لويس لانديرو: جائزة للسرد الجديد في إسبانيا

14 نوفمبر 2022
لويس لانديرو في مدريد، شباط/ فبراير 2022 (Getty)
+ الخط -

قبل أيام، حاز الروائيُّ الإسباني لويس لانديرو (1948) "الجائزة الوطنية للآداب" عن مساره الأدبي الذي تميَّز بأعمال روائية بارزة، بدأت مع روايته "ألاعيب العمر المتأخّر" (1989)، التي نال عنها جائزتَين مهمّتَين: "جائزة النقد في السرد الإسباني" و"الجائزة الوطنية للسرد".

كان لانديرو، حينها، في الأربعين من عمره. وإذ يستعيد تلك الجائزة، يتحدّث عن الأثر الذي أحدثته في بدايات تجربته الأدبية: "لقد كانت دفعة وكبحاً في نفس الآن، لأنّني شعرت، حينئذ، بمسؤولية مفرطة، وذلك أمرٌ سيّئ بالنسبة إلى الكتابة"، مثلما يقول في لقاء صحافي.

منذ بدايته تلك، مضى الروائي مع الكتابة ليُراكِم خمسة عشر عملاً أدبيّاً، من بينها عشر روايات، طَبعت العقود الأخيرة من السرد الأدبي الجديد في إسبانيا، واحتلّت مكانةً بارزة للغاية في هذا المشهد السردي الذي وُلد في الثمانينيات والتسعينيات. غير أنّ لانديرو يقول إنّه لا يشعر برابطة قوية على مستوى الجيل أو الأجيال، وإن كان يُعبّر عن سعادته بكونه يشكّل جزءاً مِن تلك الجماعة مِن الكتّاب الذين تصادف أن تزامنوا في تلك المرحلة من سنوات التغيير.

أصدر خمسة عشر عملاً أدبيّاً تُرجم أغلبها إلى لغات مختلفة

تفصل أربع وثلاثون سنة بين حصول الكاتب الإسباني على "الجائزة الوطنية للسرد" وحصوله على "الجائزة الوطنية للآداب". وفي هذا السياق، يقول إنّه لا يلتفت إلى الوراء بخصوص الجوائز: "أنا أراكم الأعوام، وعندما أنظر إلى الماضي، أرى أنّني كنت أكتب دائماً بنفس الشغف الذي كتبتُ به أوّل أشعاري في سنّ الخامسة عشرة، لأنّني كنتُ كاتباً مبكر النضوج، وإن تأخّرتُ في النشر". ويضيف: "كان الأدبُ أهمّ شيء في حياتي، ولم أدّخر أيّة جهود في العطاء. لقد كان شغفاً غير قابل للتفاوض. لهذا السبب، أشعر بطمأنينة، وأحسُّ بأنّني أنجزتُ المطلوب منّي".

كان لانديرو قد جرّب حظّه في عالم الموسيقى والفلامنكو قبل أن يتحوّل إلى الأدب، وقد جمع دائماً بين الكتابة الروائية ومهنته كمدرّس في "معهد كالديرون دي لا باركا" و"مدرسة الفنون الدرامية" بمدريد، ثمّ في "جامعة ييل" الأميركية.
وقد علّلت هيئة تحكيم "الجائزة الوطنية للآداب" اختيارها المؤلف بكونه "سارداً استثنائياً، ومبدعاً للعديد من الأعمال الروائية المتخيَّلة بشخصياتها وعوالمها، بقدرة تعبيرية خارقة وكتابة مميّزة جدّاً، مستعيداً تقاليد ثيربانتس بتملُّكه القدرة على السخرية والتهكُّم ودمج دور الخيال ببراعة".

كما اعتبرت أنّ لانديرو "ينتمي إلى الجيل الأوّل للديمقراطية الإسبانية"، مشيرةً إلى دوره الأساسي في تجديد الأدب الإسباني؛ فـ"روايته الأولى، التي نُشرت عام 1989، كانت مَعلمة أدبية، وبطريقة ما، كانت علامة تاريخية فارقة. وقد حافظ، بنفس الحماس، على نبض الإبداع والأصالة التي برزت في بداياته الأدبية، والتي دفعته إلى الحفاظ على قدرة هائلة في خلق الدهشة بين قرّائه".

إلى جانب الرواية، أصدر لانديرو مذكّراتٍ في جزأين: "الشرفة في الشتاء" (2014) و"بستان إيميرسون" (2021). وفي تأمُّلاته، يحاول التفكير في عمله الأدبي ككاتب: "أحياناً، أقع في غواية التفكير بأنّني لا أحبّ حقّاً أن أمارس الكتابة، وأنّ ما كنتُ سأرغب فيه هو حياة حركية، وأنّ كلّ هذا الأمر المتعلّق بالكتابة هو ثمرة سراب، وسوء فهم مهني نشأ هنالك في فترة المراهقة. وبالتالي فقد ارتكبتُ خطأً في حياتي. لقد قادني الأدبُ أيضاً إلى دراسة علوم اللغة، وإلى أن أكون مدرّساً للأدب، وإلى أن أتزوّج من دارسة لعلوم اللغة، وهي مدرّسة للأدب أيضاً، وأن يكون لي أصدقاء دارسون أيضاً للغة والأدب، وأن أملأ البيت بالكتب الأدبية".

أمّا روايته الأخيرة، "حكاية تافهة" التي كتبها أثناء فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا، فتدور حول شخصية مارسيال، الرجل الملحّ في مطالباته والمتفنّن في ألاعيب القول وموهبة إتقان استعمال الكلمات، والفخور بعصاميته وقدرته على تعليم ذاته بذاته. سيلتقي مارسيال في يوم من الأيّام بامرأة ستتملّكه؛ إذ لن تكتفي بإبهاره فحسب، بل إنها ستجمع كلّ ما كان يرغب في أن يمتلكه في الحياة: ذوق رفيع، ومكانة مميزة، وعلاقات مع أشخاص مثيرين للاهتمام. هو الذي كان ينظر إلى ذاته بترفّع ويقدّر نفسه كثيراً، فقد كان يشغل منصب مسؤول كبير في شركة لإنتاج اللحوم، سيجد نفسه أمام طوفان من الأحاسيس وهو يرى ذاته تحت سطوة امرأة قدّمت نفسها على أنّها بيبيتا، طالبة في شعبة الفنون وتنتمي إلى عائلة ميسورة. سيروي مارسيال في "حكاية تافهة" قصّة حبّه، عارضاً توظيفه لمواهبه قصد كسب ودّ وحبّ بيبيتا، وخططه الاستراتيجية لإزاحة المنافسين الآخرين الذين يخطبون ودّها، وعلى الأخص ما حدث لمّا جرت دعوته إلى حفلة في بيت الحبيبة المرغوبة.

من أعمال الكاتب الأُخرى: "فرسان الثروة" (1994)، و"المتعلّم السحري" (1999)، و"عازف القيثارة" (2002)، و"اليوم، جوبيتر" (2007)، و"بورتريه رجل لم ينضج" (2009)، و"تبرئة، الحياة القابلة للمساومة" (2017)، و"مطر خفيف" (2019). وقد تُرجم أغلبها إلى أكثر من اثنتي عشرة لغة.

المساهمون