تجريف سيناء... مزارع بلا زيتون وارتفاع بالأسعار

11 نوفمبر 2018
جانب من حصاد وفير للزيتون قبل ست سنوات (Getty)
+ الخط -

 

لم يمر على سيناء شمال شرق مصر، موسم للزيتون وزيته، بعد أن غابت الكميات التي اعتاد عليها السكان في الموسم السنوي لهذا المنتج الزراعي الذي تشتهر به سيناء.

ويعود هذا التراجع الكبير في الكميات إلى تجريف الجيش المصري لآلاف الأفدنة الزراعية (الفدان يعادل 4200 متر مربع) في محافظة شمال سيناء على مدار الأشهر الماضية ضمن نشاط الجيش في العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018" التي بدأت مطلع فبراير/شباط الماضي.

وكان موسم الزيتون قد أخذ في التراجع منذ موسم عام 2014 على إثر بدء الجيش المصري حملة عسكرية تشمل تجريف الأراضي الزراعية في كافة مناطق عملياته بمدينتي رفح والشيخ زويد، بما يشمل ذلك مزارع الزيتون والحمضيات.

وأبقى الجيش على هذه الحملة بحق الأراضي الزراعية على مدار السنوات الماضية، فيما تضاعفت وشملت غالبية المناطق بما فيها مدينة العريش منذ بدء العملية العسكرية الشاملة، لتصبح غالبية مناطق سيناء بلا مزارع زيتون، مما أدى لحدوث أزمة حقيقية في هذا المنتج في موسمه الحالي.

وتشتهر عدة مناطق داخل سيناء بمزارع الزيتون وأهمها ما كان يقع في نطاق مدينة رفح (المهدية ونجع شيبانة والظهير والطايره والماسورة والسادات)، ومناطق جنوب الشيخ زويد (المقاطعة وأبو لفيتة والتومه والشلاق وكرم القواديس والزوارعه والجورة)، حيث كانت تضم مساحات مزروعة تقدّر بنحو 4 ملايين شجرة زيتون.

وحسب عاطف مطر، وكيل وزارة الزراعة في شمال سيناء، فإن إجمالي المساحات المزروعة كانت تصل إلى نحو 55 ألف فدان، منها 35 ألف فدان مثمر، وتتميّز مزارع شمال سيناء أن بها أجود أصناف الزيتون وهي: "المنزانيلل، البيكوال، العجيزي، الشملالي، اليوناني، الكروناكي والتفاحي".

وعن الوضع الذي وصل إليه موسم الزيتون في سيناء، يقول أحد تجار مدينة الشيخ زويد لـ"العربي الجديد" إن غالون زيت الزيتون بات يفوق الـ 1200 جنيه (67.2 دولاراً)، بعد أن كان في حدود 320 جنيها قبل أزمة الجنيه، فيما واصل الازدياد على مدار ثلاث سنوات، إذ ارتفع من 320 إلى 800 ثم 1000 جنيه إلى أن وصل إلى 1200 جنيه مؤخرا، مما قلل من الإقبال عليه، في ظل تراجع القدرة الشرائية في مصر عامة، وفي سيناء على وجه الخصوص.

كما أثر ضعف العمل الزراعي والصناعي والسياحي في سيناء على الإقبال على شراء الزيتون وزيته على حد سواء، برغم أن المواطنين في سيناء اعتادوا على شراء كميات من الزيتون، وزيته وتخزينه للاستخدام على مدار العام، إلا أنهم اليوم باتوا يتجهون لشراء بعض الليترات من المحال التجارية بدلا من الغالونات، كما اعتادوا على مدار العقود الماضية، وبعد أن كانت سيناء تحقق اكتفاءً ذاتيا من الزيتون وزيته وتصدر لمحافظات مصرية أخرى، باتت اليوم بالكاد تستطيع تغطية احتياجات المدينة.

ويضيف التاجر أن كل بيت في سيناء كان يشتري ما لا يقل عن غالون (حوالي 20 لترا) في كل موسم كحد أدنى عدا عن عدة أرطال من الزيتون لتخزينه، أي ما يعني أنه كان كل عام يباع آلاف الغالونات على مستوى مدن محافظة شمال سيناء، عدا عن آلاف الأرطال من الزيتون الذي يباع كما هو دون عصر.

ويلفت إلى أن ذلك كان يشكل ربحا جيدا للمزارعين، وللتجار الذين كانوا يشترون محصول مزارع زيتون بأكملها ويعصر في معاصر مدينة العريش، قبل بيعه للمواطنين في المحال التجارية، في كل موسم.

ويضاف تخريب موسم الزيتون من قبل الجيش إلى قائمة بالمنتجات الزراعية التي أدت العمليات العسكرية إلى اندثارها، كالخوخ السيناوي، والحمضيات، حيث كانت تنقل هذه المنتجات إلى محافظات مصرية عدة، وتعرف بجودتها دونا عن بقية المنتجات الزراعية المصرية.

ويقول مسؤول حكومي في مجلس مدينة العريش لـ"العربي الجديد" إن من أبرز الآثار السلبية للعملية العسكرية الشاملة أنها أتت على ما تبقى من أراض زراعية مثمرة في مدن محافظة شمال سيناء، في مقدمتها مدينة العريش، إذ أدى إنشاء الحرم الآمن لمطار العريش إلى تجريف آلاف الأفدنة جنوب المدينة، بالإضافة إلى مناطق زراعية أخرى جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد.

ويشير إلى أن هذه الإجراءات أدت إلى ضعف حقيقي وملموس في كمية المزروعات المنتجة بسيناء، لتصل إلى نسب ضئيلة للغاية، وهذا ما ظهر جليا إبان فرض الحصار على سيناء شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان الماضيين.

ويضيف المسؤول أن مزارع الزيتون تمثل أحد معالم محافظة شمال سيناء على مدار العقود الماضية، إلى أن انتهى بها المطاف إلى التجريف على يد الجيش، تحت مبرر استخدام هذه المزارع من قبل الجماعات المسلحة، مع إهمال الضرر الاقتصادي والاجتماعي الناجم عن تجريفها.

ويؤكد أن حملات التجريف أدت إلى انعدام مصدر دخل عشرات الأسر المصرية، بالإضافة إلى الضرر الذي أصاب العاملين في قطف الزيتون في كل عام، عدا عن حرمان آلاف الأسر من شراء الزيتون وزيته بسبب ارتفاع سعره بهذا الشكل الجنوني.

المساهمون