العشائر تفرض سلطتها على المدارس العراقية

22 نوفمبر 2018
العشائر تهدد العملية التعليمية (Getty)
+ الخط -


لم يستطع المُدرِّس العراقي أحمد عيسى، الاستمرار في العمل بمدرسته الواقعة بضواحي بغداد، بعد أن تلقى تهديداً عشائرياً  من ذوي أحد طلابه، بسبب رسوبه في مادة الرياضيات، ما أجبر عيسى على الانتقال إلى مدرسة أخرى في إحدى القرى النائية خارج العاصمة خوفاً من التهديد.

ويقول عيسى، لـ"العربي الجديد"، إنّ "لديه خدمة في مدرسته تزيد عن 12 عاماً، وأنّه يحقق نسب نجاح متميزة في كل عام دراسي، لكن موضوع العشائر اخترق المؤسسات التعليمية العراقية، وتسبب في مشاكل كبيرة داخلها".

ويوضح سبب التهديد، "بعد أن سلّمت طلابي في المرحلة الثانوية درجات امتحانهم الأخير، اتصل بي مساء اليوم نفسه، أحد الأشخاص، وسألني عن سبب رسوب ابنه، فأخبرته أنّه كسول، فطلب مني أن أمنحه درجة نجاح، وحين رفضت هددني وأغلق الهاتف".

ويضيف: "بعد ساعات اتصل بي أشخاص قالوا إنّهم شيوخ عشيرة الطالب، وإنّني مطلوب لديهم كوني تسببت برسوب ابنهم، وهددوني بالقتل في حال واصلت الدوام في المدرسة، حينها أجبرت على ترك المؤسسة، وانتقلت إلى مدرسة نائية في قرية خارج مركز بغداد".

ويتابع: "قدمت شكوى في وزارة التربية، وطلبت حمايتي قانونيا، لكن لا أحد يحميني كمدرس، وأبلغوني أنّ القضية عشائرية ولا دخل للوزارة فيها"، مناشداً الحكومة بـ"وضع حل لتدخل العشائر في المسيرة التعليمية".

من جهتها، تؤكد وزارة التربية أن لا سلطة لها على العشائر التي اخترقت كافة مؤسسات الدولة، وأنّه لا يوجد قانون يحمي المدرس منها.

ويقول مسؤول في وزارة التربية لـ"العربي الجديد"، إنّ "القانون العراقي لا يوفر أي حماية للمدرس والمعلم، وإنّ سلطة العشائر لا يمكن السيطرة عليها"، مؤكدا أنّ "الوزارة حاولت اتخاذ إجراءات قانونية لحماية المدرسين لكنها فشلت مرارا، كما أن القوانين الموجودة اليوم لا تخدم المدرس العراقي".

ويشير إلى أنّ "المعلمين اليوم اضطروا إلى الاتكاء على عشائرهم لحمايتهم من عشائر الطلاب، لكنّ المعلم الذي لا عشيرة له، يضطر للقبول بما يريده الطالب أو يخضع لحكم العشائر عليه".

وتحمّل نقابة المعلمين العراقيين، وزارة التربية مسؤولية هذا الخلل في المنظومة التعليمية. ويقول عضو النقابة الأستاذ باسل المعموري، لـ"العربي الجديد": "حاولنا العمل على تفعيل القوانين التي تمنع تدخل العشائر في المؤسسات التعليمية لكننا فشلنا".

ويوضح أنّ "وزارة التربية لم تتعاون معنا في ذلك، وهي المسؤولة عن هذا الفشل"، مؤكدا "توثيق مئات الحالات من التهديدات العشائرية التي طاولت المدرسين في العديد من المدارس".

ويؤكد أن أكثر من 500 مدرس ومعلم تعرضوا للضرب أو الاعتداء اللفظي والتهديد من قبل طلاب أو ذويهم في عموم مدن العراق منذ مطلع العام الجاري، ولم تنصف الوزارة أي أحد، كما أن المدرسين والمعلمين أخذوا حقوقهم بالعشائر أيضا أو من خلال مراكز الشرطة وبعضهم أخذ حقه بيده، وهو أمر محزن أن يصل التعليم في العراق إلى هذا المستوى".

وتواجه المؤسسات التعليمية في العراق ظروفا صعبة للغاية، بسبب ضعف سلطة الدولة وقوة العشائر، ما جعلها عرضة للتدخلات والانتهاكات العشائرية بشكل مستمر.

 

 

المساهمون