لم تمطر في بروكسل

لم تمطر في بروكسل

22 مارس 2016
لبروكسل السلام.. (Getty)
+ الخط -

"إلغاء الرحلات الجويّة في مطار بروكسل". خبر عاجل.

صبيحة يوم أمس الثلاثاء، أُلغيت كلّ تلك الرحلات من دون أن يكون الطقس ماطراً عاصفاً. صحيح أنّ درجات الحرارة كانت متدنّية، إلا أنّ الشمس كانت تُلمح في سماء بلجيكا التي تخللتها بعض سحب. إذاً، لا أحوال مناخيّة طارئة تستوجب تعليق حركة الملاحة الجويّة.

"وتمطر في بروكسل..." تسترجع أغنية داليدا التي أدّتها قبل أكثر من ثلاثة عقود تحيّة إلى جاك بريل، ذلك الفنان البلجيكي الذي طبع الأغنية الفرنسيّة كما العالميّة بأسلوب متمايز لم ينجح كثيرون في استنساخه.

"هيئة النقل في بروكسل تعلن وقف كلّ وسائل المواصلات العامة في المدينة". خبر عاجل ثانٍ. هنا أيضاً، لا يُعقل أن تكون الأحوال الجويّة سبباً وراء اتخاذ هذه "الإجراءات الاحترازيّة" الشاملة. لا أمطار تغرق المدينة.

"هيئة الإذاعة البلجيكيّة: انفجار في محطة للمترو في بروكسل بالقرب من مؤسسات تابعة للاتحاد الأوروبي". "هيئة النقل في بروكسل تعلن إغلاق كلّ محطات المترو". "تعزيز انتشار الشرطة والجيش حول المحطات النوويّة في بلجيكا". "المفوضيّة الأوروبيّة تطلب من موظفيها ملازمة منازلهم أو مكاتبهم بعد تفجيرات بروكسل". "هولندا تعزّز الأمن في مطاراتها والمراقبة على حدودها". "فرنسا تعزّز إجراءات الأمن في مطار رواسي في باريس بعد تفجيرات بروكسل". وتتوالى الأخبار العاجلة الواردة من العاصمة البلجيكيّة ومن العواصم الأوروبيّة الأخرى.

"وتمطر في بروكسل..." تسترجع أغنية داليدا، من دون أن تكون الأجواء مؤاتية للغناء. "ارتفاع حصيلة هجمات بروكسل إلى 34 قتيلاً، 20 منهم سقطوا في محطة المترو و14 في المطار". خبر عاجل آخر. هي الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر أمس الثلاثاء بالتوقيت المحلي، وحصيلة الضحايا مرشّحة للارتفاع.

مع التزايد المتوقّع في أعداد القتلى وكذلك الجرحى الذين يظهر بعضهم مصدومين في وسائل الإعلام وسط الدمار الذي اجتاح موقعَي التفجيرات، تزداد المسافة امتداداً بيننا وبين أوروبا. لطالما كانت وجهة أحلامنا.. أحلام كثيرين منّا. تلك القارة العجوز وبلدانها، لطالما اجتذبتنا بتفاصيل كثيرة تحاكي تفاصيلنا، بعكس الأميركيّتَين. قد يكون قربها الجغرافي، أو قد يكون البحر الأبيض المتوسّط الذي يغسل كثيراً من سواحلنا وسواحلها، أو قد يكون الاستعمار الذي اقترفه بعضها في مشرقنا ومغربنا، أو غيرها.

في الأمس، شسعت الهوّة أكثر بيننا وبين تلك القارة وبلدانها. كأنّما الموت يسابقنا إلى أحلامنا ويسبقنا. فتتعذّر علينا حتى الأحلام. في الأمس، لم تمطر في بروكسل.

اقرأ أيضاً: "مشاريع إرهابيّين"

المساهمون