يصعّب مستوى التعليم في كندا من مهمة المهاجرين العمل بتخصصاتهم. فالمؤسسات الكندية، الحكومية والخاصة، تفضل أن يكون الشخص متحصلا على شهادته من البلد، أو معادلا لها. وتزداد الشروط إلى مطلب الخبرة الكندية أيضا، ما يصعب الأمر أكثر فأكثر. لذا يضطر كثيرون من المهاجرين العرب للعمل التطوعي لاكتساب الخبرة والمهارات لسنة أو سنتين.
ينعكس هذا الخيار على الحياة الأسرية وتسيير أمورها الحياتية المالية. وهنا تحضر المعادلة الصعبة، فيضطر المهاجر إلى البحث عن عمل، وليس بالضرورة أن يكون ضمن تخصصه وإنما سيبحث عن أية فرصة، وبعدها يتلاشى حلم العمل بتخصصه.
هو ما حصل مع المهندس العراقي أيوب جمال، الذي حضر كلاجئ مع زوجته وأطفاله عام 2012. فقد بدأ معادلة الشهادة ونجح في ذلك، بيد أنه حين تقدم إلى سوق العمل الكندي وجد نفسه في سوق ينافسه بدرجات عالية بين الكنديين. قرر أيوب دراسة الماجستير وفعلا حقق ذلك، ولكنه حين عاد إلى سوق العمل وجد نفسه في دوامة أخرى بغياب مطلب الخبرة في السوق الكندي، فقد أصبح في الـ55 من عمره.
وتفضل الشركات من هم أصغر سنا. يقول أيوب " كنت بين خيارين، كلاهما صعب، فإما أكمل مشواري الدراسي في الدكتوراه أو اذهب للبحث عن فرصة عمل، حتى ولو كانت بعيدة عن تخصصي، فقد تزايد قرض الدراسة من الحكومة وبات يثقلني، فعلي تسديده مع التفكير بمستقبل أبنائي أيضا".
يبدو أن خيار أيوب مثل غيره من المهاجرين هو في التخلي عن حلم العمل في تخصصاتهم، وهو يقول" يجب أن أكون واقعيا". وإذا كان هذا المهندس يشعر بأنه رغم ذلك هو الكاسب بعد توفير "حياة سلام بعيدا عن الحروب لأسرتي"، فإن غيره يعيش خيبات الابتعاد عن أحلامه للعمل في تخصصات التخرج بفعل ما تفرضه كندا على مجموع مهاجريها.