حليب الأطفال مفقود

08 اغسطس 2016
علبة حليب واحدة في الشهر (محمد حسام/ فرانس برس)
+ الخط -
مشكلة جديدة يواجهها اليوم أهالي محافظة الإسكندرية في مصر، خصوصاً مرضى السكّري والعائلات التي لديها أطفال رضّع، على خلفيّة نقص كبير في كميّات حليب الأطفال ودواء الإنسولين. ويوضح عدد من الصيادلة أنّ ثمّة نقصاً في استيراد حليب الأطفال منذ فترة.

أسماء مصطفى، أمّ لطفل رضيع، تقول إنّ الأزمة بدأت قبل أشهر. عادة، تحصل على علبتَي حليب لطفلها، أسبوعيّاً. لكنّها في الآونة الأخيرة، صارت تحصل على علبة واحدة شهرياً. بدوره، يشير محمد عبد العزيز إلى أنّ عشرات الأسر متوسّطة الدخل والفقيرة التي تعتمد على حليب الأطفال المدعوم، معرّضة للخطر، إلى جانب عدم قدرتها على شراء الأدوية. ويشدّد على ضرورة دعم وزارة الصحّة للصيدليّات التابعة لها وتأمين حليب الأطفال بأسعار مناسبة، لافتاً إلى أنّ عائلات كثيرة تعتمد على الحليب الصناعي الذي تقدّمه وزارة الصحّة.

أما جلال أحمد، وهو يعاني من مرض السكّري، فيشير إلى نقص في دواء الإنسولين الذي يُعدّ المنقذ الوحيد لمرضى السكّري (النوعان الأوّل والثاني). يضيف أنّ بعض مستشفيات التأمين الصحي شهدت شجارات بين المرضى بسبب الزحام الشديد للحصول على الدواء.

في الإطار نفسه، يقول الصيدلي محمد مهدي إنّ ثمّة نقصاً في عدد من الأدوية، وارتفاعاً في أسعار أصناف أخرى. يضيف أنّ العشرات يترددون يومياً إلى صيدليته، طالبين حليب الأطفال. ويشير مهدي إلى أنّ بعض هؤلاء يبكون وقد فشلت كلّ محاولاتهم لتأمين الحليب لصغارهم، حتى بعد تقديمهم شكاوى إلى وزارة الصحّة. يضيف أنّ مرضى السكّري يعانون أيضاً بسبب نقص الإنسولين، لافتاً إلى أنّ أكثر من تسعة ملايين مصري يعانون من السكّري، بحسب الإحصاءات الأخيرة. وقد أصبحوا بغالبيّتهم عاجزين عن تأمين الدواء المدعوم، علماً أنّهم لا يستطيعون شراءه من الصيدليّات العامة. ويؤكّد أنّ مرضى السكّري غير قادرين على الاستغناء عن الإنسولين الذي يُعدّ كالمياه والهواء بالنسبة إليهم، أو قد يفقدون بصرهم أو يضطرون إلى بتر أقدامهم.




من جهتها، توضح طبيبة في عيادة تأمين صحي في منطقة سيدي بشر، فضّلت عدم الكشف عن هويّتها، أنّ ثمّة أزمة تتمثّل في نقص كبير في حليب الأطفال، لافتة إلى أنّ شكاوى الأهالي تزداد، بالإضافة إلى الازدحام الشديد بعدما صارت العائلة تحصل على علبة حليب واحدة في الشهر.

إلى ذلك، يحذّر المركزُ المصري للحقّ في الدواء وزارةَ الصحّة من أزمة حادة وخطيرة في أسواق الدواء المصرية خلال الأيام المقبلة لأسباب مختلفة، أبرزها ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، بالإضافة إلى غياب آليات الرقابة وتواطؤ بعض الشركات بعضها مع البعض من دون أيّ مراعاة لصحّة المريض. وقد أنذر المركزُ الحكومة المصرية من أي محاولات للعب بأسعار الدواء واستغلال هذه الأزمة، فيما تقدّم بشكاوى بحقّ رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزير الصحّة أحمد عماد الدين راضي وغرفة صناعة الدواء، وذلك بسبب عدم تنفيذ قرار محاسبة الشركات في ظلّ استمرار نقص الأدوية بعد مرور ثلاثة أشهر على صدور قرار رفع أسعار الأدوية.

ويوضح المركز أنّ هذه الأزمة بدأت تؤثّر على صحّة المواطنين، لافتاً إلى أنّ أصواتاً في غرفة صناعة الدواء بدأت ترتفع مطالبة برفع أسعار الدواء مرة جديدة، لتكون شركات الأدوية قادرة على تصنيعها، علماً أنّ الشركات الخاصة تربح الملايين نتيجة قرارات رئيس الوزراء. ويشير إلى أن شهرَي يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز شهدا اختفاء أصناف دواء أساسيّة، الأمر الذي يشكّل خطراً حقيقيّاً على صحّة المرضى، حتى بات الأمر يؤرّق الأطباء. تجدر الإشارة إلى أن بعض هذه الأدوية يُباع في السوق السوداء.

في سياق متّصل، يحمّل رئيس شعبة تجّار ومصنّعي الأدوية في الغرفة التجارية في الإسكندرية، سمير صديق، الحكومة مسؤولية عدم تأمين حليب الأطفال المدعوم، الأمر الذي يتسبّب في "تدمير جيل بأكمله، وقد أوكلت مهمّة توزيعه فقط إلى مكاتب وزارة الصحّة". ويوضح أنّ "الأزمة تتمثّل فى عدم استيراد كميات كافية من حليب الأطفال، بالإضافة إلى توزيعه بشكل عشوائي". ويشدّد على "ضرورة إنشاء منظومة تضمن وصول حليب الأطفال إلى العائلات المحتاجة"، لافتاً إلى أنّ أسراً عدّة تلجأ إلى حليب الأبقار الذي يؤدّي إلى تراكم الدهون في أجسام الأطفال، وقد يؤدي إلى إصابتهم بأمراض مختلفة.

ويشير صديق إلى أنّ "ارتفاع سعر صرف الدولار أثّر كثيراً على إنتاج الأدوية، وتسبّب فى اختفاء نحو ألف صنف من عقاقير أمراض الضغط والسكّري والأورام والفيروسات وغيرها، نتيجة تعامل الحكومة بشكل خاطئ مع جشع الشركات. وقد اكتفت الحكومة بفرض عقوبات بسيطة، تمثّلت فى سحب تراخيص الأدوية من الشركات غير الملتزمة ونقلها إلى أخرى، علماً أنّ هذه العقوبة هي لصالح الشركات، لأنّها تساعدها في اختيار صنع أو استيراد أدوية تدرّ عليها أرباحاً وفيرة". ويرى أنّ الحلّ الأمثل هو في فرض غرامات ماليّة على الشركات التي ترفض إنتاج الأدوية معتمدةً على ارتفاع سعر صرف الدولار.

دلالات
المساهمون