المفتاح في رقبة الزعيم

07 مارس 2017
ربما يراجعون هذه المرة عدم انتمائهم (كريستوفر فوريونغ/ Getty)
+ الخط -
كان يا ما كان قبل الحرب الأهلية في لبنان (1975) اتحادات طلابية، تمثل الشرائح الأكبر من طلاب الجامعات. كانت تنطق باسمهم، وباسم حقوقهم وتربط في ما بينهم أفقياً، فلا تتخذ من فريق سياسي أو طائفي قدوة، ولا تأخذ أوامرها من ذلك الفريق على حساب طلاب قد يعتبرهم البعض من فريق آخر.

منذ بداية الحرب وشدّ العصب الطائفي كلّ في اتجاه، اختفى الاتحاد الأكبر، واختفى معه كلّ عبور بين الطوائف. ربما تحول الطلاب أنفسهم إلى وقود لمتاريس طائفية يدافع كلّ منهم فيها عن انعزال يسمّيه وطناً.

اليوم، ازداد عدد طلاب لبنان كثيراً، بل إنّ الجامعة اللبنانية (الرسمية) تستقطب أكثر من سبعين ألف طالب، يضاف إليهم عشرات الآلاف في الجامعات الخاصة.
لكن، مع ازدياد عدد الطلاب لم يزدد التنسيق الأفقي بينهم بل تجذّر الانقسام. وانعكس السياسي - الطائفي في البلاد، بحسب كلّ مرحلة، عليهم. غياب التنسيق الأفقي بين الطلاب يساهم في تغييب حقوقهم. فالبديل عن الاتحادات الكبرى تجمعات صغيرة في كلّ معهد أو كلية. تجمعات تسطو عليها رؤية منفردة لحزب من الأحزاب أو حزبين لا أكثر.

وبما أنّ الأحزاب المسيطرة في لبنان طائفية، وهي التي تسيطر بالتالي على تلك التجمعات، فإنّ الأجندة الحزبية تنسحب على حقوق الطلاب. وما على من لا يتوافقون مع هذا "الحكم" إلاّ الانصياع لرؤيته، وإلاّ الإحجام عن المشاركة السياسية (المطالبة بالحقوق في حالة الطلاب) تبعاً لمخالفة رأي الأكثرية.

الأسوأ أن يتجانس ذلك الفريق الذي يحكم تمثيل حقوق الطلاب مع إدارة المعهد أو الكلية أو الجامعة طائفياً، وحزبياً، فعندها تأتي الأجندة الحزبية على قياسهما معاً، فيختزل الحزب مساحة الحقوق كاملة في الكلية، ويستبعد من لا ينتمون إليه.

المنتمون إلى أحزاب أخرى يعزّون أنفسهم بأنّهم "مسيطرون" في معاهد أو كليات أو جامعات أخرى. لكنّ غير المنتمين، وربما يكونون هم الأكثرية الفعلية، ينالون الظلم الأكبر، فهم غير ممثلين، ولا يصلون إلى حقوقهم، ولا يتمكنون من مقارعة الأحزاب الكبرى المسيطرة ومنظماتها الطلابية. فحتى نشاط صغير، خيري أو حقوقي أو ترفيهي، من الصعب على مجموعة من الطلاب هؤلاء تنظيمه من دون موافقة تلك الأحزاب المسيطرة وتطبيق منظومتها القيمية عليه.

غير المنتمين هم خارج التجانس الطائفي - الحزبي غالباً، وعليهم أن يتحملوا ضريبة ذلك، فإمّا أن يُلحَق رأيهم تعسفاً بأحد الأحزاب تلك، أو يُعزلوا وينتظروا التخرج. وماذا بعد التخرج؟ ربما يراجعون جيداً هذه المرة عدم انتمائهم، بينما يقفون عند أبواب وظيفة مفتاحها طائفي معلّق في رقبة زعيم.

المساهمون