صنعاء للفُرجة

صنعاء للفُرجة

19 مايو 2015
يهرع الناس لتفقّد الدمار (همدان العليي)
+ الخط -
تحوّلت بعض المواقع التي تستهدفها مقاتلات التحالف العربي في العاصمة اليمنيّة صنعاء إلى مثابة "مزار". يتفقدّها الناس، يومياً، لمعرفة ما حلّ بها من دمار بعد القصف، علماً أن ذلك يُعرّضهم للخطر، وخصوصاً في حال قصف الموقع مجدداً.

يأتي عشرات اليمنيين، يومياً، إلى الأماكن المدمرة بعد القصف مباشرة. يصرّ المواطن عبد الفتاح غالب على تفقد شوارع ومنازل جيرانه في منطقة فج عطان في العاصمة صنعاء، وخصوصاً بعد قصف مخازن الأسلحة في جبل عطان (جنوب غرب العاصمة). يؤكد لـ "العربي الجديد" أنه "في اليوم التالي لوقوع الانفجار في مخازن السلاح في جبل عطان، قصد الأحياء والشوارع المقابلة لمعرفة حجم الدمار الذي حل بها. فضوله جعله يخاطر بحياته على الرغم من احتمال انفجار أجسام لم تنفجر بعد".

يضيف أن "عدداً من المواطنين يتجوّلون في الأحياء المتضررة للاطلاع على الدمار الهائل الذي أصاب المنازل في المنطقة"، مشيراً إلى أنه رأى "بعض الأجسام والعبوات التي لم تنفجر بعد".

كذلك الأمر بالنسبة للشاب علي المسلمي (طالب جامعي)، الذي حرص على زيارة المواقع التي استهدفتها مقاتلات التحالف العربي في العاصمة. يقول: "تحاول والدتي منعي من الخروج من المنزل، لكن في الآونة الأخيرة، صرت أذهب إلى مواقع القصف من دون أن تعلم"، مشيراً إلى أن "ما تعيشه البلاد اليوم لن يتكرر". يضيف لـ "العربي الجديد" أنه "ما زال هناك ناس تحت الأنقاض، ونحاول مساعدتهم. لكن في بعض الأحيان، يمنعنا مسلحون من الاقتراب"، لافتاً إلى أنه "تعرض لمضايقات كثيرة كونه يصوّر بعض مشاهد الدمار أحياناً".

ولحسن حظه، نجا سليم الزيدي بأعجوبة من صواريخ طيران التحالف التي استهدفت منزل الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، في منطقة حدة وسط العاصمة صنعاء، في العاشر من مايو/أيار الجاري، حينَ علم أن منزل الرئيس السابق قد دمّر، ذهب مباشرة لتفقّد الموقع. لكن مقاتلات التحالف شنّت غارات أخرى بعد ساعات من الضربة الأولى.

يقول: "كنت أقف قرب حطام المنزل وقد منعنا الحراس من التقدّم. بعدها، قصفت الطائرة المكان مرة أخرى"، مشيراً إلى أن الذين كانوا موجودين هناك، سمعوا صوت الطائرة، وهربوا في اللحظات الأخيرة قبل القصف. هو، أيضاً، هرب بسرعة، ورأى الدخان يتصاعد في السماء، وعرف أن بعض الموجودين في المكان قد أصيبوا بجروح.

من جهته، يعربُ الشرطي، محمد عبد الكريم، عن استيائه بسبب تفقد كثير من الأهالي الأماكن التي تستهدف من قبل طيران التحالف العربي، مشيراً إلى أن "هذا الأمر يعرض حياتهم للخطر بسبب وجود عبوات غير منفجرة، بالإضافة إلى الغازات السامة". يقول، إن الملل والفضول يدفع الأهالي لتفقد الأماكن التي تعرضت للقصف، غير آبيهن بالمخاطر التي قد يتعرضون لها. في المقابل، يشير إلى أننا "نحاول منع الناس من الاقتراب من المنازل أو المؤسسات المدمرة لضمان سلامتهم وعدم سرقتها".

ويؤكّد عبد الكريم، أن عدداً من المنازل المتضررة تتعرض للنهب بعد القصف مباشرة، إذ يعمد لصوص إلى سرقة بعض مقتنياتها على الفور، بالإضافة إلى الأثاث المنزلي الصالح للاستخدام. يضيف أن بعض الأهالي "يأتون لمشاهدة آثار القصف، ومعرفة حجم المأساة التي ستكون أسوأ في حال استمرت الحرب. في المقابل، يُحاول آخرون نهب ما تيّسر".

وفي ظل القصف المتكرر لمخازن الأسلحة في الجبال المحيطة بصنعاء، قد تتطاير أنواع مختلفة من القذائف والأجسام غير المنفجرة وتصل إلى الأحياء وتسقط فوق المنازل. وقد شوهدت كميات كبيرة من الأجسام والصواريخ غير المنفجرة في عدد من أحياء العاصمة.

ممنوع الاقتراب
أخيراً، أصدر المركز الوطني للأورام في اليمن تقريراً حمل عنوان "المسح الإشعاعي لمنطقة فج عطان"، أشار إلى احتمال وجود إشعاعات بسبب الانفجارات التي حدثت عقب استهدافها بصواريخ مقاتلات التحالف العربي. وأوصى المواطنين بعدم الاقتراب من المكان حفاظاً على سلامتهم، وحتى إرسال متخصّصين لفحصها.

إقرأ أيضاً: اليمنيون بين نارين