فندق الجدار... تطبيع أم واجهة لمعاناة الفلسطينيين؟

فندق الجدار... تطبيع أم واجهة لمعاناة الفلسطينيين؟

13 ابريل 2017
أصوات قنابل تلتحم مع اللوحات الفنية (عصام الريماوي/الأناضول)
+ الخط -

لوحة فنية ربما هي الأسوأ مكاناً في العالم، إذ يمتزج الفن مع معاناة الفلسطينيين في فندق يتوشح جدار الفصل العنصري الذي قتل حياة الفلسطينيين وصعبها بالضفة الغربية المحتلة.

يقع فندق الجدار، على مقربة من جدار الفصل العنصري عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، ويجسد الألم والوجع، وكافة أشكال الحصار الذي فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على الفلسطينيين عندما عزلتهم عن مدينة القدس المحتلة، وبني الفندق في ذلك الموقع ليكون شاهداً عليها.
يريد القائمون على الفندق أن يبرزوا لكافة الزوار والسائحين الوجه الحقيقي لحياة الفلسطينيين، لكن بصورة مختلفة عن طريق الفن، فالفندق من الداخل صُمم على عكس الحياة من الخارج، فجمال اللوحات، والراحة النفسية، والهدوء والمشاهد الفنية الرائعة تصدم المقيم حين يطل على أسوأ إطلالة في العالم، وهي الجدار وارتفاعه الشاهق، والضيق الذي يخلّفه هناك.
يضم الفندق تسع غرف، بأجنحة مختلفة، ذات طابع فني، يعتقد أن الفنان البريطاني مجهول الهوية المعروف باسم "بانكسي" قد رسمها، ويتسع لنحو 18 نزيلاً، كما يضم معرضا للوحات أكثر من 50 فناناً فلسطينياً، إضافة إلى متحف يجسد كافة أشكال المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون.

يقول مدير الفندق، وسام سلسع، لـ"العربي الجديد"، إن توظيف الفن في تجهيزات الفندق "طريق وحيد لنقل ونشر معاناة الفلسطينيين إلى العالم". "بانكسي" بحسب سلسع، أشرف على مشروع إقامة الفندق، وقام بتمويله، إضافة إلى أنه قام برسم جميع اللوحات على جدران الفندق، وتابع "فكرة فندق الجدار، جاءت من أجل إلقاء الضوء على الجدار، وتعريف الناس به، وبما خلفه لهم من معاناة".
ويرفض سلسع، أن يقدم معلومات أكثر عن "بانكسي"، وعن علاقته بالفندق، أو معلومات عن طبيعة التمويل، أو كيفية الإشراف عليه، واكتفى بالقول إن الفنان البريطاني شارك بالفكرة.

مسؤول في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، قال لـ"العربي الجديد"، إن سجلات الفندق لديها باسم مديره وسام سلسع وزوجته، ولم يظهر في تلك السجلات أي علاقة لـ"بانكسي"، وما يربطه فيه هو اللوحات المرسومة على جدران الغرف هناك.
يدهشك الفندق بموقعه السيئ والغريب عن كافة الفنادق بالضفة الغربية المحتلة والعالم، ويعتبر من أسوأ الفنادق إطلالة وموقعاً، وربما الأكثر بشاعة، حتى إن أشعة الشمس، لا تزوره بسبب مجاورته للجدار.
ويضم الفندق 50 موظفا، يقدمون خدمات لكافة المقيمين، عدا أنه فيه جناح رئاسي، وغرف مرتفعة الثمن، وأخرى فيها ثمن السرير يصل إلى 30 دولارا في الليلة الواحدة. وما يجعل بعض الفلسطينيين، يشعرون أن هذا الفندق استغلال لمعاناتهم هو الوجهة التجارية للفندق، فلسان حالهم يقول إن القائمين عليه جعلوا من الجدار مشروعاً استثمارياً لجني المال، فبعض الغرف تصل تكلفتها إلى 250 دولارا، والجناح الرئاسي الأغلى تكلفة ويصل إلى 1000 دولار.

وبحسب وزارة السياحة الفلسطينية فإن الأسعار في الفندق معقولة لأنه يستقطب كبار الفنانين في العالم، ليتعرفوا على معاناة الفلسطينيين من خلال الجدار، ومن خلال ما يحتويه من وصف لمعاناة الفلسطينيين بدءاً من وعد بلفور وحتى اليوم.
ما يثير بعض الجدل أن الفندق لا يمانع في استقبال الإسرائيليين، وفق مديره، سلسع، ويقول "إنه يتعامل مع رواده كزائرين ولا يمكن منع أي أحد من الإقامة فيه، فالفلسطينيون يحترمون الجميع كزوار، لا سيما الراغبين في التعرف على معاناتهم، وعلى الأضرار التي تسبب بها الجدار".
زيارة الإسرائيليين إلى مدينة بيت لحم غير مرتبطة بالفندق بحد ذاته، فلا شيء يمنعهم من دخول المدينة كزوار بحسب الناطق الإعلامي باسم وزارة السياحة والآثار، في الوقت الذي أكد فيه رفض الوزارة لأي شكل من أشكال التطبيع، ردا على بعض الأقاويل التي تخشى أن يُعقد في الفندق جلسات للتطبيع في المستقبل.

الطريق إلى الفندق ليست آمنة، فثمة مواجهات بمقربة منه، حيث يشتبك الشبان الفلسطينيون مع جنود الاحتلال ويرشقونهم بالحجارة، ما يجعل لوحات قنابل الغاز حقيقة للزوار، إذ يطلق الجنود قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، والرصاص، على مرأى ومقربة من المقيمين.
قنابل غاز في الجوار، وآليات عسكرية تجوب شوارع بيت لحم، وأصوات قنابل ورصاص تفسد صباح المدينة الهادئة، جميعها تلتحم مع اللوحات الفنية، ومجسمات قنابل الصوت والآليات العسكرية وجدار الفصل العنصري، وأوجاع الفلسطينيين داخل الفندق.