بانيبال.. أن تكوني جادة في السابعة عشرة

24 يوليو 2014
عمل لـ سامينا / البرتغال
+ الخط -

عندما كتبتُ افتتاحيّة العدد الأوّل لمجلّة بانيبال، في بداية العام 1998، لم أكن أتخيّل أبداً أنّي سأحتفل بعد مرور سبعة عشر عامًا بصدور العدد 50 للمجلّة. لقد تمّ إنجاز هذا العملِ الضّخمِ المكوّنِ من خمسينَ عددًا بجهود طاقمٍ متفانٍ صغير، يسندهُ حشدٌ لامعٌ من المترجمين، والمحرّرين المساهمين والمستشارين، والنقّاد الأدبيّين. وبالطبع، كافّة الكتّاب.

يختلفُ وضع عالَم الأدب العربي اليوم إختلافا شاسعًا عمّا كان عليه عندما بدأنا. وكذلك عالم الترجمة الأدبية إلى الإنجليزيّة قد تحوّل أيضًا. المزيد من الناشرين يقومون بنَشر العديد من الأعمال الأدبية العربية المترجمة. لكن هذا لا يعني أن مهمّة بانيبال قد أُنجزت. بل الأمر على العكس من ذلك.

تمتلكُ دور نشر الكتب معايير وأفكاراً وبرامج وتوقعات تجاريّة وميزانيات خاصّة بها. فهي تبحث عن كتاب يحقق نجاحًا تجاريًا، يكون من أكثر الكتب مبيعًا، مع اهتمام بما هو آني ليجتذب القراء، كما أنهم يفضّلون، الكتّاب العرب الّذين يتحدّثون اللغة الإنجليزية - أو حتى يكتبون بها. بينما تعتبر المجلة كشاهد ومتابع للمشهد الأدبي الحيّ في العالم العربي. إذ تقوم المجلة بترجمة الأعمال العربية المنشورة حديثًا في كافة البلدان العربية، لنقدّم للعالَم الناطق بالإنجليزيّة ثراءً وتنوعًا غير منقطعين في المشهد الأدبيّ العربيّ الراهن.

جاء ملفنا الخاص "الكاتب والسجن" في الوقت المناسب، ونحن فخورون بالاحتفال بالعدد الـ 50 لبانيبال مع شهادات ونصوص لكتّاب هم اليوم من أكثر الكتّاب العرب شهرة واحترامًا. حياتهم ونضالهم شهادةٌ بحدّ ذاتها على حاجة الانسان الجوهرية لحرية التعبير والتسامح والرفق. نقدّم في هذا، أعمالا لتسعة كتّاب ومراجعة أدبيّة لعمل عاشر، ولا متّسع لأكثر من ذلك. لقد توجّب علينا أن نسحب عددًا من النصوص والمراجعات الأدبيّة الأخرى التي كانت مقرّرة لهذا العدد، حتّى نقدّم للقرّاء عددًا متكاملاً قدر الإمكان - وقد جدولت الآن للعدد 51.

لقد رحل هذا العالم الذي احتمله كتّاب هذا العدد كسجناء، إلى الأبد. قد لا يدركُ القراء والكتّاب الشباب هذا العالم الذي يكتبون عنه، فمعركة القرن الـ 21 ليست معركة يساريين، وماركسيين وديمقراطيين وشيوعيين ضد الديكتاتوريات والإمبريالية. يبدو أن ذلك عالماً آخر، عصيّاً على الفهم، حيث الأصوليون والمتعصّبون الدينيّون لكافّة المذاهب في حالة تصاعد، والديكتاتوريات والبيروقراطيات غير المنتخبة لا تزال تحكم سيطرتها، فيما محاربو الفساد والمدافعون عن حقوق الإنسان الأساسية يلوذون بالفرار.

العدد 50 لمجلة بانيبال، المزدحم بهذه النصوص المحرّضة على التفكير لكتّاب من الجزائر ومصر والعراق والأردن وليبيا وفلسطين وسوريا، والذين لم يتوقفوا يوماً عن الدفاع عن الحق في حرية التعبير والتسامح والعدالة الاجتماعية، يوفر رايةً أدبيّة ناجعة، تذكّرنا بأنّه مهما طال التخفي وراء الأقنعة، فإن الكفاح سيتواصل اليوم.


* ناشرة مجلة بانيبال، وفي الأعلى مقاطع من افتتاحية المجلة بمناسبة صدور عددها الخمسين.

المساهمون