احتل بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي صدارة عناوين الأخبار في عام 2022، ووصل صدى كلمات مسؤوليه إلى أضيق الأروقة حول العالم، بما في ذلك مناطق في أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا والبلدان العربية، بالإضافة إلى الاقتصادات الكبرى، بعد استخدامهم كل الأسلحة المتاحة لهم في مواجهة تضخم غير مشهود في البلاد منذ عقود.
ومع اقتراب العام من نهايته، أظهر أحدث مقياس للتضخم أن مؤشر أسعار المستهلكين لشهر نوفمبر/تشرين الثاني سجل 7.1%، منخفضًا من أعلى مستوى في 40 عامًا عند 9.1%، الذي وصل إليه في يونيو/حزيران، حيث لاحظ الأميركيون انخفاض أسعار السيارات المستعملة والأخشاب والغاز، كما كانت أسعار المساكن والإيجارات على مسار هبوطي خلال الشهر الماضي.
وقال توماس مارتن ، كبير مديري المحافظ في غلوبال إنفستمنتس، في لقاء مع قناة "سي أن أن" الإخبارية: "فكرة ذروة التضخم، التي تحدث عنها الناس معظم العام ، بدأت تبدو صحيحة"، مضيفاً أن السؤال هو "ما مدى سرعة حدوث ذلك؟"
القانون الثاني
في غضون أسابيع، يبدأ القانون الثاني لمجلس الاحتياط الفيدرالي. ويدعو النص الذي عُدّل مؤخرًا لمجلس الاحتياط الفيدرالي إلى رفع معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية، وهو معدل الاقتراض القياسي للبنك الفيدرالي، ولكن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في الأشهر العديدة الماضية.
وبينما حقق بنك الاحتياط الفيدرالي، أخيرًا، بعض الانتصارات الصغيرة في إبطاء الاقتصاد، بعد سبع زيادات كبيرة في معدل الفائدة، ظل سوق العمل القوي بمثابة شوكة في جانب البنك المركزي الأكبر في العالم، حيث فاق عدد الوظائف المتاحة بكثير عدد أولئك الذين يبحثون عن عمل، فتسبب في ارتفاع الأجور، وحافظ من ثم على ارتفاع الأسعار مدة أطول.
وتوقع روس مايفيلد، محلل استراتيجية الاستثمار في بيرد، في لقاء مع "سي أن أن"، أن بنك الاحتياط الفيدرالي، من خلال "تركيزه القوي على سوق العمل"، قد "يستمر في التشديد" في بداية عام 2023.
وأظهرت أحدث البيانات علامات على هدوء سوق العمل، حيث تراجعت عمليات التوظيف والتعيين، وارتفعت عمليات التسريح، وتزايدت المطالبات بإعانات البطالة لأعلى مستوى لها منذ فبراير/شباط، كما بدأ عدد الوظائف المضافة كل شهر في الانخفاض ببطء.
ورغم تلك التطورات، أشار جيروم باول، رئيس البنك الفيدرالي، في ديسمبر/كانون الأول، إلى أن "النقص الهيكلي في العمالة" لا يزال يمثل رياحًا معاكسة رئيسية، وعزا نقص العمال إلى التقاعد المبكر، واحتياجات تقديم الرعاية، وأمراض كوفيد والوفيات، والانخفاض في صافي الهجرة.
على هذا النحو، يتردد أرباب العمل في تسريح الموظفين، وتظهر مجالات أخرى من الاقتصاد قوة كبيرة، لدرجة أن العاطلين عن العمل يُعاد توظيفهم بسرعة، حسب ما قال مايفيلد.
وقال لشبكة "سي أن أن": "قد تكون هذه القوة الكامنة في سوق العمل هي السبب وراء تشديد بنك الاحتياط الفيدرالي المفرط"، مشيراً إلى أن "أغلب قطاعات الاقتصاد الأخرى تشير بوضوح شديد إلى التباطؤ والركود الوشيك، وعندما ترى مجلس الاحتياط الفيدرالي يراجع توقعاته للبطالة بالزيادة، ويراجع رقم نمو الناتج المحلي الإجمالي بالنقص، يبدو الأمر وكأنهم يوافقون على ذلك". وأضاف: "لذا، آمل أن يأخذوا النصيحة وأن يتوقفوا في وقت قريب جدًا".
وأظهرت توقعات المحللين في ديسمبر/كانون الأول مسارًا أكثر تشددًا للسياسة النقدية، مع ارتفاع متوسط التوقعات إلى ذروة معدل الفائدة الجديد عند 5% - ر5.25%، ارتفاعًا من 4.5% - 4.75% في سبتمبر/أيلول. وهذا يعني أن مسؤولي البنك الفيدرالي يتوقعون رفع أسعار الفائدة بنسبة نصف في المائة أكثر مما كانت التوقعات قبل ثلاثة أشهر، عندما صدرت آخر التوقعات الاقتصادية لمجلس الاحتياط الفيدرالي.
وتوقع صانعو السياسة أيضًا أن يظل تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي، أعلى بكثير من هدفه البالغ 2% حتى عام 2025 على الأقل. وأظهر المزيد من التوقعات توترًا في ما يتعلق بصحة الاقتصاد الأميركي، حيث يتوقع مسؤولو البنك الفيدرالي الآن ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6% بحلول نهاية عام 2023، ليظل عند هذا المستوى حتى عام 2024. وهذا أعلى بمقدار 0.2% من معدل 4.4% الذي توقعوه في سبتمبر/أيلول، وأعلى بكثير من المعدل الحالي 3.7%.
واستناداً إلى توقعات مسؤولي البنك الفيدرالي وغيرهم من الاقتصاديين، فإن المسار قد ضاق أمام "الهبوط الآمن" المنشود لكبح التضخم مع تجنب الركود أو التسريح الكبير للعمالة.
وقال مايفيلد: "لقد كان أمرًا مثيرًا للإعجاب كيف صمد المستهلك جيدًا على مدار 18 شهرًا الماضية، وعدم سحب البساط من تحته حتى الآن يمثل إلى حد كبير كيفية الوصول إلى الهبوط الآمن".
متى يجتمع مسؤولو البنك الفيدرالي في 2023
تعقد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وهي ذراع صنع السياسات بالبنك الفيدرالي، ثمانية اجتماعات مجدولة بانتظام كل عام، كل واحد منها يعقد على مدار يومين، لتقوم المجموعة المكونة من 12 عضوًا بالبحث في البيانات الاقتصادية، وتقييم الأوضاع المالية، وتقييم إجراءات السياسة النقدية التي يُعلن عنها للجمهور بعد اختتام اجتماعها في اليوم الثاني، إلى جانب مؤتمر صحافي بقيادة رئيس البنك جيروم باول.
في ما يلي الاجتماعات المجدولة مبدئيًا في عام 2023.
31 يناير/كانون الثاني - 1 فبراير/شباط.
من 21 إلى 22 مارس/آذار.
3-2 مايو/أيار.
14-13 يونيو/حزيران.
26-25 يوليو/تموز.
20-19 سبتمبر/أيلول.
31 أكتوبر/تشرين الأول - 1 نوفمبر/تشرين الثاني.
13-12 ديسمبر/كانون الأول.