إعلام النظام السوري وحارس المنتخب: شيطنة اللاجئين قاعدة

إعلام النظام السوري وحارس المنتخب: شيطنة اللاجئين قاعدة

31 اغسطس 2019
قال عالمة إنه استبعد لأسباب غير رياضية (ماثيو آشتون/AMA/Getty)
+ الخط -
لن يتعاقد نادي كرة القدم النمساوي "أوستريا فيينا" مع الحارس السوري إبراهيم عالمة، بعد حملة إلكترونية أطلقها ناشطون سوريون معارضون في أوروبا، كشفوا فيها عن دعمه للنظام السوري ومواقفه التشبيحية، فضلاً عن صورته الشهيرة حاملاً بندقية كلاشنيكوف.

وكان النادي الأوروبي المذكور ردّ على رسائل الناشطين قبل أيام عبر "فيسبوك"، مكتفياً بالقول "لن نشتري الحارس الذي تتكلمون عنه يا شباب. تحياتنا الحارّة من فيينا"، ليخرج بعدها عالمة عبر وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري أو المطبلة له، مؤكداً خبر استبعاده لـ "أسباب غير رياضية".
لم يفوّت إعلام النظام السوري فرصة استغلال مثل هذا الخبر، وتصويره "مؤامرة من اللاجئين السوريين في الخارج ضد الوطنيين، أمثال عالمة"، فانطلقت حملة التخوين وتجريد المعارضين من هويتهم، وإطلاق خطاب تحريضي ضدهم في محاولة لإسكات صوتهم ومنعهم من حرية التعبير حتى وهم خارج البلاد، من دون الاعتراف بأن ما دفع "أوستريا فيينا" إلى إلغاء التعاقد هو سلوكيات عالمة التي لا ترتقي لأن تكون سلوكيات رياضي، خاصة أن الأخير نشر له فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر ممارسته للتشبيح خارج الأرضي السورية، عندما قمع مواطناً سورياً رفع علم الثورة على مدرجات الملعب في النمسا، عام 2018.
التلفزيون الرسمي السوري تداول الخبر على شاكلة أن إدارة نادي "أوستريا فيينا" ألغت التعاقد مع عالمة "خوفاً على سلامته، وعلى سلامة النادي من الهجمات الإرهابية للمعارضين السوريين في أوروبا الذين هددوا إدارته، وأرسلوا لها العديد من الرسائل الإلكترونية بذلك". وعقبوا على الخبر بأن إدارة النادي ليست لديها القدرة المالية لدفع تكاليف حراس أمن خاص لعالمة وحراسة أمن النادي، ففضلت إلغاء العقد وعدم المخاطرة.

واتهم إعلام النظام السوري اللاجئين السوريين بالمؤامرة ضد حارس منتخبهم الوطني وفبركة الصور والفيديوهات له ونشرها في الصحف الأجنبية وإثارة الرأي العام ضده، على غرار ما فعلوا في الداخل السوري، وفق زعمهم. واعتبروا أن تشويه صورة عالمة يصب في "صالح أجندة أجنبية معادية للمقاومة والمواقف الوطنية الثابتة التي يمثلها العالمة"، لدرجة أن موقع قناة "الميادين" عنون تغطيته للموضوع بـ "لاجئون سوريون يتآمرون على حارس منتخب الوطن".

وجنحت منصات إعلامية أخرى إلى سيناريوهات أكثر تشويقاً، فأنكرت رفض النادي التعاقد مع عالمة، برغم أنه أكد الخبر بنفسه، وأصرت أن اللاعب السوري هو من رفض التعاون مع "أوستريا فيينا"، لعدم تخليه عن اللاعب الإسرائيلي ألون تورجمان، إيماناً منه بالمقاومة وعدم التطبيع مع إسرائيل، لتكتمل بذلك الرواية المعلوكة والزائفة المستغلة كل مواقف، عن الوطنية والمؤامرة الأجنبية والصراع مع إسرائيل.

وتجاهلوا ما تم تداوله على إعلام النظام السوري قبل تغريدة " أوستريا فيينا"، من تعظيم لخطوة اللاعب السوري، وفتحه لبوابة احتراف اللاعبين السوريين الوطنيين في أوروبا، ووصفهم له بـ "فخر العرب الجديد".
وعلى "فيسبوك"، تفاعلت الصفحات المؤيدة للنظام السوري مع الخبر بطرق مختلفة، فنشرت صفحة "دراما سبورت" فيديو يعطي نصائح لعالمة لضمان نجاح التعاقد في المرات المقبلة، ونصحه المقدم بالتكتم عن أي عقد يعرض عليه من قبل تلك الأندية وعدم نشر أي معلومة عنه قبل أن يقوم بتوقيع العقد، لأن أي حملة ستثار ضده حينها لن تكون مجدية، فالنادي لن يكون قادراً على فسخ العقد بسبب الشروط الجزائية. وبدا غريباً أن هذه الصفحات التي تضع "فصل الرياضة عن السياسة" شعاراً لها، لم تتعاط مع نشاط عالمة العسكري كخطأ أدى لنتيجة منطقية، ولم تنصح العالمة بتغيير سلوكه التشبيحي، وإنما باللجوء للحيلة للتعاقد مع الأندية الأوروبية، وكأنما ليس هناك قانون دولي يعاقب العالمة على أفعاله.

وكذلك نشرت بعض الصفحات المؤيدة للنظام على "فيسبوك" مقارنات بين ما حدث مع عالمة باللاعبين فراس الخطيب وعمر السومة حين عادا للمشاركة في المنتخب السوري، بعد أن عرفا بمعارضتهما للنظام السوري في السنين الأولى للثورة السورية؛ واعتبروا أن النظام السوري قد تفوق على المعارضة عندما سمح للاعبين معارضين بالعودة واللعب مع المنتخب السوري، بعد أن أعلنوا ولاءهم من جديد للنظام السوري، بينما العالمة الذي كان ثابتاً على مواقفه إلى اليوم يرفض لكونه مؤيداً.
وهذه المقارنات هي أكبر دليل على أن إعلام النظام السوري الذي ينادي بفصل السياسة عن الرياضة هو أول من يعتبر المنتخب السوري جزءاً من النظام وممثلاً له.

دلالات