حملة "عيد نظيف" في المغرب لإزالة المخلفات خلال أيام الأضحى

30 اغسطس 2017
محاذير صحية من انتشار النفايات (فيسبوك)
+ الخط -

مع قدوم عيد الأضحى كل عام، تتحول شوارع العديد من مناطق ومدن المغرب إلى جبال من النفايات، وتتسخ الأزقة ببقايا الفحم الخشبي المستعمل في العيد، ومخلفات شواء رؤوس الأضاحي أيضاً.

أوساخ وأزبال بالأطنان لا تخطئها العين تتراكم قبل وأثناء يوم عيد الأضحى في مدن المملكة وأحيائها، ما دفع جهات رسمية ومدنية إلى إطلاق مبادرة جعل العيد يوماً نظيفاً بدون أضرار بيئية وصحية.

قبل "العيد الكبير" كما يسميه المغاربة، للتمييز بين عيدي الأضحى والفطر وهو "العيد الصغير"، تتلطخ الشوارع بما يبقى من مخلفات بيع التبن والأعلاف، وبيع الفحم الذي يُستعمل في "شيّ لحوم الأكباش".

وتزدهر المهنة الموسمية لبيع التبن والأعلاف أياما قليلة قبل يوم عيد الأضحى، ويعرض الباعة حزماً من التبن وأكياساً من الشعير على الأرصفة وأمام الحوانيت، التي يتزوّد منها الناس بما يلزمهم ليوم العيد. وتنتعش تجارة الفحم الخشبي بدورها قبل "العيد الكبير"، ويحوّل كثير من الباعة مهنهم الأصلية إلى تلك المهنة المؤقتة، ما يبقي الشوارع مكتسية بسواد الفحم.

ويوضح ندير يوسف، شاب يبيع التبن والفحم الخشبي قبل حلول يوم العيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه ينتظر هذه المهنة الموسمية بفارغ الصبر لنيل بعض النقود التي يعين بها ميزانيته المتهالكة لاقتناء أضحية العيد.

ولا يخفي يوسف علمه بكثرة شكاوى السكان المجاورين لمكان بيع بضاعته بسبب مشكلة الأوساخ التي تحدثها جراء سواد الفحم وبقايا التبن والشعير، مشيراً إلى أنه يعمل ما في وسعه من أجل تنظيف مكانه وغسله بالماء قبل مغادرته في المساء.

الفحم يخلف آثارا تحتاج للتنظيف ( الأناضول)


ويقول: "إن عمال النظافة يقومون بواجبهم كل صباح ومساء، ويجمعون القاذورات والأزبال، خصوصا في الأيام التي تسبق يوم عيد الأضحى، بخلاف ما كان عليه الأمر في سنوات سابقة".

أحد سكان حيّ الانبعاث بضواحي مدينة الرباط، يبيّن لـ"العربي الجديد" أن الشوارع والأحياء تتحول إلى مراكز ضخمة للنفايات، ما يشكل خطراً بيئياً وصحياً على السكان. ويشرح بأن البضائع التي تعرض على الأرصفة تترك مخلفات تتجمع حولها شتى الحشرات، فضلا عن الروائح الكريهة أحيانا كثيرة، وهو ما اشتكى منه السكان مراراً من دون جدوى.

ويضيف المتحدث بأن "الأدهى والأمرّ هو زوال يوم العيد حيث يصطف الشباب فرادى وجماعات وسط الشوارع والأزقة لشَي رؤوس الأكباش مقابل مبلغ مالي معين"، متابعا بأن "ما يحصل يوم العيد كارثة بيئية حقيقة".



نصر الدين، مراهق في السابعة عشرة من عمره، اعتاد، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، على أن يتخذ من يوم العيد مهنة شواء رؤوس الأضاحي. ويقول إنه يستخدم برفقة أصدقائه أغصان الأشجار ومواد مطاطية مثل إطارات السيارات لإشعال النار، قصد شيّ رؤوس الخرفان التي يأتي بها الزبائن.

وردا على من يتهمهم بارتكاب "مجازر بيئية" يوم العيد، قال نصر الدين إنهم يبالغون كثيرا، لأن عيد الأضحى معروف بطقوسه الاستثنائية، ومنها عملية شواء رؤوس الأضاحي بطريقة تقليدية ورخيصة، مضيفا أنه بعد العيد تعود الأمور إلى نصابها من دون مشاكل.

هذه "المجازر البيئية" بتعبير المتضررين، يعلق عليها عبد الغني سركاو، عامل نظافة بالرباط، قائلا لـ"العربي الجديد"، "إنها بالفعل كوارث بيئية تحصل يوم العيد، لكن مقابلها يتم تخصيص جهود كثيفة لتفادي أضرار بالصحة والبيئة والناس".


شروط صحية وبيئية لذبح الأضاحي في الأماكن العامة(الأناضول)


ويكمل بأن المسؤولين عن قطاع النظافة يتجندون يوم العيد لجمع أطنان النفايات، وأحشاء البهائم التي ترمى أحيانا بدون أكياس خاصة بها، ما يجعلهم في حرب وسباق مع الزمن لرفع الأضرار والحفاظ على صورة الحي والمدينة.

ولمواجهة هذه المعضلة البيئية في "العيد الكبير"، أطلقت كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستديمة حملة توعوية وطنية لتحقيق عيد أضحى نظيف، قوامها حثّ السكان على المساهمة في نظافة الأحياء.

هذه الحملة البيئية تعتمد وفق القائمين عليها على تنشيط جلسات توعية وتحسيس بخصوص حماية الموارد ونظافة الفضاءات، ويتم خلالها توزيع أكياس الثوب التي تعوض الأكياس البلاستكية المضرة بالبيئة.

وتوضح نزهة الوفي، كاتبة الدولة المكلفة بالبيئة، بأن الحملة الجديدة تحمل وجوها عديدة تهم القطاعين الحكومي والخاص، والمجتمع المدني والمواطنين، تهدف إلى تصحيح الممارسات الضارة بالصحة والبيئة.

وتوضح الوفي أن شركات النظافة ستسيّر شاحنات جمع القمامة بكثافة طيلة أيام العيد، للتنقل بين الأحياء والدروب والأزقة، داعية إلى التغلب على الممارسات المسيئة للبيئة، والتي يمكن تفاديها بالتحسيس والتواصل مع المواطنين.

رفع النفايات مسؤولية جماعية(عبد الحق سينّا/فرانس برس) 


وأفرد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، حيزا للنصائح المساعدة على تمضية عيد أضحى صحي ونظيف، من قبيل أن يكون الجزار طاهرا ونظيف الجسد واللباس.

ودعا المكتب إلى "اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند الشروع في سلخ الأضحية، كي لا تتلوث اللحوم بأوساخ الصوف واجتناب عملية نفخ الأضحية عن طريق الفم"، حاثا على دفن الأعضاء غير الصالحة للاستهلاك.

ويؤكد المكتب "أن المغاربة مطالبون أيضا بتنظيف مكان الذبح والأدوات المستعملة بمواد منظفة ضرورية، مع جمع كل النفايات في أكياس بلاستيكية وإيداعها في مكان ملائم في انتظار جمعها من طرف المصالح المعنية".


المساهمون