هوس الدولار

14 يوليو 2016
حل أزمة الدولار يكمن في إعادة الثقة الجنيه (Getty)
+ الخط -

لا حديث هذه الأيام في مصر إلا عن سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، كم سعره في هذه اللحظة التي نتحدث فيها، ما المكاسب التي حصدتها اليوم من حيازة الورقة الخضراء، كيف يتم الحصول على الدولار معشوق الجماهير بالنسبة للمضاربين الجدد.

هل هو متوافر في السوق السوداء بعد أن تعذر الحصول عليه من البنوك وشركات الصرافة حتى لأغراض السفر والعلاج والتعليم، وأين تقع السوق السوداء للعملة.. على المقاهي أم داخل الشقق السكنية التي يقطنها المضاربون الجدد وتجار العملة القدامى وأصحاب شركات الصرافة المغلقة حديثاً.

بل إن البعض يقفز لأسئلة مستقبلية منها: متى موعد الخفض القادم للجنيه المصري، وكم نسبة الخفض المحتمل من قبل البنك المركزي، هل ستكون أكثر من الخفض الكبير الذي تم في شهر مارس/ آذار الماضي وتجاوزت قيمته 120 قرشاً مرة واحدة وبنسبة تراجع 14%، وهي أكبر نسبة خفض في تاريخ العملة المصرية.

هل سعر الدولار سيتجاوز 10 جنيهات في السوق الرسمية أي البنوك، أم سيسعى البنك المركزي للقضاء على السوق السوداء عبر زيادة السعر الرسمي ليصل لمستوى هذه السوق البالغة حاليا 11.50 قرشاً مع تلبية احتياجات التجار من النقد الأجنبي.

وإذا وصل لهذا المستوى كم سعره المتوقع في السوق السوداء، هل سيستقر أم يواصل ارتفاعه مدفوعا بمضاربات من الراغبين في الثراء السريع حتى ولو جاء ذلك على حساب الاقتصاد والمواطن.

ما تأثير الزيادة الجديدة المتوقعة في سعر الدولار على الأسعار، خاصة السلع الغذائية والأجهزة المنزلية وأسعار الشقق، ما تأثيرها على حياة المواطن اليومية، هل ستزيد الخناق عليه وتعقد أحواله المعيشية.

ويصل المواطن للسؤال الأهم هو: هل تمتلك الحكومة والبنك المركزي خطة محددة للقضاء على أزمة العملة والارتفاعات المتواصلة في سعر الدولار في ظل تراجع موارد النقد الأجنبي خاصة من قطاعات مهمة كالسياحة والصادرات وتحويلات العاملين بالخارج.

ببساطة تحول الدولار إلى الموضوع الأول في أحاديث المصريين وجلسات سمرهم، ومادة خصبة يتداولها رجل الشارع داخل المواصلات العامة وعلى المقاهي وفي مقار العمل وحتى وهم يشاهدون التلفزيون.

يدعم هذا الاهتمام توقعات مؤسسات مالية عالمية بحدوث ارتفاع جديد في قيمة الدولار مقابل الجنيه المصري، وآخر هذه التوقعات ما ذكره بنك الاستثمار الإماراتي، أرقام كابيتال أمس الأربعاء، من أنه من المتوقع قيام البنك المركزي المصري بإجراء تخفيض جديد في قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة المقبلة، ليتراوح السعر الرسمي للعملة الأميركية بين 10 إلى 10.5 جنيهات.

كما يواكب هذه التوقعات تلميحات من محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، بخفض جديد في قيمة الجنيه مقابل الدولار حينما قال قبل أيام إن محاولات البنك المركزي السابقة للحفاظ على قيمة الجنيه واستهداف سعر محدد له في مواجهة الدولار كانت خطأ كبيراً.

هناك عشرات الأسباب التي دفعت المصريين إلى الهوس بالدولار، منها إمكانية تحقيق أرباح عالية وسريعة في حال المضاربة عليه، ويكفي أن نقول إن سعره زاد بنسبة كبيرة خلال الأشهر الماضية، كما أن ضعف الفرص الاستثمارية المتاحة في المجتمع تلعب الدور المهم في الإقبال الشديد على العملة الأميركية والذهب، إضافة إلى أن الدولار يمثل عنصر أمان كبير للمدخرين في ظل ارتفاع سعره وزيادة معدلات التضخم التي تجاوزت 14%.

ببساطة تحول المصريون إلى مضاربين في الدولار وخبراء في إدارة المدخرات والثروات والمحافظ المالية، وهو ما يعني أن الإقبال على حيازة الذهب والمضاربة عليه قد يتواصل، يدعم ذلك خفض متواصل في قيمة العملة المحلية وتراجع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاع السياحة الذي فقد أكثر من 50% من إيراداته خلال شهر يونيو الماضي.

وحل أزمة الدولار هذه يكمن في إعادة الثقة للمواطن في عملته، وهو ما سيترتب عليه تراجع ظاهرة اكتناز الدولار الخطيرة المعروفة شعبياً باسم "الدولرة"، والعمل بشكل جدي من قبل الحكومة على إعادة الحياة للأنشطة الاقتصادية المدرة للنقد الأجنبي وفي مقدمتها الصادرات التي كانت تجلب للبلاد قبل ثورة 25 يناير ما يزيد عن 31.5 مليار دولار، وكذا لقطاع السياحة المتردي.

المساهمون