تنتشر في العاصمة العراقية بغداد في الآونة الأخيرة، عشرات العربات التي تجرها الخيول والحمير والتي تستخدم لنقل البضائع والسلع، بل حتى المواطنين وسط العاصمة، وعدد من ضواحيها.
ولاحظ أهالي بغداد أن العربات تنتشر بشكل لافت في عموم العاصمة، وأغلب من يستخدمونها هم الفقراء أو سكان الأرياف، الذين سكنوا العاصمة خلال السنوات الأخيرة بعد 2003، وجاؤوا من مناطق جنوب العراق.
ويرى المواطنون أن الظاهرة غير حضارية، وشوهت العاصمة، حيث تتجول العربات التي تجرها الخيول والحمير في كل مكان، بما في ذلك المناطق الراقية في بغداد، وتتسبب في ازدحام مروري، تاركة مخلفات الحيوانات بالشوارع.
وقال المواطن حمدي الفضلي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "انتشار عربات النقل بشكل غير قانوني وسط العاصمة، يشوه وجهها الحضاري، فضلاً عن مخلفات الحيوانات التي تنتشر في شوارع العاصمة بشكل مقزز جداً".
وأضاف: "صحيح أن العديد من الفقراء يعتمدون عليها في معيشتهم، لكن على الحكومة أن تجد بدائل أخرى لهم، كإعطائهم قروضا ميسرة لشراء سيارات، أو عربات تجرها الدراجات النارية، بدلاً من التي تجرها الخيول والحمير".
هذا ولا يجد أصحاب تلك العربات بداً من استخدامها، فهم يعتمدون عليها في معيشتهم عبر نقل البضائع والسلع مقابل أجور يومية، خاصة في المناطق التي تعج بالزحام المروري، رغم أن هذه العربات هي الأخرى، سبب رئيسي في الزحام.
وأوضح شرطي المرور عادل ياسر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "العربات، كثيراً ما تكون سبباً في زحام مروري شديد بالشوارع الرئيسية، وتقاطعات الطرق، ولا نستطيع التعامل مع هذه الحالات، فأغلب مالكيها من الفقراء، ولا يوجد قانون محدد للتعامل معهم".
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن "شرطة المرور، تعاني كثيراً من هذه الظاهرة غير قانونية. فالعربات لا تسبب الزحام فحسب، بل الحيوانات التي تجرها تترك مخلفاتها في شوارع العاصمة، ما ينتج عنه روائح كريهة جداً".
ويطالب البغداديون الحكومة العراقية، بوضع "حد لتلك العربات، عبر تخصيص أماكن خاصة بها، أو منعها من دخولها إلى العاصمة".
ووصف المواطن مازن حيدر (51 عاماً)، الوضع في العاصمة بالقول، "تتجول تلك العربات المتسخة تجرها الخيول والحمير والبغال، وسط شوارع العاصمة، وتحمل كل شيء، بما في ذلك النفايات".
اقرأ أيضاً: حالات الطلاق بالعراق ترتفع.. وأسرعها بسبب كوب شاي
ويرى حيدر أن على الحكومة العراقية توفير قروض ميسرة لأصحاب تلك العربات لشراء عربات تجرها الدراجات النارية، على غرار باكستان والهند، لتخفيف الزحام المروري من جانب، والحفاظ على الوجه الحضاري لبغداد من جانب آخر.
من جانبهم، شدد أصحاب تلك العربات على أنهم يفتقرون لأي مصدر للدخل، ولا يستطيعون العيش دون تلك العربات.
وقال صاحب إحدى تلك العربات، سباهي مناجد، من أهالي مدينة الصدر شرقي بغداد، "أعيش أنا وعائلتي على هذه العربة، عبر نقل البضائع مقابل أجور يومية، ولا أستطيع الاستغناء عنها، وإذا كانت الدولة تريد ذلك، فلتعوضنا بسيارات أو عربات نارية بدلاً عنها".
وذكر ناشطون أن العربات المنتشرة حالياً تختلف عن العربات التراثية البغدادية القديمة التي تسمى "الربل" والتي كانت من المظاهر البغدادية الجميلة.
وأوضح الناشط جبار نعمة، لـ"العربي الجديد"، أن "بغداد لها خصوصية كبيرة، حيث يمتزج التراث بالحضارة، كما كانت عربات "الربل" حتى أعوام قريبة، تنتشر في العاصمة بمظهر رائع، وهي تجرها الخيول بعجلاتها الملكية الزاهية، ولكن اليوم نلاحظ انتشار عربات خشبية تجرها البغال أو الحمير".
واعتبر نعمة، أن "معالجة الفقر عبر القروض الميسرة، ستوفر مصدر رزق لأصحاب تلك العربات، وتضمن الحفاظ على الوجه الحضاري للعاصمة، وتساهم بتقليص نسبة البطالة بين الشباب".
جدير بالذكر أن تجار العراق يستوردون عربات معدنية تجرها الدراجات النارية من الصين والهند وباكستان، لكنها مرتفعة الثمن بحسبهم، ولا يستطيع أصحاب العربات الخشبية شراءها، بدلاً من تلك التي تجرها الحيوانات، وهذا ما دفع المراقبين إلى مطالبة الحكومة بتوفير قروض ميسرة لهم لشرائها.
اقرأ أيضاً: نقل المياه.. مهمة صعبة للنساء والأطفال في اليمن