تقرير رسمي: سجون مصر سلخانات للقتل والتعذيب

16 مايو 2015
+ الخط -

حذر المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر من خطورة ارتفاع حدة التعذيب داخل الأقسام والسجون، واصفا إياها بـ"السلخانات". بعد وفاة أكثر من 212 معتقلا خلال عام وإصابة العشرات، محذرا من ارتفاع حدّة التعذيب داخل السجون، والتي وصلت إلى حد التصفية الجسدية لعدد من المسجونين من بينهم سيدات، وتحول الكثير من السجون وأقسام الشرطة إلى سلخانات للتعذيب وأداة للاغتيال الممنهج.

وقال التقرير، الذي سلمه رئيس المجلس محمد فايق، إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطلع الأسبوع الماضي: إن هناك ما يقرب من 212 معتقلاً قتلوا خلال العام الماضي داخل أقسام الشرطة والسجون، حيث تنوعت أسباب قتلهم ما بين ممارسات التعذيب الوحشية داخل مقار الاحتجاز وداخل أقسام الشرطة، والإهمال الطبي المتعمد للمرضى، ومن بين المتوفين ثلاث سيدات.

ونبّه التقرير إلى أن هناك تعمدا من جانب وزارة الداخلية في عدم مساعدة أعضاء المجلس في الكشف عن المزيد من السجون، مما يدل على أن هناك تعتيما على ما يعانيه المسجونون من تعديات، مشيراً إلى أن هناك سجونا سرية خارج إطار القانون تمارس فيها أبشع أنواع التعذيب.

وكشف مصدر مسؤول بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، رفض ذكر اسمه، أن ما حدث من قضايا تعذيب داخل السجون المصرية خلال الفترة من 3 يوليو/تموز عام 2013 وحتى موعد انتهاء التقرير 30 ديسمبر/كانون الأول 2104، بعد الانتهاء من صياغته، تفوق ما حدث خلال سنوات ماضية.


الواقع أسوأ
وقال المصدر إن هناك حالات تعذيب جماعية وعشرات الحالات الفردية بحق المعتقلين، نتج عنها العشرات من الضحايا، مشيراً إلى أن ما ينشر أو ما يدونه المجلس القومي لحقوق الإنسان أقل بكثير من الواقع.

وأضاف المصدر أنه أمام تفاقم عدد القتلى داخل السجون، لم تستطع التقارير الطبية الصادرة عن مصلحة الطب الشرعي الرسمية إخفاء الحقيقة، حيث وثّقت التقارير عشرات الحالات وأكدت أن سبب الوفاة نتيجة إصابة أصحابها بالتعذيب.

اقرأ أيضا:مصر: 7462 انتهاكاً لحقوق الإنسان في ثلاثة أشهر

ورغم التكتم الشديد على ما ورد بالتقرير، إلا أن جهات أفصحت أنه احتوى أيضا على غياب العدالة الاجتماعية، وأوصى الحكومة بالاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي كانت أحد أسباب قيام الثورة في 25 يناير، وذلك من خلال تكثيف برامج معالجة الفقر، ومواجهة البطالة، وتحسين مستوى التعليم، والخدمات الصحية، وتطوير المستشفيات الحكومية، والمدارس في القرى والصعيد، وإنشاء هيئة قومية لسلامة الدواء والأغذية، وزيادة الميزانيات المخصصة للتعليم والصحة والبحث العلمي، وفق مواد الدستور، والعمل على رفع مستوى الجودة بها.

وطالب التقرير بسرعة الانتهاء من 7 قوانين جديدة وهي: "قانون مكافحة التعذيب، وقانون الجمعيات الأهلية، وقانون مفوضية منع التمييز والفرص المتكافئة في تولي الوظائف والتعليم والرعاية الاجتماعية، ودور العبادة الموحد، وبناء وترميم الكنائس، ومفوضية الانتخابات، والتوسع في التعديلات التشريعية لضمانات نزاهة وحرية الانتخابات، وقانون عن العدالة الانتقالية".

ولكون ما يحتويه التقرير من انتقادات للحكومة، لم تقم الحكومة بالإعلان عنه، وتم الاكتفاء بصورة تم نشرها في وسائل الإعلام خلال لقاء رئيس المنظمة مع رئيس الدولة أثناء تسليمه التقرير.

وأكدت المصادر أن التقرير به الكثير من قضايا التعذيب بحق السجناء السياسيين، والتعدي البدني والنفسي من قبل قوات الشرطة بحق هؤلاء، وذلك من خلال الزيارات التي قام بها أعضاء المجلس لعدد من السجون.

وقال المصدر إن كثيرا من المسجونين لديهم تعليمات بعدم الإفصاح عن أي معلومات عما يدور داخل السجون للمنظمات الإنسانية، والويل لهؤلاء في حالة الإفصاح، وقال إن من بين المسجونين ما يقرب من مائة صحافي، وعدد غير معلوم من الطلاب.

ورصد التقرير وجود رعب بين الشباب المسجونين بسبب تعذيبهم وتلقيهم تهديدات بتكرار التعذيب في حال تقديمهم أي شكاوى.

كما سجل التقرير وجود تحريض على عدد من الفتيات المحتجزات، ومنعهن من الخروج من الزنزانة إلا نصف ساعة كل يومين على خلاف أحكام القانون، وجميع المحتجزات محبوسات احتياطياً ولا يوجد أي تحقيق معهن.

اقرأ أيضا:شهادات من "جوانتانامو" مصر

يذكر أن المجلس القومي لحقوق الإنسان "جهة استشارية" وليس لديها أي سلطة في منع التعذيب، ودورها يقتصر على المرور على أقسام الشرطة والسجون وتسجيل ملاحظاتها على ما يدور داخل المجتمع وما يهم الإنسان.

واتهمت منظمات حقوق الإنسان العالمية مصر بالعديد من المخالفات، في جلسة المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان التي عقدت في جنيف، حيث وجهت 300 ملاحظة حول حقوق الإنسان في مصر.

وكان من أبرز هذه الانتقادات، ما أشار إليه الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بملف الإعدامات الجماعية والأحكام القضائية ضد المعارضين، ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، ومنع التظاهر، وقتل المتظاهرين واعتقالهم، وحرية التعبير وتشكيل الجمعيات غير الحكومية.

وشارك في هذه الانتقادات وزيرا خارجية الولايات المتحدة والنرويج، خلال اجتماع الشق رفيع المستوى من أعمال الدورة الثامنة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان.
بينما ردت مصر، برفضها ما أسمته "النهج المتبع من قبل بعض الدول الغربية لاستخدام "مجلس حقوق الإنسان" لأغراض سياسية، في انتهاك للمبادئ الراسخة للسيادة واحترام الاستقلال السياسي لجميع الدول.

اقرأ أيضا:القُصَّر في سجون مصر.. النظام يخالف قوانينه