الدين الأميركي وأحلام ترامب الطائر

الدين الأميركي وأحلام ترامب الطائر

15 ديسمبر 2022
ترامب وعد الناخب الأميركي بسداد الدين العام/ geety
+ الخط -

في عام 2016، وخلال حملته الانتخابية، وعد دونالد ترامب الأميركيين بالتخلص من الدين العام الذي يؤرق الاقتصاد والموازنة والمواطن، وقال لصحيفة "واشنطن بوست" إنه يمكن أن يجعل الولايات المتحدة خالية من الديون خلال ثماني سنوات.

وفي نوفمبر 2018 خرج علينا ترامب مرة أخرى بتصريح مشابه قال فيه إن الولايات المتحدة ستسدد دينها العام الضخم، بحلول نهاية ولايته الرئاسية الثانية والتي كان يحلم بالفوز بها على منافسه بايدن.

بل وشدد على إمكانية سداد الدين العام الذي تجاوز في ذلك الوقت حاجز الـ20 تريليون دولار في فترة قصيرة.

شهد الدين الأميركي قفزة خلال فترة حكم ترامب ليصل إلى 28.5 تريليون دولار

لكن بدلاً من أن ينخفض الدين العام في أول عامين من حكم الرئيس الأميركي السابق ارتفع خلال 2018 بأكثر من 1.2 تريليون دولار، ليصل إلى مستوى قياسي عند 21.9 تريليون دولار بنهاية العام.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شهد الدين الأميركي قفزة خلال فترة حكم ترامب ليصل إلى 28.5 تريليون دولار، أي أكثر بنحو 29% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام.

وواصل الدين قفزاته ليصل إلى مستوى قياسي جديد في عهد الرئيس الحالي جو بايدن، ويتجاوز 30 تريليون دولار للمرة الأولى بنهاية يناير 2022، ثم 31.4 تريليون دولار في منتصف شهر ديسمبر الجاري وفق بيانات وزارة الخزانة.

بل وصل الأمر بالولايات المتحدة إلى العجز عن سداد ديونها وتهديد وكالات دولية بخفض تصنيفها الائتماني، كما حدث في ديسمبر 2021 حينما وافق الكونغرس على قانون رفع سقف الدين العام بمقدار 2.5 تريليون دولار إلى نحو 31.4 تريليون لتفادي خطر التخلف عن السداد.

وقبل أيام قالت وزارة الخزانة الأميركية إن عجز الموازنة قفز في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بواقع 57 مليار دولار، أو 30 بالمئة، على أساس سنوي، ليبلغ 249 مليار دولار، مسجلاً رقماً قياسياً للشهر، في ظل انخفاض الإيرادات وارتفاع حاد في الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والفائدة على الدين العام.

وصل الأمر بالولايات المتحدة إلى العجز عن سداد ديونها وتهديد وكالات دولية بخفض تصنيفها الائتماني، كما حدث في ديسمبر 2021

بالطبع، هناك أسباب منطقية وراء إخفاق ترامب في تحقيق هدفه المثالث وهو سداد الدين العام، من أبرزها الأزمات العنيفة التي تعرض لها الاقتصاد الأميركي، بسبب تفشي وباء كورونا، وما خلفه الوباء من أعباء ضخمة على الموازنة، وإيرادات الدولة، وحصيلة الضرائب، والأنشطة الاقتصادية المختلفة، وما صاحب ذلك من تراجع أرباح الشركات، وإفلاس مؤسسات، وزيادة البطالة، وتراجع فرص العمل، ففي عام 2019، تكبدت الحكومة 580 مليار دولار فاتورة عن فوائد الدين العام، ما يمثل 1.7% من الناتج المحلي.

وهناك سبب أهم هو ضخ الإدارة الأميركية في عهد ترامب تريليونات الدولارات في شرايين الاقتصاد لتحفيزه وتعزيز السيولة في الأسواق، ودعم الصناعات المتضررة، ومساعدات العائلات، ومواجهة التداعيات السلبية لوباء كورونا.

موقف
التحديثات الحية

الولايات المتحدة ليست وحدها من تغرق في الديون، بل العالم كله، خاصة مع الموجة التضخمية، وقفزات أسعار النفط والغاز، والحبوب، والسلع الأولية، والمواد الخام، وتعطل سلاسل الإمدادات، وعودة شبح وباء كورونا، واستمرار حرب أوكرانيا.

ووفق أحدث أرقام صادرة عن معهد التمويل الدولي فقد ارتفع إجمالي الديون العالمية لأكثر من 300.1 تريليون دولار في الربع الثاني من عام 2022، مقارنة بـ 299.5 تريليونا في الربع المماثل من العام السابق.

الاقتصادات الكبرى لديها القدرة والإمكانات على سداد الديون الخارجية المستحقة عليها مع ضخامة التدفقات النقدية

الاقتصادات الكبرى لديها القدرة والإمكانات على سداد الديون الخارجية المستحقة عليها خاصة مع ضخامة التدفقات النقدية من صادرات وسياحة واستثمارات وتحويلات، وتبقى المشكلة لدى الدول النامية التي تعاني من شح في السيولة وأزمة عملة.

المساهمون