هشاشة دول المنطقة

03 أكتوبر 2014
+ الخط -

الفرد هو الأصل في جميع المعادلات والنواحي والمجالات، وأي نظام سياسي يريد أن يصنع دولة قوية متماسكة، لن يستطيع المضي نحو هذا الهدف، إلا ببناء الفرد والعمل على الإنسان أولاً، ثم تكون الخطوات الأخرى سهلة وبسيطة. فالأفراد يُشكلون المجتمع، وإذا كان الفرد قوياً والعلاقة بين الأفراد والدولة جيدة، فهذا يعني خلق مجتمع قوي ومتماسك، والمجتمع القوي يخلق بشكل تلقائي دولة قوية، وليست هشة وضعيفة، يمكن إسقاطها والنيل منها.

كل نظام سياسي يجعل العمل على الأفراد والمجتمع هدفه الرئيسي، ويجعل العلاقة بين الدولة والمجتمع والأفراد، يحكمها العدل والشورى والمساواة وسمو القانون هو نظام صاحب رؤية ممتازة ومشروع مضمون وناجح، ويسير في طريق الصواب إلى بناء دولة قوية لا يمكن احتلالها خارجياً، أو ضربها داخليا بسهولة.

أما الأنظمة التي تسعى إلى قمع الجماهير والأفراد، ونشر الجهل والفساد وإضعاف الناس والتقليل من شأنهم، فهي تعمل بنفسها على إيجاد دولة ضعيفة ومجتمع هَش، بحيث يسهل إسقاطه بأبسط هجوم خارجي، أو مؤامرة داخلية، وهذه الأنظمة من المؤسف أنها لا تهتم بوجود دولة قوية، بقدر ما تهتم ببقائها في السلطة، واستمرارها في الحكم على حساب قوة الدولة، من دون الاهتمام بصنع دولة حقيقية، يسعى المواطنون فيها إلى الاستقرار والأمن والأمان.

ولذلك، يقول ميكافيلي "عندما يكون الأمير صديقاً لشعبه، ويحبهم ويحبونه بصدق، يصعب إسقاط حكم الأمير حتى بالقوة العسكرية". وهذا الحب المتبادل بين النظام والأفراد يخلق عن طريق وجود العدل، ولكن، إذا كان الظلم سائداً، فلا شك أن العلاقة ستكون سيئة مليئة بالحقد والكراهية بين الأفراد والنظام. وهذا ما سيجعل الفرد غير مهتم بالدولة، لأنه ليس لديه ما يخسره في ظل هذا النظام السياسي الفاشل.

وعندما تكون العلاقة بين الشعب والدولة سيئة، فمن البديهي أن سقوط الدولة سيكون سهلاً جداً، ولذلك، ليس من الغرابة أن نرى تهافت دول المنطقة بعد تعرضها لأبسط الأزمات والمشكلات، وليس سقوط الدول نتيجة لثورات الربيع العربي، بل كان حتمياً حتى بدون الثورات، لأنها لم تكن دولاً صلبة، بل كانت دولاً معرضة دائماً للانقسام والتجزئة والسقوط.

إذن، فالثورات لم تتسبب في سقوط الدول، بل إنها كشفت ضعف الدول، وهي ثورات كاشفة لهذا الضعف والهوان الموجود في دول المنطقة، وليست سبباً له.

avata
avata
شاهو القره داغي (العراق)
شاهو القره داغي (العراق)