الحلم.. الخروج من الجنة

04 مارس 2015
+ الخط -

استيقظ هاري على أصوات عالية كالرعد، أصوات مُتشابكة لم يُميز منها الكثير، فقط كلمات قليلة كـ "كابيتانو، إنتر وزانيتي"، جاء صوت ستوريا من الخلف ليُعيد هاري من رحلة بحثه عن وجه زانيتي في الملعب، ينتظر أن يجده هُنا مُلوحًا للجماهير، أو هُناك يبكي في ليلة وداعه لأفاعي النيراتزوري.

ستوريا: انظر إلى الممر يا هاري.

نظر هاري ليجد زانيتي داخلًا إلى الممر وصوت خطواته يبتعد رويدًا رويدًا، حتى يختفي تمامًا عن مسامع الجماهير، وصوت الجماهير العاشقة وهي تتغنى باسمه يبتعد كذلك عن مسامعه حتى يختفي تمامًا، تُظلم الصورة ويتصدر الصمت المشهد، صمت قاتل تقطعه أصوات زفير طويل وكأنه زفير ما بعد البُكاء.

كانت خطواته ثقيلة للغاية، و كأن حتى أقدامه ترفض الخروج من المياتزا، وقفت جنة كُرة القدم مذللة الرأس أمامه وكأنها حبيبته التي تستميله كي يعود إلى أحضانها، أرجوك يا خافيير لا تفعل بي كما فعل مالديني ونيستا وجاتوزو حتى ديلبييرو رحل هو الآخر لم أعد أراه هُنا منذ فترة، برحيلك لن يتبقى لي سوى توتي وبوفون وبيرلو، أشعر بالرعب بمجرد التفكير في رحيلهم كما تفعل أنتَ الآن.

ولكن خافيير كان قد اتخذ قراره بالرحيل عن جنة كرة القدم، ولم يثنِه عنه استعطافها ولا حتى أصوات عاشقيه في الجوسيبي مياتزا، زانيتي قرر الرحيل وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي تخطو فيها أقدامه أرض المياتزا كلاعب، ربما يعود إليها كمُدرب أو حتى كمُشجع للإنتر.

ستوريا: 15 عاماً مرت والتراتوري زانيتي لم تر عيناه سوى الأسود والأزرق يا هاري، أزعم أن حتى دماءه تلونت بنفس اللونين! لا أعلم أي ذنب اقترفناه حتى نودع مالديني ونيستا وجاتوزو وزانيتي في تلك الفترة القصيرة.

حتى شارة القيادة ستأبى أن تلتف على ذراع غير ذراع زانيتي، فهي لم تعتَد على غيره، لم تعتَد سوى على صوت صراخ بوبي صرخة الجرينتا لتدب الروح في كل ما في الملعب.

أمسك ستوريا بيد هاري ليتبعا زانيتي في الممر، نظر ستوريا إلى ساعته قبل أن يلقي نظرة أخيرة على خافيير قائلًا: 15 عاما ليست بالفترة الكافية يا خافيير، توتي وعد أنه لن يُبدل شعار روما مع قائد للإنتر سواك، وأنت ستجعله يحنث بوعده.

صمت هاري قليلًا ثم قال لستوريا، أنا مُمتن لوجودك هنا، مُمتن لظهورك ومُمتن لوقت اكتمال القمر، أنا الآن أحقق أحلامًا حلمت بها منذ زمن.

ستوريا: الأحلام خُلقت لتتحقق، تذكر ذلك دائمًا، نحن على بُعد دقائق من مُنتصف الليل يا عزيزي، هيا بنا الآن، وغدًا سنعود.

انطلق ستوريا وتبعه هاري بعدما ألقى نظرة أخيرة على المدرجات، سار هاري خلف العجوز وجملة واحدة تتكرر في عقله "غدًا سنعود".


(مصر)

المساهمون