الخطف يهدّد أطفال اليمن بالترافق مع الحرب

14 يونيو 2016
كأنّ الحرب لا تكفيه فهو عرضة للخطف أيضاً (الأناضول)
+ الخط -

نجا الطفل عماد عبد الجليل شويل (13 عاماً) بأعجوبة من محاولة خطف نفذها مجهولون في محافظة المحويت، غرب اليمن، قبل أشهر قليلة. لكنّ والده حتى اليوم ما زال متوجساً من إمكانية اختطافه مرة أخرى في ظل انعدام الأمن الذي تعيشه المدن اليمنية نتيجة الحرب، وارتفاع عدد حوادث خطف الأطفال بالذات.

يقول والد الطفل، إنّه كان يصلي في "مسجد الأمن" المجاور لإدارة الأمن في محافظة المحويت عندما أخذت عصابة طفله على متن سيارة، وتوجهت به نحو العاصمة صنعاء، من دون أن يعرف أحد منهم. ساعدت الصدفة الطفل في الإفلات من أيدي الخاطفين بعد وصولهم الى صنعاء. يلفت الرجل إلى أنّه أبلغ كلّ مراكز الشرطة في محافظة المحويت، لكن لم يتوصل أحد الى معرفة مكان اختفاء الطفل أو هوية خاطفيه.

يضيف شويل لـ"العربي الجديد" أنّ الخاطف ربما أعطى ابنه مادة منوّمة و"استيقظ عندما كان الخاطف في محل تجاري فور وصولهم الى صنعاء، ليستغل الطفل الفرصة وينزل من السيارة ويصرخ بشدة حتى توجه الناس إليه، ما دفع الخاطف للهروب فوراً". يشير شويل إلى أنّ الخاطفين لاذوا بالفرار بينما تمكن بعض ممّن كانوا في المكان من أخذ الطفل وتسليمه إلى مركز الشرطة ليعاد إلى والديه في محافظة المحويت في اليوم نفسه.

هذه التجربة المريرة التي عاشتها عائلة شويل، أجبرت الأب على تغيير نمط حياته وأسلوب تعامله مع طفله ليكون أكثر حرصاً من ذي قبل. يقول: "جعلتني حادثة الخطف أكثر اهتماماً بأولادي، فلا يجب تركهم في ظل هذه الظروف إطلاقاً". يؤكد ضرورة مرافقة الكبار للأبناء سواء حين ذهابهم الى المدارس أو المساجد أو حتى عند اللعب أمام المنازل: "الشوارع لم تعد آمنة ومعها كلّ الأوضاع".

كذلك، عادت الطفلة ريهام عبدالرحمن مفيد (خمس سنوات) إلى أسرتها بعد غياب استمر 12 يوماً. وجدها أهالي إحدى مديريات شرعب في محافظة تعز (وسط). وكانت امرأة قد خطفتها من مستشفى في العاصمة صنعاء.

الابتسامة التي ارتسمت على محيّا أهالي عماد وريهام بعودتهما، لم يحظ بها أهالي كثير من الأطفال المخطوفين الذين ما زال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم. فأسرة الطفل فتحي عبدالهادي مثلاً، لا تعلم مصير ابنها الذي يُعتقد أنّ امرأة خطفته من أحد شوارع محافظة الحديدة قبل عامين. وتعتقد الأسرة أنّه جرى تهريبه إلى إحدى الدول المجاورة.



كانت السلطات اليمنية قد سجلت حالات خطف للأطفال من تنفيذ عصابات تشترك فيها نساء في بعض المحافظات اليمنية وعلى رأسها العاصمة صنعاء. مع ذلك، يشعر المواطن اليمني بخيبة أمل من عدم قيام الجهات الأمنية والقضائية بمعاقبة من يلقى القبض عليهم ممن يخطفون الأطفال، خصوصاً بعد اختفاء رجال الشرطة من الشوارع وظهور أفراد المليشيات المسلحة بدلاً منهم منذ عام ونصف.

يؤمن مقداد أحمد أنّه ليس بالإمكان ردع هذه العصابات إلاّ في حال تطبيق العقاب الرادع ضد أي عصابة أو أشخاص ثبت تورطهم في خطف الأطفال. يقول أحمد لـ"العربي الجديد" إنّه كغيره من اليمنيين تابع وسائل الإعلام وهي تتحدث عن إلقاء القبض على خاطفي أطفال. وكان آخرهم المدعو "عبد الملك أ. ع. ح" الذي اعتقل في مدينة حرض الحدودية، قبيل أن ينجح في تهريب ضحيته إلى المملكة العربية السعودية.

يضيف أنّه كان يتوقع أن تطبق السلطات الأمنية والقضائية عقاباً علنياً ضد المجرم بعد أن ثبتت جريمته. لكن لم يحدث شيء من هذا القبيل. بل هو يتوقع الإفراج عنه بمقابل: "عدم تطبيق أشد عقاب على هؤلاء أمام الناس وبشكل علني واسع يعني أنهم سيستمرون في ممارسة جرائمهم واستمرار خطف الأطفال".

من جهته، يؤكد نائب مدير التوجيه والعلاقات في وزارة الداخلية، العقيد محمد حزام، لـ "العربي الجديد" أنّ عمليات خطف الأطفال مستمرة، إلاّ أنّ إمكانية تهريب الضحايا خارج اليمن عبر الحدود غير واردة هذه الأيام بسبب المواجهات المسلحة بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات الحدود السعودية.

الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن، محمد الأسعدي يشير إلى عدة أسباب لخطف الأطفال في اليمن، بعضها الالتحاق بالجماعات والقوات المسلحة، وبعضها طلب الفدية، وغير ذلك. يوضح أنّ "يونيسف" تعمل بالتعاون مع شركائها على "توثيق كل الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال، وتجمع معلومات دقيقة عن حالات الخطف. وتنسق مع المؤسسات الفاعلة في مجال حماية الطفولة للاستجابة المناسبة". وبحسب المنظمة فإن عدد حالات الخطف منذ بداية الصراع المسلح في اليمن نهاية مارس/ آذار 2015 يصل إلى 197 حالة موثقة.

دلالات