"الهند تقرأ"... مبادرة لتعليم أكبر عدد من الأطفال

"الهند تقرأ"... مبادرة لتعليم أكبر عدد من الأطفال

01 اغسطس 2016
"الهند تقرأ" تعتبر من أنجح المبادرات التعليمية (Getty)
+ الخط -

عام 2005 ظهرت في الهند، النتائج الصادمة عن جودة التعليم الابتدائي الحكومي، من خلال أبحاث أجراها مركز ASER التابع لمنظمة Pratham غير الحكومية، إذ أظهرت النتائج أنه على الرغم من التحاق الأطفال بالمدارس الحكومية، لمدة تزيد على الأربع سنوات، فإن ما يقارب الـ50% لا يستطيعون القراءة، أو إجراء عمليات حسابية بسيطة، لهذا أطلقت المنظمة برنامج "الهند تقرأ" عام 2007 استجابة لتلك المعطيات.

كان الهدف الأساسي من برنامج "الهند تقرأ"، الوصول لأكبر عدد من الأطفال بين الصف الثالث والخامس الابتدائي، خاصة في المناطق الفقيرة والمعدمة في أسرع وقت، لتقديم الخدمات التعليمية المجانية، بحيث يتم التأكد من أن كل طفل التحق بالبرنامج، قد تعلم القراءة والكتابة والحساب.

 

التدريس تبعاً للمستوى

ولم تتبع "براثام" الطريقة التقليدية في المدارس بتقسيم الأطفال حسب أعمارهم، وإعطائهم نفس المنهج، لكن قامت بتحديد مستويات الطلاب التعليمية، ومن ثم قسمتهم إلى مجموعات حسب المستوى التعليمي، بغض النظر عن سنهم، وهو ما يعرف بنظام "التدريس تبعاً للمستوى". وقد كان لذلك، أثر كبير في إحراز تقدم ملحوظ في تعليمهم في أسرع وقت، وبأقل تكلفة.

 اعتمدت المنظمة في برنامج "الهند تقرأ" على أسلوب "الفوز السريع"، إذ تضع أهدافاً مرحلية سهلة التحقيق نسبياً في وقت قصير، فيكون الشعور بتحقيق إنجاز على الأرض، دافعاً لعدد أكبر من الناس للمساهمة في المشروع.

ويتحدث بهذا الصدد مدير المنظمة Madhav Chavan في مقابلة له مع معهد Brookings للأبحاث قائلاً "نخبر المتطوعين أنه من خبرتنا (في مجال التعليم) يمكن لطفل ذي سبع أو ثماني سنوات، أن يتعلم القراءة وأن يفهم ما يقرأ في مائة ساعة فقط، بمعدل ساعتين يومياً.

وعندها يتساءل المتطوع، لماذا يستغرق الأمر خمس سنوات في المدارس؟! فنخبره أنه لا ينبغي أن يستغرق الأمر كل هذا الوقت، وأنه الآن بإمكانك فعل شيء لتغيير ذلك.

ثم أكد أنه لا يمكن اعتماد هذا الأسلوب على طول الخط، بل هو يصلح كبداية جيدة، تحمس الناس للعب دور فعال في المشروع، عبر إعطاء نتائج إيجابية سريعة.

 

واليوم، فإن خدمات برنامج "الهند تقرأ" تصل لنحو 35 مليون طفل في أكثر من 20 ولاية هندية، محققة إنجازات كبيرة في رفع مستوى التعليم الابتدائي.

 

كيف نجحوا؟

اللافت في تجربة "الهند تقرأ"، أن منظمة براثام تمكنت من جعل آلاف المتطوعين ينضمون لها، وأدارت هذا المورد البشري بكفاءة، والسبب في ذلك يعود إلى نقطتين هما:

أولاً: اعتماد المنظمة على التواصل المباشر مع الشباب، بدلاً من وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام عموماً، ويسألونهم عما إذا كانوا يريدون المساهمة في تعليم الأطفال في قريتهم.

ثانياً: تنظيم العمل، بحيث يساهم الأفراد المتطوعون في خدمة قريتهم التي ينتمون إليها، مما يزيد حماسة هؤلاء، الذين يشعرون أن النفع سيعود عليهم وعلى أسرهم مستقبلاً.


 خلال ثلاثة أشهر وصل عدد المتطوعين في البرنامج نحو 350,000 متطوع في أكثر من 160,000 قرية.



بالإضافة إلى ذلك، أتبعت "براثام" استراتيجية تمكنها من العمل مع الحكومة، على المدى الطويل، بحيث لم تركز في تعاونها مع الحكومة وصناع القرار على أصحاب المناصب العليا فقط، بل سعت جاهدة للتعاون الحكومي على جميع المستويات الإدارية.



وفي هذا السياق، يوضح مدير المنظمة "إذا تعاونا فقط مع المسؤولين في الحكومة ذوي المراتب العليا، فإننا نكون بذلك وضعنا البيض كله في سلة واحدة، لأن المسؤول يتغير فتتغير معه الخطط والسياسيات. لذا فإننا نستثمر أي فرصة في التعاون مع الحكومة على كل المستويات، ومع مرور الوقت تمكنا من إحداث تغيير في السياسات والمخرجات التعليمية".

ويضيف "الآن تسعى المنظمة في المرحلة الثالثة من البرنامج، بأن توفر نموذجاً أو تصوراً للعمل، قابلاً لأن يتم تطبيقه من قبل الحكومة، بدلاً من المنظمة".

"براثام" تعتبر الآن من أكبر المنظمات غير الحكومية تعمل في مجال التعليم في الهند، وتقدم الخدمات التعليمية للأطفال في المناطق الفقيرة والنائية.

بدأت عام 1994 بهدف تقديم خدمات تعليمية مجانية للأطفال، في سن ما قبل المدرسة الذين يعيشون في عشوائيات مدينة مومباي، ثم أخذت تتوسع برامجها في مجال تعليم الأطفال وحماية حقوقهم، فمثلاً أطلقت برنامجاً خاصاً بالأطفال المتسربين من التعليم يتيح لهم فرصة ثانية في إكمال تعليمهم ومحاولة تحسين نسب الملتحقين بالمدارس في المناطق الفقيرة، كما أطلقت برنامجاً لمحو الأمية التكنولوجية ولجسر الهوة، فيما يخص استخدام التكنولوجيا في الهند بالإضافة لعدة برامج لتعليم الشباب وتدريبهم.

 

 

دلالات

المساهمون