مغاربة يحتجون بالسترات الصفراء والسوداء لتحقيق مطالبهم

18 ديسمبر 2018
السترات تحمل رسائل رمزية تنطوي على نية بالتصعيد (فيسبوك)
+ الخط -
انتقلت عدوى الاحتجاج بالسترات الصفراء من فرنسا إلى المغرب، ولكن بطرق مختلفة وفي سياقات أقل حدة بكثير. إذ بدأت فئات اجتماعية ومهنية تحتج لتحقيق ملفاتها المطلبية بارتداء سترات صفراء، من قبيل جمهور أحد أندية الكرة وتقنيين يعملون في مصالح حكومية، في حين اختار الأطباء العموميون الاحتجاج بسترات سوداء اللون.

واختارت العديد من جماهير نادي الجيش الملكي لكرة القدم، وهو أحد أعرق وأرقى الفرق الكروية في المغرب وأفريقيا، ارتداء سترات صفراء إعلانا منها عن غضبها واحتجاجها على أوضاع الفريق المتردية، متهمين مسيّري الفريق بالتقاعس عن انتشال النادي من أزمته الإدارية.

كما قرر التقنيون العموميون الذين يشتغلون في الإدارات والمصالح الحكومية تنظيم إضراب يستمر إلى يوم 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري داخل مكاتبهم مرتدين سترات صفراء، منتقدين ما نعتوه بإهمال الحكومة لمطالبهم المتعلقة أساسا بالترقية الإدارية، وتحسين وضعيتهم المادية، وفتح الجامعات والمدارس العليا لمتابعة التدريب لجميع التقنيين.

وخاض الأطباء العاملون في المستشفيات العمومية، أمس الاثنين، احتجاجا بالسترات السوداء هذه المرة، كما يرتقب أن يكرروا الاحتجاج في آخر يوم من ديسمبر الجاري، بهدف إثارة انتباه وزارة الصحة والحكومة عموما إلى ملفهم المطلبي الذي يعتبرونه مشروعا.

وقال رئيس النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، منتظر العلوي، إن الاحتجاج بالسترات السوداء تم تدشينه من طرف الأطباء العموميين قبل فترة، مبرزا أنهم "اختاروا هذا اللون على لبس سترات صفراء، لأنهم يرغبون في إيصال رسالة قوية إلى الحكومة مفادها أن الأطباء ذوي الوزرات البيضاء يعيشون حدادا مهنيا لا يمكن أن يجسده سوى اللون الأسود".




وتابع المتحدث لـ"العربي الجديد"، أن الأطباء استجابوا للإضراب وهذا الشكل الاحتجاجي بنسب ساحقة في أغلب المستشفيات والمراكز الصحية مع الاحتفاظ بالعمل في المستعجلات (أقسام الطوارئ) والإنعاش الطبي، مردفا بأن الأطباء سيستمرون في الاحتجاج بكافة الأشكال الحضارية والسلمية إلى أن تتحقق مطالبهم التي يكررونها منذ أسابيع بدون أن تنال اهتمام الحكومة.







ورأى الباحث السوسيولوجي كريم عايش، في هذه المعطيات أنه منذ الخطاب ما قبل الأخير للملك محمد السادس الذي تطرق إلى ضرورة تفعيل الحوار الاجتماعي وإخراجه من الجمود، ترقبت النقابات ومعها الأجراء والموظفون وشريحة واسعة من المتعاقدين تحريك عجلة هذا الحوار أمام الملفات المطلبية للعديد من القطاعات، لكنها لم ترس على شاطئ الحل والاستجابة.

ولفت عايش إلى أن "العديد من القطاعات التي تؤطرها نقابات غير ممثلة في الحوار الاجتماعي مع الحكومة، دخلت من زمن في أشكال احتجاجية متنوعة مستعرضة مطالبها المختلفة في مدن المغرب، إلى أن صارت تختم مسيرتها النضالية بوقفات أمام البرلمان أو الوزارات الوصية".

واسترسل عايش بأن "كل هذه الملفات وقضايا مطلبية أخرى بقيت حبيسة رفوف الحكومة، وساهمت في ركود الملف الاجتماعي وتقديم التسهيلات للمستثمرين وأرباب الشركات على حساب المواطن والعامل الذي يعاني من ارتفاع الضرائب وغلاء المعيشة وضعف القدرة الشرائية واستفحال البطالة والهشاشة".

وذهب المحلل في تصريحه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "كل هذه العناصر دفعت بالحركات الاحتجاجية إلى إبداع طرق جديدة لإثارة الاهتمام وإبداء رمزية تنطوي على تهديد بالتصعيد، وليس أحسن من مثال السترات الصفراء بفرنسا، التي انطلقت بدون تأطير نقابي ولا قيادة تنسيق، لتحتج أولا وتصعد ثم تحقق فوزا بتراجع الحكومة عن الإجراءات المعلنة".

وزاد الباحث في مركز الدراسات الاجتماعية بجامعة الرباط بأن هذا "شجع المغاربة على اقتباس الفكرة لرمزيتها ودلالتها ليس من ناحية التهديد بالفوضى والعنف، ولكن لاستحضار ما قاله سابقاً رئيس الحكومة بكون المغرب يعيش أوضاعا أفضل من فرنسا".

وخلص إلى أن "السترات الملونة باتت رسالة إلى أنه على الحكومة الانكباب على معالجة الملفات المطلبية القطاعية والنقابية، وإعادة النظر في قانون المالية الجديد ليتماشى وتطلعات شريحة عريضة من المواطنين في التخفيف من عبء غلاء الأسعار وتراجع القدرة الشرائية".