العنف يزيد عدد مراجعي العيادات النفسية في العراق

العنف يزيد عدد مراجعي العيادات النفسية في العراق

18 أكتوبر 2015
النظرة الدونية للمرضى النفسيين تعيق علاجهم (GETTY)
+ الخط -
خلّفت مشاهد العنف والموت والاعتقالات والانفجارات اليومية في شوارع العراق، إضافة إلى الفقر والبطالة، آلاف المصابين بالأمراض النفسية والعقلية، حيث يعاني الكثير من العراقيين وأطفالهم من حالات نفسية، مثل الخوف والانطواء، بسبب مشاهد العنف في الواقع، وعلى شاشات الفضائيات، إضافة إلى مشاهدات ميدانية لجثث مشوهة ومحترقة في الشوارع، أو في مكبات النفايات.

ولم تكن سارة آخر من توجهت إلى عيادة الطبيب النفسي في حي الكرادة وسط العاصمة العراقية بغداد، بدون حجزٍ مسبق، وهو النظام المعمول به في العراق عند زيارة الطبيب أو مراجعته.

وأوضحت سارة (47 عاماً)، أنها عندما زارت الطبيب للمرة الأولى منذ أكثر من عام "كنت خائفة أن يراني أحد المعارف، لكن ما أن دخلت العيادة ووجدتها مكتظة بالمرضى، سرعان ما تبدد خوفي وأصبح الأمر طبيعياً، خصوصا أنّ أغلب المرضى من فئة الشباب، إضافة إلى ملاحظتي عوائل وعددا من الأطفال".

اقرأ أيضاً: الكوارث النووية تزيد أعراض الاضطرابات العقلية

وسارة التي تعاني من الوسواس القهري والخوف الدائم نتيجة مقتل شقيقها وابن شقيقها، تؤكد أنّ "أطباء الأمراض النفسية، لا يتعاملون مع المريض عبر جلسات استماع، بل يكتفون ببعض الأسئلة الروتينية وبعدها يشخصون العلاج، والذي غالباً ما يكون مهدئات ومنومات"، مضيفة "نحن كمرضى قد يحتاج الكثير منا إلى جلسات علاج استماع أو وصفات أخرى غير العقاقير، فالعقاقير والمراجعات الدائمة تكلفني مبالغ كثيرة، فأنا مضطرة لدفع 25 دولاراً شهرياً، بدل زيارة الطبيب، وكلفة العلاج لا تقل غالباً عن 140 دولاراً".

ويستهين المواطنون عادة بالأمراض النفسية، في حين يتركز اهتمامهم على الأمراض العضوية ويهرعون إلى معالجتها، معيدين ذلك إلى نظرة المجتمع الدونية لمن يراجع الأطباء النفسيين، أو لجهلهم بأهمية علاج الأمراض النفسية، مؤكدين أن هناك الكثير من الأمراض العضوية قد يكون سببها مرضا نفسيا أو مرتبطة بالأمراض النفسية.

وتضع التقاليد والأعراف العراقية علامة استفهام على كل من يتواجد في عيادة طبيب نفسي أو بالقرب من عيادته. ويقول الشاب وسام (26 عاما)، لـ"العربي الجديد": "غالباً ما يتهم المرضى النفسيون بأنهم مجانين، وهذا واقع فرضته الأعراف واستسلم له العراقيون، فقاطعوا عيادات الطب النفسي، لكن تراكمات الحروب التي تخوضها بلادنا، ومشاغل الحياة ومتاعبها، فرضت على الكثير منهم أن ينقلب على تلك الأعراف، لدرجة أصبح العلاج عند طبيب الأمراض النفسية أمراً واقعاً".

اقرأ أيضاً: دراسة:خُمس الأطفال السوريين اللاجئين يعانون "اضطراب ما بعد الصدمة"

لا تتوفر في العراق إحصائيات دقيقة عن أعداد المصابين بالأمراض النفسية، لكن دراسات تقديرية تشير إلى أضرار نفسية بالغة تخلفها الحروب وسنوات الاقتتال الطائفي ومشاهد العنف.

وبحسب تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية، فإن اثنين من كل خمسة مواطنين يعانيان مشكلات نفسية، كالإحباط وفقدان الأمل في المستقبل. كما تشير تقارير محلية عراقية، أن وحدات ومستشفيات الأمراض النفسية في العراق تستقبل شهرياً آلاف المصابين بالقلق والاكتئاب والاضطرابات النفسية.

كما أن عدد الأطباء النفسيين في العراق هو أقل من العدد المطلوب عالمياً في أي بلد، حيث لم يتبق منهم إلا القليل نتيجة هجرة الكثير منهم خارج البلاد أو إلى إقليم كردستان في الشمال العراقي.

اقرأ أيضاً: الصحة المصرية: خمسة ملايين بالغ يعانون اضطرابات نفسية

دلالات

المساهمون