إعصار هارفي يتمدّد في الولايات الأميركية

28 اغسطس 2017
هكذا يبدو المشهد في هيوستن (إريش شليغل/ Getty)
+ الخط -

مناطق عدّة في ولاية تكساس الأميركية تبدو وكأنّها مدن أشباح إذ خلت من ناسها، في حين تُشاهَد سيارات مقلوبة وبيوت مخلّعة الأسقف أو مهدّمة بصورة كاملة. كذلك تغرق محلات ومقاه ومطاعم في المياه الجارفة، ليبقى المشهد على حاله مذ ضرب إعصار هارفي الولاية. يُذكر أنّه الإعصار الأعنف الذي يضرب الولاية منذ نصف قرن.

وتحوّلت شوارع كاملة إلى أنهر تجرف وتغرق كل ما يعترض طريقها من سيارات وإشارات مرور، والكارثة مستمرّة إذ يستمر تساقط الأمطار الغزيرة ليرتفع معها منسوب المياه فتقع فيضانات. وتصف السلطات المحلية الوضع بالكارثي وغير المسبوق، ولأنّها تخشى ممّا سوف يأتي أعلنت حالة الطوارئ.

ونقلت "رويترز"، عن قائد شرطة هيوستون، أن ضباطه تلقوا ستة آلاف مكالمة طوارئ، وأنقذوا ألفي شخص خلال آخر 24 ساعة، لكن لا يزال كثير من السكان بحاجة للمساعدة في ظل انتشار السيول نتيجة العاصفة المدارية هارفي.

وذكرت وكالة الأرصاد الجوية أن رابع أكبر المدن الأميركية من حيث الكثافة السكانية، غمرتها أمطار تراوح ارتفاعها بين 38 و76 سنتيمترا خلال مطلع الأسبوع، وتحركت العاصفة التي ضربت ساحل جنوب تكساس في وقت متأخر يوم الجمعة، بعيدا عن الشاطئ خلال الليل، ومن المتوقع أن تظل في هيوستون لأيام.


وتشير تقارير رسمية إلى أنّ كثيرين ما زالوا عالقين في بيوتهم مع استمرار تصاعد منسوب المياه. ومذ ضرب الإعصار، انقطعت الكهرباء وتوقفت المواصلات العامة عن العمل، في حين أغلق عدد كبير من مطارات الولاية مدرجاته الغارقة بالمياه وجرى تحويل مسار عدد من السفن إلى موانئ أخرى.

واليوم الإثنين، بالتزامن مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة الطوارئ في ولاية لويزيانا استعداداً للإعصار الذي يتّجه صوبها، أكّد مسؤولون في إدارة الطوارئ في الولايات المتحدة الأميركية بأنّهم ملتزمون بتوفير الموارد الاتحادية لولاية تكساس في أسرع وقت ممكن لمساعدة المتضررين من السيول، مرجّحين أن يطلب أكثر من 450 ألف شخص المساعدة. كذلك توقّعوا وضع أكثر من 30 ألف شخص في ملاجئ مؤقتة.

ويشكو كثيرون في تلك المناطق عدم قدرتهم على الاتصال بفرق الإنقاذ عبر خطوط الطوارئ الموضوعة في الخدمة، في حين حال انقطاع شبكة الهواتف في بعض المناطق دون ذلك، وهو الأمر الذي يمثّل خطراً خصوصاً على حياة العائلات التي تضمّ أطفالاً أو كباراً في السن لا يستطيعون التنقل بسهولة في الحالات الطبيعية. وكانت السلطات الرسمية قد طلبت من الناس الاتصال بخطوط الطوارئ فقط في حالات الخطر المهدّد للحياة.

ما زال من المبكر التحدّث عن حجم الأضرار بحسب المعنيين، لكنّ بعضهم قدّر قيمة الخسائر الاقتصادية المتوقعة بعشرات مليارات الدولارات. وقد لفتت دائرة إدارة الطوارئ الفدرالية بأنّه من المتوقع أن تعمل في تكساس على مدى سنوات. ومن المتوقع أن ترسل الحكومة الفدرالية عدداً أكبر من قوات الحرس القومي للمساعدة في إجلاء السكان من المناطق المنكوبة وكذلك المساعدة في أعمال التنظيف وإعادة الإعمار.




وقبل أن يعلن ترامب حالة الطوارئ في لويزيانا، بدا أنّه على عجل لإعلان "النصر" في مجابهة الإعصار والفيضانات في تكساس، على الرغم من استمرار حالة الطوارئ هناك. وقد غرّد على حسابه الخاص على موقع "تويتر" بأنّ التنسيق بين أفرع الحكومة المختلفة يجري على أفضل مستوياته وأنّ السلطات المعنية تمكّنت من إنقاذ الآلاف. بذلك، يرغب ترامب في استباق أيّ انتقادات قد تأتي حول جودة استعداداتها لمواجهة إعصار لجهة حجمه وقوته، على الرغم من تحذيرات أهل الاختصاص. وعبّر معلّقون كثيرون عن امتعاضهم من المفردات التي استخدمها ترامب في تغريداته التي تحدّث في إحداها عن "المواهب العظيمة التي تعمل على الأرض"، وكأنّه يعلّق على برنامج تلفزيوني.

في السياق، حذّر سياسيون في الحزب الجهوري ترامب من ارتكاب الخطأ نفسه الذي ارتكبه الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في عام 2005 حين ضرب إعصار كاترينا مناطق عديدة من الولايات المتحدة بما فيها نيو أورلينز وخلّف فيها دماراً كارثيا عانت منه المدينة لسنوات. في ذلك الحين، كانت انتقادات حادة قد وُجّهت إلى بوش وإدارته وكذلك للسلطات المحلية بسبب عدم استجابتها واستعدادها للكارثة التي ضربت تلك المناطق، بل انتظرت أياماً قبل القيام بعمليات الإنقاذ الضرورية التي تتلاءم مع حجم الكارثة آنذاك. كذلك تُرِك سكان كثيرون في حينه، عالقين في بيوتهم ولأيام من دون مياه صالحة للشرب ولا طعام ومن دون الحصول على المساعدات اللازمة من قبل الحكومتَين الفدرالية والمحلية.

وإعصار هارفي ضرب هيوستن أكبر مدن ولاية تكساس ورابع أكبر مدينة أميركية، وكذلك ضواحيها، التي يصل عدد سكانها إلى نحو ستة ملايين نسمة. وسقوط كميات كبيرة من الأمطار عرّض شبكات المجاري والصرف إلى ضغط فلم تعد قادرة على تصريفها. وقد نصحت في السياق السلطات المحلية السكان بعدم شرب مياه الشفة من دون غليها.

ويخشى المعنيون من وقوع أضرار في أنابيب الغاز والنفط الكثيفة في المنطقة والمتشابكة، الأمر الذي قد يؤدي إلى كوارث بيئية وخيمة. وكان إنتاج النفط في سواحل خليج تكساس قد توقف، في حين أغلقت موانئ عدّة على الخليج يجري عبرها الاستيراد والتصدير.

إلى ذلك، من غير الواضح إلى أيّ مدى سوف يؤثّر إلغاء مئات الرحلات الجوية على بقيّة مطارات الولايات المتحدة الأميركيّة، خصوصاً أنّ مطار هيوستن يُعدّ واحداً من المطارات الرئيسية في البلاد وهو المقر الرئيسي لشركَتي "يونايتد" و"ساوث إيست".

المساهمون