غابة أوكيغاهارا: بحر الأشجار والانتحار

01 سبتمبر 2016
تفشَل البوصلات داخل الغابة في تحديد الاتجاهات (Getty)
+ الخط -
يقال عنها إنها أفضل مكان للموت، إنها غابة أوكيغاهارا اليابانية المخيفة، والتي يسميها الناس أيضاً "بحر الأشجار"، نظراً لكثافة النباتات والأشجار بها. تقع الغابة شمالي غرب سفح جبل فوجي في اليابان، وتبلغ مساحتها 35 كيلومترا مربعاً. وقد حازت الغابة على لقب ثاني أكثر الأماكن شعبية، ليتخلص الإنسان فيها من حياته (كان المكان الأول هو جسر "البوابة الذهبية" المعلق في كاليفورنيا بالولايات المتحدة).
منذ الخمسينيات، واليابانيون يتجولون بالمكان، ولكن نحو 500 شخص لم يخرجوا من الغابة ثانية، كما أن معدل الضحايا يزداد باستمرار. في آخر مرة أعلنَت فيها أرقام لمن قاموا بالانتحار في الغابة، كان العدد 105 أشخاص. ويعتقد علماء الروحانيات باليابان، أن حالات الانتحار التي حدثت بالغابة قد ولّدت نشاطاً خارقا للطبيعة يؤدي لمنع العديد من الذين يغامرون بالدخول إلى أعماق الغابة من الخروج منها.
ومما يعقّد محاولات الخروج من غابة أوكيغاهارا، هو ظاهرة فشل البوصلات في تحديد اتجاهات الطريق بسبب الطبقات الأرضية بالغابة، والغنية بالحديد المغناطيسي، والمتكونة بسبب التربة البركانية في المنطقة.

تنتشر على الأشجار بالغابة لافتات وضعتها السلطات المحلية تنصح الداخلين للغابة بعدم التخلي عن الحياة، وبأن الأمر لا يستحق أن يفقد الإنسان روحه ويتركها للعذاب. ولكن هذه اللافتات والخيوط التي يمدها بعض الداخلين للغابة لمعرفة طريق العودة، لم تنجح في إنقاذ العشرات ممن لقوا حتفهم بالغابة انتحاراً أو ضياعاً في المتاهات القاتلة. ويُذكَر أن حوالي سبعين جثة يتم اكتشافها سنوياً، إما مشنوقة أو ملقاة على الصخور. وقد أوقفت السلطات اليابانية نشر أعداد المفقودين والجثث التي يعثر عليها المتطوعون في الغابة حتى لا تنتشر شعبية المكان أكثر، بما يدفع المزيد لمحاولة المغامرة بالدخول، وتفقّد الغابة.
تشير وكالات الأنباء بأن الارتفاع الأخير في حالات الانتحار بالغابة، يعود إلى الانكماش الاقتصادي في اليابان، كما يقع اللوم بالنسبة لبعض الحالات إلى الرواية الرومانسية "كيروي جوكاي" للمؤلف سيشو ماتسوموتو، والتي تتوج أحداثها بالانتحار في الغابة، ما أدّى للترويج للغابة بوصفها مكاناً مثالياً للتخلص من الحياة.
يقول السكان المحليون، إنه يمكن بسهولة اكتشاف ثلاثة أنواع من الزوار إلى الغابة. المتنزهون المهتمون برؤية بالمناظر الخلابة لجبل فوجي والاستمتاع بالطبيعة. والفضوليون الذين يرغبون في رؤية شيء مروع وفريد. ثم النوع الثالث الذي يأتي وهو يخطط لعدم مغادرة المكان، وهم ذوو النفوس الميالة للانتحار.
أما أولئك الذين ينتحرون، فلا يفكرون في ما يصنعونه بالنسبة لأهل المنطقة. ويشير أحد السكان المحليين إلى أن الأمر أصبح مثل الجحيم في المنطقة، بسبب ذيوع سمعتها باعتبارها المكان المفضل للموت، فيما يذكر أحد رجال الشرطة أنه رأى الكثير من أجساد الموتى في الغابة، وقد تحللت أو مزقتها الحيوانات البرية، معقباً على ذلك بقوله: "لا يوجد أي شيء جميل في الموت هناك".
عمال الغابات أيضاً، يشتكون من أن معاناتهم هي أسوأ من معاناة رجال الشرطة، إذ يحملون الجثث من الغابة إلى المحطة المحلية بالمكان، ويتم وضع الجثث في مكان خاص لحفظ أجساد المنتحرين، حيث يجري العمال قرعة فيما بينهم لمعرفة من سيكون عليه أن يقضي الليل في غرفة الجثث.



المساهمون