحة لديمو على مدار عام".

وبحسب الأخصائيين، يجب أن تسمح العملية، لديمو، بالقيام بأداء الوظائف العادية بما في ذلك ارتداء الملابس والتغذية، وممارسة الرياضة، واستخدام الأوزان الحرة.

وسبق أن أجريت عشرات عمليات زراعة الوجه واليدين كلّ على حدة، لكن عمليتين سابقتين للزراعات الثلاث بالتزامن باءتا بالفشل، إذ إن أول مريض خضع لعملية زرع ثلاثية في منطقة كريتاي الفرنسية في أبريل/نيسان 2009 توفي بعد شهرين متأثراً بمضاعفات. ولكن حتى الآن، لم يحصل لديمو أي مضاعفات من جراء عملية الزرع.

 

المساهمون