عبد الهادي قاشيط... كاتب سوري قتله النظام في السجن بسبب كلماته

05 اغسطس 2018
الكاتب السوري عبد الهادي قاشيط (فيسبوك)
+ الخط -


"أكتب كي أكون حيث الكتابة في دمي وكينونتي، ففي البدء كانت الكلمة، أكتب لأن الكلمة تخيف الطغاة أكثر من رصاصة، أكتب من أجل الحياة، الخير، الحب، الجمال، والإنسان الذي يختزن كل هذه القيم النبيلة في داخله، أكتب كي يكون الإنسان إنسانا، أكتب لأن الكتابة صنو الحياة... وتركها صنو الموت"، بهذه الكلمات افتتح الصحافي عبد الهادي قاشيط لقاءه مع موقع "حلب" الموالي للنظام السوري عام 2008، ولم يكن يعلم أن ثمن هذه الكلمات سيكون غاليا عند نظام يجسد روح الطغيان والاستبداد، ليعتقل ويعذب حتى الموت ثمنا لموقفه.

تردد اسم عبد الهادي قاشيط ضمن قوائم طويلة لسوريين قضوا في معتقلات النظام السوري تحت التعذيب، مع العلم أن خبر وفاته في المعتقل ورد في الثامن من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2013، وكان فرع المخابرات الجوية في مدينة حلب آخر مكان وُجد فيه عبد الهادي قبل مفارقته الحياة.

ويصف الكاتب السوري نجم الدين السمان الذي عرفه، وكان يتردد لزيارته في محله بالحديث لـ"العربي الجديد" عن قاشيط قائلا: "كان شاباً طيباً وذا ثقافة، بنى نفسه من لا شيء تقريبا، كان يعمل بدكان تعود ملكيته لوالده حسب ما أذكر يعيش منه، وانطلق بمحاولات الكتابة هنا وهناك، وصراحة لم نكن نتوقع منه هذا الموقف الجريء والحماسي في الثورة ضد النظام، وكان لموقفه هذا ثمن كبير دفعه رحمه الله".

ويتابع "هكذا موقف من هذا الشخص بمدينة حلب المنقسمة على نفسها لم يكن سهلا، وهو انحاز للفقراء والمهمشين فيها ليقول كلمته، وأعلن موقفه ضد السلطة عندما كان أغلب الناس يخونون مواقفهم، لأسباب متعددة منها الخوف".

ويضيف: "كان لعبد الهادي نهفات فيقول مثلا: بس ممدوح درويش قال هيك. أحيانا كنا نصحح ونقول: تقصد محمود درويش، فيبتسم. كان شخصا بسيطا وعفويا". ويتابع "أحيانا نكتشف قوة داخلية في أناس مثل عبد الهادي قاشيط لم نكن نتوقعها، وخاصة في مدينة مثل حلب حيث تغلب المصلحة على المبادئ عند شريحة كبيرة من الناس".



ويوضح مدير مركز الحريات برابطة الصحافيين السوريين إبراهيم الحسين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا بد أولاً من القول بأن الحريات الإعلامية في سورية كانت منذ ما قبل الثورة منتهكة بشدة، وإبان انطلاق الثورة ازداد حجم الانتهاكات واتسع، ومارس النظام قمعاً غير مسبوق أدى إلى مقتل عدد كبير من الإعلاميين، واعتقال كثيرين جرت تصفية بعضهم لاحقاً تحت التعذيب. ووثقنا في المركز السوري للحريات الصحافية برابطة الصحافيين السوريين مقتل ثلاثين إعلامياً على الأقل تحت التعذيب لغاية آخر يوليو/تموز 2018".

وعن أحوال الصحافيين المعارضين لنظام الأسد يقول الحسين: "الوضع مأساوي حقيقة ليس فقط بالنسبة للإعلاميين الذين صنفهم النظام على أنهم معارضون له، بل حتى لمن يعمل في المؤسسات الإعلامية التابعة له أو العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرته، لأننا جميعاً نعلم حجم الرقابة المفروضة على الإعلامي والمحاذير الكثيرة المرسومة له والتي لا يتجرأ أي إعلامي على تجاوزها لأن ثمن هذا التجاوز سيكون بالتأكيد إما التصفية أو الاعتقال".

ويتابع "في المرحلة الحالية لدينا قلق كبير على الزملاء الإعلاميين في المناطق التي يعيد النظام سيطرته عليها كما هو الحال في درعا، لأن هناك العشرات ممن لا يستطيعون الخروج من مناطقهم ويخشى أنهم سيكونون عرضة للانتقام من جيش النظام وأجهزة استخباراته. ونبذل كل جهودنا بالتعاون مع المنظمات الدولية المهتمة بالشأن الإعلامي لتأمين سلامتهم أولا،ً ومن ثم تقديم كل العون لهم ليبقوا ممارسين لمهنتهم، وبنفس الوقت نحن نثير دائماً موضوع المعتقلين في كل مناسبة، والملف بطبيعة الحال يشمل الإعلاميين الذين لا يزالون معتقلين أو مختفين قسرياً".

والصحافي قاشيط، الذي يصفه زملاؤه بـ"الخلوق" ولد في مدينة حلب عام 1967، وعمل بجريدة البعث مشاركا في صفحات دروب الإبداع في عام 1991، واشتهر بكتاباته المتميزة للقصة القصيرة ومقالات النقد الأدبي والمسرحي. وشارك في أمسيات ومهرجانات ومسابقات ونال جوائز عدة منها الجائزة الأولى لاتحاد الكتاب العرب بمدينة حلب عام 1998عن قصته "رسالة إلى السيد المدير العام"، كما صدرت له مجموعة قصصية بعنوان "تداعيات في حضرة الضمير"، وكانت هي المجموعة الأولى والأخيرة له قبل أن ينهي النظام حياته تحت التعذيب.