محاصرون داخل أقبية في الغوطة الشرقية: "ننتظر الموت ولا يأتي"

21 مارس 2018
طفل سوري يراقب من منزل مدمر في زملكا(محمد إياد/Getty)
+ الخط -

من يخاطر بحياته ليستطلع الأوضاع في المدن السورية المحاصرة مثل عربين أو زملكا أو حزة أو عين ترما أو جوبر، المحاصرة ضمن ما يعرف بالقطاع الأوسط من الغوطة الشرقية، سيتأكد أنها تحولت إلى مدن أشباح.

لا يكاد يوجد بناء واحد لم تنل منه قذيفة أو صاروخ، وتمتلئ الشوارع بالأنقاض، ما جعل التنقل في كثير من الطرقات أمرا غاية في الصعوبة، في حين تظهر مجتمعات موازية في الأقبية التي يعيش فيها عشرات آلاف المدنيين في ظروف لا تليق بالبشر.

يقول الستيني المحاصر في قبو، أبو شاكر: "لم يعد لدينا ما نقوله. ننتظر الموت ولا يأتي".  لا يدري أبو شاكر إلى أين يذهب، فقد نزح أكثر من مرة، خلال الأسابيع الماضية، مع أبنائه وأحفاده. "مر علينا يومان ما أكلنا، كان معنا القليل من الأرز عملناهم للولاد، والله لست قادرا على الوقوف اليوم، أشعر بوهن شديد من الجوع".

وأضاف "القصف يزيد يوماً بعد آخر، ولم يعد هناك مكان ننزح إليه، وأعتقد أن مكاني اليوم هو قبري، وهذا أهون عليّ من الخروج من الغوطة".

وقالت سلمى، وهي شابة في الثلاثين لـ"العربي الجديد"، إن "القبو مكتظ بالناس، حتى إنه لم يعد هناك متسع للتمدد على الأرض للنوم. قلما ننام نتيجة القصف الذي لا يتوقف، كما أن بكاء الأطفال لا يكاد يتوقف مع عددهم الكبير، فالغالبية العظمى في القبو أطفال ونساء".

وأضافت "اعتدنا الجوع والألم والمرض، وحتى دويّ الانفجارات، وأصبحنا نخاف من الهدوء".

وتحلم سلمى اليوم بأن تخرج من القبو لتستحمّ وتبدل ملابسها التي لم تغيرها منذ 20 يوماً، "أشعر أن عليّ طنا من الغبار" على حد قولها.



وقال أبو وسيم، وهو أيضاً محاصر في القطاع الأوسط من الغوطة الشرقية لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع في المدن الخمس سيئ للغاية، والأقبية تغص بالمدنيين، ولم يعد ترف النزوح متوفرا، فليست هناك منطقة آمنة في الغوطة، والخروج من القبو مراهنة غير محمودة العواقب بسبب القصف المكثف".

ولفت إلى أن "النزوح مرتبط بتقدم النظام، فالناس تحاول الفرار من المناطق التي يتقدم إليها، خاصة بعدما انتشرت فيديوهات وصور تظهر الإساءة للنازحين من الغوطة إلى مناطق النظام، وتوارد أخبار أن هناك اعتقالات تمت للشباب، وسط توقعات بتجنيدهم ضمن مليشيات موالية للنظام".

وأوضح أن "المحاصرين في الغوطة اليوم، ليس لديهم متسع من الحركة في القبو الذي يعيشون فيه، والذي تحوّل إلى معتقل أشبه بالقبر. حتى الموت لا يغيب لحظة عنهم، وهناك من يشغله إنقاذ أطفاله ولو قتل أو اعتقل، فبكاء الأطفال من الجوع والخوف يشكل ضغطا نفسياً كبيراً على الأهالي".