أوباما يسمّم حيتان البحر

أوباما يسمّم حيتان البحر

26 اغسطس 2014

آثار أحد موجات قصف النظام السوري لحلب (14يوليو/2014/فرانس برس)

+ الخط -


"ابتسم من فضلك"، وإن لم تستطع فضعْ ابتسامة "مفبركة": نحن في العصر "الهرجي"، وهذا، عزيزي المبتسم ابتسامة طبيعية، أو مفبركة، ليس تصحيفاً من العصر "الحجري". لكن، ثمة شبه كبير بينهما، فالقلوب باتت من حجر"أو أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء"، ولا نرى سوى السفهاء، في كراسي الحكم، وغرف الأخبار يكتبون بالأحذية والوحل، ويتعممون بها في المسيرات!

عادت الديناصورات، فالديكتاتورية التي ترقد على بيض الاستبداد نصف قرن، لا تنجب سوى ديناصورات، سواء كانت جماعةً اسمها "داعش"، أو شخصاً اسمه عكاشة. الدول العربية والغربية تهتف الآن: بالروح بالدم نفديك يا إسرائيل.

كتبت على الحائط، و"حيطان الفيسبوك"، التي يسمونها التواصل الاجتماعي، وهي أولى باسم التواصل السياسي، عقب ذبح المرحوم جيمس فولي، وهو ذبح "فظيع"، وغير قابل للمشاهدة إلا بنظارات الكسوف الشمسي: قتل جيمس فولي جريمة "حرب" لا تغتفر، وذبح شعب كامل جريمة "سلام" فيها نظر. ثم أردفت في حائط آخر، مقارناً بين قتل فولي، وقتل عباس خان، وكلاهما مواطنان غربيان، هذا صحافي وذاك طبيب، وكلاهما "رسالتان إنسانيتان"، لكن هذا أبيض، وذاك أسمر، وهذا من قوم عيسى، وذاك مسلم، والقاتل مختلف، فقاتل الأول هو تنظيم الدولة الإسلامية، بينما قاتل الثاني هو الدولة العلمانية، بل إنها "آخر قلعة علمانية"، فإن سقطت لن يُعبد الرئيس القائد في هذه الأرض أبداً!

حذفت إدارات "فيسبوك" و"تويتر" كل أفلام ذبح فولي، بينما تكتظ بجرائم جماعية، فردية وشاملة! ليه كده يا "آبيه أوباما".

أوباما، هو الأخ الأكبر، وهو أول رئيس أسود انتخب للعالم العلوي الساخن، كفارةً لتدمير العراق. أما بوتين فهو رئيس العالم السفلي البارد، لكن أوباما بطة عرجاء، بشكل ما، وبوتين خرتيت بشكل ما، وقد عمل أوباما المسلم الأب بفتوى شيخ الأزهر، وهي دفع الديّة، عندما قبل ديّة مذبوحي الكيماوي السوري في الغوطتين؛ السلاح الكيماوي مقابل دم الضحايا، وهو دم بارد، عزيزي المبتسم ابتسامة حلوة، أو ابتسامة مالحة!
 
نحن في عصر تعويم كل القيم الإنسانية والدولية، واضطراب الأخلاق والمعايير، عصر "البيغ بانغ" الثاني و"الانحباس الحضاري". البابا لم ينطق إلا بعد جرائم داعش، والأزهر صامت، والسكوت علامة الرضى، بل هو شيطان أخرس، وهي علامة المباركة، وهو يفكر في مشاريع عظيمة، مثل "الديّة في صنع الثريد مع الليّة" لمداواة جريمة "سلام" اسمها رابعة، والفتوى في مصر احتكرتها عصبة من حليقي العقول، أو عصبة من لحى الماعز، وعلماء نجد والحجاز صامتون، عملاً بالحكمة: إذا كان الكلام من عجوة فالسكوت من جوز ولوز. والمحللون السياسيون، عفواً، المضللِّون السياسيون المدافعون عن الأنظمة، يحوّلون المناظرة إلى "أكروبات" وسيرك وفرجة عقلية. العلماء والشخصيات العامة لم يعد لهم تأثير. انتهت مدة الصلاحية! لم يعد لأحد أثر، أو ضعف أثرهم، بما فيهم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فقد أنتجت صيدليات الانقلاب على الربيع العربي داءً مضاداً لكل صحة وعافية، والقوى العظمى تنهج "نهج شعرة معاوية"، تشدّ من جهة وترخي من جهة، بغرض استمرار "الفرجة" الدامية في ما يسمى الشرق الأوسط، إنها أقوى شعرة في العالم العربي والغربي.

مئات الفضائيات أشبه بالدكاكين والبسطات، قد لا يتجاوز أحياناً عدد متابعيها، سوى أقرباء المشتغلين فيها، لا يهمّها حق أو باطل، أو مهنية فالأرقام كذابة، والتحليلات دعاوة وإرجاف، فضاء عام ملوث، وسيولة هائلة في القيم والمعاني.

يكتب صديقي الكردي ديلاور، المقيم في السويد: لليوم الثاني على التوالي، تعرض قناة الأطفال تقريراً عن مأساة الأيزيديين في شنكَال، بما فيها مظاهرة تضامن في مدينة مالمو السويدية. بل إنهم كُرّموا، أيضاً، بفيلم رسوم متحركة باللغة الكردية. في المقابل، فإنّ الذكرى الأولى لأبشع مجزرة في القرن 21، ومعظم ضحاياها أطفال في الغوطتين، بالسلاح المحرم دولياً، لم تحظَ بخبر عابر في قنوات الصغار أو الفجّار.

"الصنف"/ الكيف الجديد اسمه "حقوق الإنسان"، شرط ألا يكون مسلماً، ويفضل أن يكون ضحية للمسلمين!

سلمني "نضيف" أسلمك "نضيف".

أنا زعلان من"الغاد فاذر"، العرّاب، البطة العرجاء، يا صديقي ديلاور. أخذ الديّة الكيماوية السامة، وأطعمها للحيتان المسكينة!

سأقيم عليه الحدَّ وأحذفه من قائمة وقاعدة الأصدقاء.

683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."