ما هي كُلفة دراسة الجدوى عربياً؟

01 يونيو 2015
لدراسة الجدوى خطوات وتقنيات احترافية تحدد توقعات الأرباح والخسائر(Getty)
+ الخط -
تُصنف المؤسسات الاستثمارية بُلدان الوطن العربي ضمن الأسواق الناشئة سريعة النمو التي تمنح أصحاب المشاريع الصغيرة والكبيرة على حد سواء القدرة على استرداد رأس المال في غضون 4 إلى 5 سنوات، عبر تحقيق عائد يتراوح بين 20 إلى 25% سنوياً. لكن تحقيق هذه الأرباح لن يكون بالسهولة التي يمكن أن تخطر على بالنا، بل تعتمد على خطوات مدروسة جيداً من حيث مراحل بناء المشروع وتشغيله وتسويق مُنتجاته وخدماته، وما يرتبط بكل مرحلة من أكلاف مُحددة بدقة، وأجل زمني واضح، والشريحة المستهدفة من الزبائن وبأي الأسواق، إضافةً إلى عائد مُحدد على رأس المال.

كُل هذه الخطوات تقدمها ما يُعرف بدراسة الجدوى والتي في الأغلب طرأت على مسامعنا كثيراً، ولكن هل تمكنت يوماً من معرفة كُلفة إعداد دراسة الجدوى من المراكز الاستشارية في الوطن العربي، أو مراحل إعدادها؟
الآن يمُكنك معرفة كُل ذلك عبر مُتابعة هذا التقرير.

القاهرة: مشاريع متنوعة
حين تتحدث عن سوق تستوعب 90 مليون مُستهلك، إذن أنت أمام فرص كثيرة لإنشاء مشروع مُربح. مروحة الخيارات تعطي مساحة أكبر لاختيار مجال المشروع، "إلا أنه في الوقت ذاته يجب الحذر جيداً من التشتت بين قطاعات عديدة تدفعك للدخول في المشروع الخاطئ"، الحديث لرئيس شركة للاستشارات المالية في مصر محمد الشربيني، الذي يؤكد أن تحديد طبيعة المشروع وجمع معلومات عنه هي أولى خطوات إعداد دراسات الجدوى.


ويُضيف الشربيني أن كُلفة دراسة الجدوى ترتبط في الأغلب بحجم الأعمال التي تؤديها شركة الاستشارات، من جمع معلومات وتحليل الأكلاف والمخاطر ومدى تداخل العلاقات بين عدة عناصر مثل التسعير والتسويق وشرائح الجمهور المُستهدف. ويلفت خبير الاستشارات المالية إلى أن كُلفة إعداد دراسة جدوى لمشروع برأسمال مليون جنيه (190 ألف دولار)، تبلغ 20 ألف جنيه (2580 دولاراَ)، إلا أن هذه الأكلاف قد تتجاوز 5 ملايين جنيه (350 ألف دولار)، عند إنشاء مشروع كبير تقدر تكلفته بمئات الملايين من الجُنيهات.

اقرأ أيضا: كلفة إنشاء مطعم في الدول العربية

الرياض: سوق المشروعات العُملاقة
تعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر الأسواق العربية جذباً للاستثمارات الأجنبية، نظراً لكونها من الدول المُستقرة ذات الاستهلاك الكبير والفوائض النقدية الضخمة.

وفي كل البلدان، بعد تحديد المشروع، تأتي الخطوة الثانية بدراسة الجدوى في جمع المعلومات عن قطاع المشروع، يقول مسؤول إعداد دراسات الجدوى في شركة استشارات سعودية، مُصطفى السيد، إن دراسة الجدوى توظّف المعلومات في دراسة المشروع ذاته عبر تحديد فئة الجمهور المستهدف وتوزيعه الجغرافي ووسائل الوصول إليه، وكيفية مجابهة المنافسين سواء عن طريق التسعير أو مستوى الجودة، وغيره. ويقول إن حجم المشاريع المطروحة في السعودية تكون في الأغلب ذات رأسمال كبير يصل إلى 15 مليون ريال (مليون دولار)، وبناءً عليه ترتفع كُلفة دراسة الجدوى إلى 100 ألف ريال (30 ألف دولار).

الدوحة: ثورة المشاريع
تمُر قطر بمرحلة استثمارات غير مسبوقة تمثل علامة فارقة بالمنطقة بأكملها بفضل استعدادها لاستقبال فعاليات كأس العالم 2022. هذه الطفرة في مشروعات البنية التحتية والسكك الحديدية والكهرباء وما يرتبط بها من جذب عمالة ضخمة تفتح الطريق أمام أصحاب الأفكار لخوض تجربة الاستثمار.


