"الهايكو" أطلقَ لقلبي العنان

13 مايو 2015
الجمال نور يضيء الروح (Getty)
+ الخط -

في البداية كان من الصعب أن أتمتّع بهذا الشعر، وفي يوم من الأيام، قررت التعبير عن استيائي من عدم فهمي لنصّ عرضه المحاضر. فصاح بي قائلاً:" يا سيدتي "الهايكو" لا يفهم إلا من خلال المشاعر، شغّلي قلبك وستصل حكمة الهايكو مباشرة لروحك".

في البداية شعرت بالإهانة وحاولت جاهدةً حبس دموع القهر كوني أكبر الطلاب سناً. وعلى الرغم من قسوة المحاضر إلا أن جملته أوضحت لي الكثير.

أعلن المحاضر لاحقاً أن من يكتب له نص هايكو سيعفى من الامتحان النهائي ويمنح علامة (100). في البداية لم أشعر بأنني مؤهلة لخوض التحدي. لكن ذات مساء، كنت في السيارة مع زوجي وابني البكر بطريق عودتنا من عيادة الطبيبة التي أخبرتنا بكل قسوة وصراحة "أن أمير يعاني من شلل دماغي بدرجة عالية وسيكبر مع إعاقات كثيرة ويُفضّل أن نرسله لمؤسسة خاصة بالأطفال للعناية به".

جلسنا يومها في السيارة صامتيْن. وفجأة، لمع البرق وأضاء دمعة من دموعي نزلت على وجنتيْ أمير، عندها فقط لاحظت أنني أبكي، وفهمت عندها أن سعادتنا يُجسّدها طفلنا الجميل أمير، على الرغم من كل الحزن والألم، سيبقى محطّ اهتمامنا.

بعد أن عدنا إلى المنزل وجدت نفسي أكتب نص هايكو حول الدمعة ولمع البرق، وبكل ثقة وهيبة سلمتها للمحاضر صباح اليوم التالي. المفاجأة كانت أنه أعفاني من الامتحان، وأوضح لي أن الموضوع حسّاس وموجع لكن التقدير كان للنص الأدبي الذي نقل وجع وفرح لحظة القرار الأصعب في حياتنا.

منذ واقعة الهايكو والشعور الذي اجتاحني لحظة البرق وأنا أحاول جاهدة أن أشعر كردّ فعل أوليّ حيال أي شيء في الحياة، وبالتحديد أيّ عمل فني، تاركةً التفكير لمرحلةٍ لاحقة. لم تكن تلك مهمة سهلة بالتأكيد، لأنني بطبيعتي ميّالة إلى النقد.

بالإضافة إلى ذلك، مارست النقد الأدبي أكاديمياً وعملياً وغالباً ما استمتعت بتحليل النصوص الأدبية بتفاصيلها. لكنني ما زلت أحاول، وأحياناً كثيرة أنجح، وتضيء روحي بجمال الناس والدنيا والفنّ حولي، قبل أن أقطع عدوَها وانطلاقها بمقصّات الرقابة الداخلية والنقد.

اقرأ أيضا:
دلالات
المساهمون