دعاء أبو المجد: تراث مصر المجهول

24 ديسمبر 2020
دير الأنبا أنطونيوس (Getty)
+ الخط -

"إعادة اكتشاف التراث المجهول في مصر"، عنوان محاضرة ألقتها، الأحد الماضي، الباحثة الأكاديمية دعاء أبو المجد، وقدمت فيها نبذة تاريخية عن نماذج معمارية تراثية منسية في مصر. في الجلسة التي أدارها الكاتب المصري محمد شعير وبُثّت عبر تطبيق "زووم" على مدى أكثر من ساعتين، تحدثت أستاذة تاريخ العمارة بكلية الفنون الجميلة في جامعة حلوان، حول ثلاثة أشكال من التراث في مصر، هي: القبطي، وغير المادي، وتراث المتاحف، متوجهة في بداية محاضرتها إلى الصحافيين المنشغلين بالتراث الثقافي وأهمية دورهم في رفع التجاهل وزيادة الوعي بأماكن تراثية ليست سياحية بما يكفي، حيث اعتبرت أن تداول صورها في وسائل الإعلام المختلفة يمكن أن يمنحها حياة جديدة. 

انطلقت أبو المجد من ضرورات وعي المجتمعات المحلية بالتراث المحيط بها، خصوصاً في الأقاليم خارج المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية، ولفتت إلى وجود "مشاكل في التشريعات وقصور فيها"، إلى جانب إشكالية معنى وتعريف التراث وغياب الوعي بأهمية هذا المفهوم في المجتمع، وعلاقة كل ذلك بالمتاحف. تقول: "إن الفكر المتحفي في الغرب تحوّل إلى اعتبار المتحف مكاناً للتعليم، فنشاطات المتحف هي جزء من العملية التعليمية والتربوية، لكن في مصر للأسف فإن بعض المتاحف ما زالت تتعامل مع المجتمع المحيط بها على أنها فترينة تعرض محتوياتها"، دون أن تنفي وجود مبادرات مختلفة لدى بعض المتاحف. لكن السؤال الأساسي، بحسب أبو المجد، هو "هل المتحف جزء من البرنامج الدراسي للطالب في مصر؟". 

أزيلت مبان أثرية كثيرة في القاهرة بسبب ثغرات في القانون

في الجزء الأول من المحاضرة تحدثت الباحثة المصرية عن معنى التراث وفقاً لمدوّنة النصوص التشريعية التي تعتمدها منظّمة اليونسكو، وعرّجت على المواقع التراثية التي جرى ضمّها إلى قائمة التراث العالمي، مشيرة إلى تسجيل حديث لمهنة النسيج اليدوي في صعيد مصر ضمن قائمة التراث اللامادي في اليونسكو قبل أيام قليلة، وهي أنماط نسيج متوارثة عن المصريين القدماء. 

تشير أبو المجد إلى أن دخول قائمة اليونسكو لا يعني الاطمئنان على التراث، وتذكر مثال القاهرة الفاطمية؛ فعلى الرغم من كونها مسجلة على القائمة إلا أنها تظل مهددة باندثار طابعها المعماري، حيث يأتي جزء من التهديد من السياسات العمرانية، إذ تترك المباني القديمة دون عناية إلى أن تسقط ثم ترتفع مكانها مبان جديدة لا علاقة لها بالنسيج العمراني الأصلي، وهذا مرتبط بثغرات في القوانين وعدم تسجيل كثير من المباني ضمن الآثار. 

ترى الباحثة أن هناك بديلاً لتسجيل المباني ضمن الآثار، كأن يسجّل في قوائم جهاز التنسيق الحضاري. لكنها أيضاً تشير إلى مشكلة في هذا الجهاز، فالقانون ينص على أنه إذا فقد مبنى هويته التراثية يمكن إزالته، وكثير من الملاك يخرّبون المباني التراثية والأثرية لكي يتمكنوا من هدمها. في هذا السياق، عرضت الباحث الكثير من الصور توضح كمية ما هدم وأهمية الحفاظ على ما تبقى في القاهرة الفاطمية. 

في الجزء الثاني من المحاضرة تناولت أبو المجد مسار "العائلة المقدسة" بالتفصيل في مصر، ولفتت إلى غياب أي خدمات عمرانية تخدم هذا المسار وتؤهله إلى نشاط سياحي، فالمسار طويل جداً يمتد من شمال سيناء وصولاً إلى أسيوط، موضحة أن التنمية العمرانية لو تحققت ستخدم ليس فقط السياحة بل التنمية في هذه المناطق. تحدثت المحاضرة أيضاً عن مجموعة من الأديرة القبطية في مصر، فتناولت عمارة وتاريخ كل من دير الأنبا بولا في محافظة البحر الأحمر، والذي يعد أقدم الأديرة المصرية حيث يعود بناؤه إلى القرن الرابع ميلادي. كما تناولت الدير الأبيض ودير الأنبا أنطونيوس من ناحية جماليات العمارة وتاريخ تأسيسها وأهميتها التاريخية مقابل إهمالها سياحياً وثقافياً. 

دلالات
المساهمون