جامعات غزّة خاوية

14 أكتوبر 2014
طالبات جامعة الأقصى في غزّة (فرانس برس)
+ الخط -

ظل محمد الأشوح ينتظر اعلان نتائج الثانوية العامة ليلتحق بكلية الهندسة التي كان يطمح إليها، لكن العدوان الإسرائيلي الأخير عطّل حلمه رغم حصوله على درجات تؤهله للالتحاق بالتخصص الذي يرغب فيه. فالعدوان قضى على حلمه في التعليم.

منزل محمد الواقع في حي المنصورة في منطقة الشجاعية دمّر بالكامل، وأُجبرت عائلته أن تقيم في منزل مؤجر بقيمة 300 دولار شهرياً، أي نصف راتب والده رياض الأشوح الذي يعمل في شركة تأمينات بغزة.

يقول محمد لـ"العربي الجديد": كان طموحي دراسة هندسة "ميكاترونيكس" وهو تخصص جديد في القطاع، لكن الظروف لم تسمح، لأن والدي حالياً لا يستطيع إلا توفير الاحتياجات الضرورية فقط.

ويشعر محمد (18 عاماً) في كثير من الأوقات أن مستقبله في غزة مهدّد في ظل استمرار الأوضاع وتكرّر العدوان، حتى أنه بحث عن منح دراسية. "بحثت عن منح دراسية خارجية لتغطية نفقة الدراسة على أن أعمل في البلد التي سأدرس فيها لتوفير مصروفاتي، لكن لم أجد طريقاً لذلك، كما لا يوجد أي منح للجامعة أو حتى تقسيط في الوقت الحالي، إنما نسب خفض لا تناسب ظروفي".

أما الطالب مدحت الشناط فاضطر لتأجيل الدراسة في الجامعة عاماً كاملاً حتى يشارك عائلته في إصلاح الدمار الذي أصاب منزلهم في العدوان، بعد أن قام والده بتخصيص المال المخصّص لدراسته لإيجار منزلين لكثرة عددهم.

فقدت عائلة مدحت جميع ممتلكاتها التي تركتها في المنزل على أمل العودة، لكنها وجدت كل ما تركته رماداً مثل أحجار البيت المدمر.

يقول: "مثل غيري من الشباب الذين تخرجوا من الثانوية العامة، لا أقدر على دخول الجامعة وتحمل مصاريفها بعد العدوان الذي منع العائلات من الإنفاق على دراسة أولادهم، هذا يضعني في حيرة حول مستقبلي".

سماح (21 عاماً) في السنة الأخيرة من الجامعة، وتدرس اللغة العربية، لن تكمل عامها الدراسي الحالي بسبب عدم مقدرة أهلها على تسديد الرسوم المتبقية عليها بعد العدوان، ما يؤجّل تخرّجها لعام آخر.

تقول: "استطعت أن أكمل ثلاثة أعوام بتفوق، وبالطبع أقدر ظروف أهلي لكن هناك طالبات بعد العدوان لن يتمكنّ من التسجيل في الجامعة وهذا يضعهن في أزمة نفسية لأنهن مجهولات المستقبل".

وتشير سماح إلى أن عائلتها ستسّجل في الجامعة أختها الأصغر نسرين، التي أتمت الثانوية العامة قبل العدوان، خاصة أن

الجامعة الإسلامية في غزة أعلنت بعد انتهاء العدوان عن خفض 20 في المائة من الرسوم لكل طالب تعرض منزله للدمار.

وقال مدير العلاقات العامة بالجامعة الإسلامية رائد صالحة لـ"العربي الجديد" إن "الجامعة حرصت على أن تساند الطلاب وتشجعهم من خلال منح الذين تدمرت منازلهم ميزات"، مؤكداً أن إدارة الجامعة تدرس ملفات الطلاب الذين فقدوا منازلهم، لمنحهم فصولاً من غير رسوم وخفض رسوم الفصول التالية.

أما جامعة الأزهر في غزة فقامت بمنح بعض الطلاب منحة فصل دراسي مجاني، لكن مدير العلاقات العامة في الجامعة كمال مرتجي لاحظ أن نسبة الإقبال على الجامعة في العام الحالي متدنية مقارنة بالعام الماضي. وقال مرتجي لـ"العربي الجديد": "الطلاب يهجرون الجامعات لصعوبة تدبير الرسوم، فبعضهم يعمل لتغطية نفقاته وبعضهم يعتمد على أهله في دفع المصروفات، وبعد العدوان تغير كل شيء، والجامعة تعمل على تقليل الرسوم لتشجعهم على الدراسة".

وأكد المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم في حكومة الوفاق الوطني عبد الحكيم أبو جاموس لـ"العربي الجديد" أن "الوزارة أرسلت نداء إلى جامعات غزة لتخفيض الرسوم لجميع الطلاب، وخصوصاً المتضررين خلال العدوان"، مشيراً إلى أن "عدة دول منحت العديد من الطلاب منحاً دراسية في الخارج تغطي النفقة الجامعية والسكن بالكامل".

إحجام الطلام عن الالتحاق

تضررت جامعات قطاع غزة جراء العدوان بأشكال مختلفة، فبعضها تهدمت مبانيها جراء القصف، وبعضها بات خارج الخدمة لتدمير البنية التحتية. لكن الأزمة الأكبر، خاصة في الجامعات التي كانت تشهد إقبالا مثل الجامعة الإسلامية وجامعة الأزهر، تكمن في إحجام الطلاب عن الالتحاق، لأسباب تتعلق بتوفير المصروفات في أعقاب العدوان الذي أصاب عائلات كثيرة بكوارث اقتصادية.