مساع لوقف نزيف النفط.. والأسعار نحو 30 دولاراً

13 يناير 2016
أسواق النفط تترقب تحركات أوبك (فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن كبار منتجي النفط استشعروا خطورة انفلات أسواق النفط، مما دفع دولتين، في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إلى طلب اجتماع طارئ للمنظمة لبحث تقلبات السوق الحادة، بعد أن اتجهت الأسعار نحو أدنى مستوياتها، في ظل تخمة المعروض وتباطؤ النمو بالدول المستهلكة للنفط وعلى رأسها الصين.
ولم يمنع فشل أوبك أكثر من مرة في الوصول إلى اتفاق حول سقف الإنتاج خلال الفترة الماضية، من التمسك بمطالبة أوبك لعب دور في وقف حالة التخبط التي يعاني منها السوق، وقال وزير الدولة النيجيري للنفط، الذي يترأس الدورة الحالية لمنظمة أوبك، إيمانويل إيبي كاتشيكو، أمس، إن اثنتين من الدول الأعضاء في المنظمة طلبتا عقد اجتماع طارئ، مضيفا أن أحوال السوق في الوقت الراهن تخلق ضرورة لعقد مثل هذا الاجتماع.
وقال كاتشيكو، خلال مؤتمر حول الطاقة في أبو ظبي، إن الهدف من الاجتماع الطارئ سيكون مراجعة سياسة أوبك لمعرفة ما إذا كانت هناك أية حاجة لتغيير الاستراتيجية، غير أنه رفض الكشف عن اسمي الدولتين اللتين طلبتا عقد الاجتماع.
وأضاف: " من الصعب على المنظمة خفض الإنتاج وحدها من دون التعاون مع منتجي النفط الآخرين".
وتشير توقعات المحللين إلى استمرار الهبوط ليتراوح بين 20 و25 دولاراً للبرميل، في حالة عدم تحرك الدول المنتجة للحد من تقلبات السوق الحادة.
وفي هذا الإطار يحذر الخبير النفطي الكويتي المعروف، عبد السميع بهبهاني، من أن عقد اجتماع أوبك الطارئ هو الأمل الوحيد للدول المنتجة للنفط لتحسين الأسعار، مشدداً على أنه في حالة فشلهم في الخروج بحل لإنهاء حرب المنتجين، فستهوي أسعار نفط دول الخليج تحديداً، بشكل غير مسبوق، طوال عام 2016.
ويقول بهبهاني، في تصريحات لـ "العربي الجديد": "أتوقع أن تكون هناك قرارات أهم هذه المرة، وستتم مناقشة الأسعار وخفض الإنتاج بصورة أكثر جدية، فالوضع الحالي للسوق لا يطاق، وبدأ يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي".

ويشير إلى خطورة الفشل في الوصول إلى اتفاق بخفض الإنتاج، مضيفاً، "لو فشل الاجتماع، وتم ترك الأمور على ما هي عليه بلا حلول، ستهبط أسعار نفط الخليج لما بين 15 و18 دولاراً للبرميل فقط، خاصة مع الخصومات التي أعلنتها السعودية والكويت على نفطهما من باب المنافسة، في حين سيتراوح برنت ما بين 20 و25 دولاراً، ولو توصل المنتجون إلى اتفاق، فسترتفع الأسعار إلى ما بين 35 و40 دولاراً، ثم سيقفز في 2017 إلى أعلى من ذلك، وسترتفع معها أسعار نفط الخليج أيضاً".
ويشدّد الخبير النفطي، على أن السوق دخلت في حرب أسعار علنية، مشيراً إلى أنها "تحتاج لإعادة تحكم، لوقف حالة الانفلات في السوق، والتي باتت تضرب يمينا وشمالا، وخاصة في ظل تباطؤ نمو الصين والاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى تأثيرات المخزون الأميركي".
وتراجعت أسعار النفط الخام أمس، 3%، متجهة صوب 30 دولارا للبرميل، في مستويات لم يشهدها في أكثر من عشر سنوات، بينما يهرع المحللون إلى خفض توقعاتهم للأسعار ويراهن المتعاملون على مزيد من الانخفاضات.
وانخفضت الأسعار حوالى 20% منذ مطلع العام الحالي تحت وطأة تخمة المعروض المتصاعدة واضطرابات سوق الأسهم.
وتراجعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت أكثر إلى 30.43 دولاراً للبرميل صباح أمس، وهو مستوى لم تبلغه منذ أبريل/نيسان 2004 ثم عادت للارتفاع قليلاً لكنها ظلت منخفضة عن التسوية السابقة.
ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى مستوى 30.41 دولاراً للبرميل، والذي لم يشهده منذ ديسمبر/كانون الأول 2003 قبل أن يرتفع قليلاً.
ويتابع بهبهاني: "هناك إحساس في المنتديات الاقتصادية بأن هناك اتجاهاً من بعض الدول لبقاء واستمرار الفائض، حيث تطورت المخازن العالمية وباتت تحتمل كميات أكبر، وهناك العديد من البواخر التي تمشي في البحر محملة بكماليات هائلة من النفط".