وتقدر دراسة أعدها الباحث الاقتصادي حازم إسماعيل كُلفة إعداد دراسة الجدوى على أساس نسبة من رأس مال المشروع تتراوح بين 1% -2%، أي أنه إذا كانت كُلفة المشروع تبلغ مليون ريال (31 ألف دولار)، فإن مصروفات دراسة الجدوى ستتراوح بين 10-20 ألف ريال (3000 إلى 4000 دولار).

اقرأ أيضا: كيف تؤسس مركز تجميل في الوطن العربي؟

الكويت: أكلاف مُرتفعة
ربما لا تختلف الكويت كثيراً عن السعودية من حيث أكلاف إعداد دراسة الجدوى، إذ قدرها مسؤول قسم الاستشارات المالية بأحد المصارف الكويتية حسن فوزي بمتوسط 10 آلاف دينار (33 ألف دولار) وذلك في ظل اتسام السوق بارتفاع أكلاف المشاريع المنفذة بها من حيث المواد الخام والعمالة واستئجار المقار.

ويقول فوزي إنه بعد مرحلة جمع المعلومات عن القطاع والمشروع، تبدأ رحلة تحديد حجم المشروع وفريق العمل وكميات الإنتاج وتسعير المُنتج وأفضل الطرق التسويقية للوصول إلى الجمهور حسب التوزيع الجغرافي الخاص به، وبناءً على هذه المعلومات يتم تحديد كُلفة المشروع والإيرادات المُستهدفة وطرق التمويل المُناسبة سواء كانت تمويلاً ذاتياً أو مصرفياً.
"تحديد وسائل التمويل يُعد من أدق مراحل دراسة الجدوى لأنها تلعب دوراً رئيساً في تقدير حجم المخاطر، وكذلك العائد المتوقع، فإذا "اعتمد المستثمر على نفسه في تمويل المشروع ستقل المصروفات وبالتالي سيزداد العائد وتقل المخاطر، ولكن في المُقابل لن يتمكن المشروع من التوسع بوتيرة سريعة"، حسب فوزي.

ويُكمل خبير دراسات الجدوى، أما إذ توجه صاحب المشروع للمصارف فستكون هناك فوائد تُسدد على القروض بانتظام، وهو ما يرتبط معها بمخاطر عدم السداد في المواعيد المُحددة، فضلاً عن انخفاض الأرباح. وبناءً على كافة هذه الأسس تُحدد دراسة الجدوى الأرباح المتوقعة.

اقرأ أيضا: ما هي كلفة إنشاء شركة استشارات مالية؟

دُبي: مرونة القوانين الاستثمارية
في الأغلب لن يختلف اثنان على أن الإمارات تميزت عن غيرها من الأسواق ببنية قانونية مُحفزة للاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية. ومن هُنا تظهر أهمية دور القوانين في دراسات الجدوى إذ تحدد أكلاف رسوم التراخيص أو تأسيس المشروعات أو التعريفات الجمركية والرسوم الضريبية، فضلاً عن تقدير حجم المخاطر حيث قد تشكل القوانين في الدولة عائق في إشهار الإفلاس أو تصفية الأعمال لأي سبب ما.

ويمكن اعتبار الإمارات واحدة من أكثر البلدان العربية قدرة على جذب المستثمر الأجنبي بسبب السياسات التشجيعية من جانب الحكومة على جذب الاستثمارات. وهنا، تدور كلفة التعاقد مع شركة استشارات مالية لإعداد دراسة جدوى حول مشروع جديد، حول 3-4% من رأسمال المشروع.

السودان: ترقُب المخاطر
حين ترتفع مخاطر التقلبات الاقتصادية عليك أن تتمتع ببدائل دائمة حتى تستطيع الوصول إلى هدفك أو إنقاذ السفينة قبل غرقها، أو إنقاذ ما يُمكن إنقاذه في أسوأ الظروف، وهذا هو الجانب الذي يُسمى بالسيناريوهات في دراسات الجدوى. وقد تكون السودان من الدول التي تتجسد فيها أهمية السيناريوهات المتنوعة في الإنتاج والتسويق والتمويل وكذلك الانسحاب من المشروع.

وتُقدر الدراسات كُلفة إعداد دراسة الجدوى بما يوازي 3-5% من أكلاف المشروع، أي إذا كانت تصل كُلفته إلى مليون جنيه (170 ألف دولار) فإن الدراسة ستتكلف 30-50 ألف جنيه (300 إلى 500 دولار). ولكن يجب الانتباه جيدًا إلى إسناد إعداد دراسة الجدوى إلى شركة ذات سابقة أعمال جيدة نظراً لقلة عدد شركات الاستشارات المالية العاملة بالسوق السودانية.

المساهمون