"فرحة الفلانية" التي هدّدت عرش نساء الناصرة

20 مايو 2015
المعنى الحرفي لفعل "لغمط" (Getty)
+ الخط -
لما كنت صغيرة، وكنت آخذ أحياناً "الحومرة"، أي أحمر الشفاه، خلسةً من عند أمي، و"ألغمط" (كلمة فلسطينية بمعنى ألوّن بفوضى) شفتي، كانت أمي توبخني قائلة بسخرية واضحة: "شكلك صار مثل فرحة"..
ولما كبرت شوي وبدأت بوضع أحمر الشفاه ببعض المبالغة، حين أخرج في مشوار، كانت أمي تكرّر الكلام ذاته مع الكثير من السخرية قائلة: "شكلك صار مثل فرحة".
لم أسأل أمّي أبداً عن فَرحَة، ولماذا لا تتوقف عن تشبيهي بها كلما تبرجت، يمكن لأنني كنت متأكّدة أن "فرحة الفلانية" شخصية خيالية .
كبرت، وبقي أسم فَرحة يتكرر من حين الى آخر، حتى توقّفت عن التبرّج تماماً، وعلى الأغلب بسبب كلام أمّي الذي أصبح قناعات أساسية في حياتي، حتى إني يوم زفافي أمتنعتُ عن التبرج أيضاً.

إقرأ أيضاً: "بصمة شباب" الناصرة يسعى إلى تحطيم الأرقام القياسية

قبل سنة، كنت أزور صديقة، أصلها من الناصرة، ولا أعرف كيف وصلنا بالحكي لقصتي مع "فرحة الفلانية"، فما كان من صديقتي إلا ان ضحكت وقالت لي: "كانت أمي كأمك تماماً، تشبّهني بفرحة كلما زدت بتبرجي المتواضع أصلاً، حتى كان يوم، أتت عندي صديقتي لنذهب إلى عرس صديقة مشتركة. تبرّجنا على "أكمل وجه"، ولما خرجنا من الغرفة صاحت أمي "شو ليش عاملة بحالك زي فرحة الفلانية"، فما كان من صديقتي الا أن زعلت كثير وقالت بغضب: "فرحة الفلانية بتكون عمتي". اعتذرتُ من صديقتي، ومن يومها ما عادت أمي تذكر فرحة الفلانية".
أمي وأمّ صديقتي عاشتا في الناصرة آواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، ولكن في أحياء مختلفة بعيدة عن بعضها البعض، والغريب انهما استعملتا الشخصية نفسها لمنعنا من التبرج.
في أعقاب المحادثة مع صديقتي، رحت لأمي وسألتها عن قصة فرحة الفلانية، فقالت: "هي كانت سيدة مطلقة وقوية الشخصية وكانت تضع الحومرة بشكل مبالغ به وما بعرف شو قصتها.."
هل كانت "فرحة الفلانية" إمرأة تهدد وجود نساء تقليديات محافظات مثل أمي وأمهات أخريات، بتحرّرها وتبرّجها الزائد؟ ما أدّى بهن إلى ذكرها بقمة السخرية كل مرة حاولنا ان نكون نحن البنات مختلفات عنهن!
المساهمون