اقرأ أيضا: أزمة اقتصاد عابرة أم انهيار شامل وشيك؟

ويؤكد على أن شعور روسيا بالأزمة قد يسهم في الوصول لحلول، خاصة وأنها كانت دائما تقف على خط معارض لأوبك، ويضيف :"ستكون روسيا عاملاً مؤثراً في ذلك، فتاريخها في أوبك لا يعطي انطباعاً بالثقة، فكلما قللت أوبك من إنتاجها تستغل روسيا ذلك بزيادة الإنتاج".
ويتابع : "لكن الآن الكل يشعر بضرورة وقف انفلات الأسواق، والدعوة للاجتماع الطارئ مهمة جدا"، ويشير إلى أنه في الاجتماع الدوري السابق كانت هناك ورقة حاولت السعودية التفاهم فيها مع روسيا وأوبك، ولكن موسكو ماطلت، ومن المتوقع العودة لها هذه المرة، لآن بعض الدول التي رفضتها كان دافعها العناد السياسي لا أكثر".

كما ساهمت عوامل أخرى في تراجع الذهب الأسود، وحسب رويترز، قال أويستاين برنستن العضو المنتدب لمعاملات النفط الخام بشركة التداول سترونغ بتروليوم في سنغافورة "لا شك في أن الدولار عامل مهم"، لكنه أضاف أن "المحرك الأساسي للسعر هو تخمة المعروض".
وتابع "ما إن تتحول تخمة المعروض إلى فائض منتجات وتبدأ السعة التخزينية بالنفاد، ستتعرض الأسعار لمزيد من الضغوط ولانهيار وشيك".
وعلى صعيد المعروض، ينوي العراق، الذي أصبح ثاني أكبر منتج داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، تصدير حوالى 3.63 ملايين برميل يوميا من مرافئه الجنوبية في فبراير/شباط، حسبما ذكرت مصادر تجارية أمس، نقلا عن برنامج تحميل أولي، وذلك بارتفاع 8% عن الشهر الحالي.
وينتظر المستثمرون دخول إيران إلى أسواق التصدير بقوة، حال رفع العقوبات الاقتصادية عنها، بعد توقيع الاتفاق التاريخي بين طهران والقوى (5+1) في يوليو/تموز من العام الماضي.
وفي حال البدء في رفع العقوبات عن طهران، فإن صادرات النفط الإيراني سترتفع بنحو 800 ألف برميل يومياً على الأقل خلال العام الجاري، في سوق تعاني من تخمة المعروض، وتهديد أسعار النفط للهبوط أكثر.
ومن جانبه قال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل بن محمد المزروعي، إن الأشهر الستة الأولى من 2016 ستكون "صعبة" على سوق النفط قبل أن يبدأ انتعاش تدريجي في وقت لاحق من العام.
وقال المزروعي أمس، على هامش مؤتمر الطاقة الذي عقد في دبي، إن الاستراتيجية الحالية لأوبك ناجعة ولكنها تحتاج وقتا لكي تؤتي ثمارها وربما يستغرق الأمر بين عام، وعامٍ ونصف العام.
وتراجعت أسعار النفط الخام، بأكثر من 60%، من 115 دولاراً للبرميل في شهر يونيو/حزيران عام 2014، إلى أقل من 31 دولاراً للبرميل، تزامناً مع حفاظ الدول المنتجة على صادراتها النفطية للسوق العالمية رغم محدودية الطلب.
يذكر أن أسعار النفط تراجعت خلال الأسبوع الماضي بنسبة 10٪، وسط قلق المتعاملين من تأثر الاقتصادات العالمية بتراجع الاقتصاد الصيني، واستمرار تراجع اقتصادات المنطقة العربية بسبب تهاوي أسعار النفط.
ولم تفلت شركات النفط العالمية من مقصلة تدهور أسعار النفط، ودخلت العام الجديد، وهي في أسوأ أحوالها منذ عقود، حيث تنخفض أسهمها في أسواق المال العالمية، تبعاً لانهيار أسعار النفط. ورغم أن معظم شركات النفط الكبرى عمدت خلال العام الماضي إلى خفض كلفة التشغيل وحجم العمالة وأدخلت تقنيات حديثة من أجل التوافق مع واقع انخفاض مداخيل النفط، إلا أنها تكبدت خسائر باهظة، وأوقفت العديد من مشروعاتها الاستثمارية.

اقرأ أيضا: مصرف بريطاني لعملائه: بيعوا كل شيء عدا السندات
المساهمون