لبنان يسعى لتجاوز أزمته الاقتصادية عبر التنقيب عن النفط والغاز

25 سبتمبر 2023
هناك معطيات عدة تجعل الآمال كبيرة في البلوك رقم 9 (تويتر)
+ الخط -

تتجه الأنظار في لبنان نحو عمليات التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9 بالمياه الإقليمية اللبنانية، حيث يطغى التفاؤل بشكل كبير، وهذا ما ظهر بوضوح في كلمة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في الأمم المتحدة أخيرا.

والأسبوع الماضي، قال ميقاتي: "اسمحوا لي أن أُسجّل ارتياح لبنان لبدء عملية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، ورغبته في لعب دور بنّاء مستقبلاً في مجالات الطاقة في حَوض المتوسط".

ومنتصف أغسطس/ آب الماضي، أعلن وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية وصول باخرة التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، جنوب البلاد، على الحدود مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

من جهتها، قالت شركة توتال في بيان، وقتها، إنها "متفائلة بوجود ثروات في حقل قانا في البلوك 9.. نحن على بعد خطوات قليلة من الاستكشاف".

وكان لبنان قد وقع، في فبراير/ شباط 2018، عقدا مع ائتلاف شركات نفطية بقيادة "توتال"، والذي يضم "إيني" الإيطالية و"نوفاتيك" الروسية، التي انسحبت في ما بعد وحلّت مكانها "قطر للطاقة"، للتنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية.

مراحل التنقيب

وكشف المدير التنفيذي لمنظمة استدامة البترول والطاقة (خاص) مروان عبد الله عن المراحل التي يمر بها التنقيب، إذ قال لوكالة "الأناضول": "بعد وصول باخرة التنقيب، تحضّر الأرضية أو القاعدة الخاصة لمدّ قساطل تحت المياه، وهذا ما بدأته الشركة المشغّلة في أواخر أغسطس/ آب في البوك رقم 9".

وأشار عبد الله إلى أن هناك مرحلتين، "الأولى هي المرحلة فوق سطح البحر حتى قعره، ثم يتم الحفر في القعر"، لافتا إلى أن كل مرحلة من التنقيب تحتاج إلى نحو 68 يوما أو 3 أشهر، وفقا لظروف البحر والطقس في الشتاء.

وتابع: "بعدها يتم أخذ كل ما تم استخراجه من قعر البحر، مثل الصخر، نوع التراب والغاز والنفط، إلى المختبرات الخاصة في توتال حيث يقومون بدراستها"، مضيفا أن الدراسات تُظهر نوعية النفط والغاز وكميتها وكلّ التفاصيل حولها. وكلّ هذه المراحل تسمى "مرحلة البئر الاستكشافية"، وفق عبد الله.

بعد إجراء الدراسات، يصدر تقرير ويرسَل للدولة اللبنانية، جزء منه سري وجزء علني، ويحتوي على الكميات المتوقعة داخل البئر وغيرها من معلومات.

وبعد الحصول على الموافقة من الدولة اللبنانية، بحسب عبد الله، تبدأ خطة الحفر وتطوير الحقل، وتحتاج لمدة عام، و"تستمر الإجراءات حتى الوصول لمباشرة التنقيب من خلال إحضار منصة ثابتة".

تقديرات للبلوك 9

وفق خبراء النفط، هناك معطيات عدة تجعل الآمال كبيرة في البلوك رقم 9. ويرى عبد الله أن المعطى الأول يشير إلى أن المنطقة التي يتم الحفر فيها "بِكر" ولم تتعرض للحفر سابقا، لذا فاحتمال إيجاد النفط أو الغاز من المرة الأولى فيها يراوح بين 22% و27%.

وتابع: "المعطى الثاني هو إيجاد النفط في البلوكات المجاورة للبلوك رقم 9، في إسرائيل (كاريش) وقبرص (أفروديت)، لذا الاحتمال كبير بإيجاد كميات أيضا في البلوك اللبناني"، و"التقنيات الجديدة تسمح بأخذ فكرة عامة عن الموضوع، وحسب الشركات التي أجرت الدراسات، فالبلوك فيه حقل، لكن لا أحد يعرف حجمه أو الكمية الموجودة فيه".

وذكر المدير التنفيذي لمنظمة استدامة البترول والطاقة أن "التفاؤل حول إيجاد النفط والغاز موجود، لكن لا يمكن معرفة الكمية الموجودة فيه".

وكلام عبد الله توافق مع حديث الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في شؤون الطاقة شربل سكاف، الذي قال لـ"الأناضول"، إن "المنطقة الجنوبية للمتوسط هي التي تتمركز فيها حاليا معظم الاكتشافات التجارية، مثل مصر والجزائر، وإسرائيل".

وأضاف سكاف أن الدراسات الزلزالية على مستوى البلوك 9 واعدة، "بالإضافة إلى ذلك، فهذا البلوك قريب من مكان الحفر من كاريش"، ولفت إلى أن التوقعات "تشير إلى حصول اكتشاف تجاري مرتفع، لكن لا يمكن التأكّد إلا عند انتهاء عملية الحفر في البئر الأولى".

ثقة بالدولة

من جهته، ذكر الخبير الاقتصادي اللبناني عماد عكوش، لـ"الأناضول"، أن "التنقيب في البلوك رقم 9 بدأ.. نحن واثقون من قدرة الدولة على إدارة الملف"، وأوضح أن "إحدى فوائد أي عمليات اكتشاف قريبة ستعزز الثقة بالاقتصاد اللبناني ولو بشكل نسبي".

وزاد: "في الأشهر المقبلة، في حال تم التأكد من وجود غاز في البحر، ستعزز الثقة بالاقتصاد اللبناني وعملة البلد، ويمكن أن تعود الشركات الأجنبية للدخول في مناقصات البلوكات الأخرى".

أما بالنسبة للعائدات المالية من الغاز والنفط، فأكد أن الاستفادة المادية من الغاز تحتاج إلى سنوات لحين القيام بخطوة تسويق وتطوير الحقل.

عمليات البر

ومع بدء عمليات التنقيب في البحر، تتفتح الأنظار نحو التنقيب في البرّ اللبناني. وفي هذا الإطار، ذكر عبد الله أنه "حتى الآن هناك قانون اسمه قانون الموارد الطبيعية في المياه اللبنانية في البرلمان اللبناني، ومن خلاله سُمح بالعمل في البحر، لكن لا قانون للبر".

وأكد أنه لا يمكن الحديث عن أي سيناريو في البرّ إلا بعد إقرار قانون في مجلس النواب مشابه لما يحصل في البحر، لافتا إلى أن المشهد في البر يختلف، لأن هناك أراضي ملكيات خاصة، وأخرى تابعة للبلديات.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقع لبنان وإسرائيل اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بينهما، عقب مفاوضات غير مباشرة استمرّت عامين بوساطة أميركية إثر نزاع على منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي بالبحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا.

ويقع لبنان ومعه قبرص وإسرائيل ومصر فوق حقل غاز شرق البحر المتوسط، الذي تم اكتشافه عام 2009.

وحسب إحصاءات غير رسمية، يقدر حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من الغاز بـ96 تريليون قدم مكعبة، ومن النفط 865 مليون برميل.

وبدأ لبنان الاهتمام بمسألة النفط والغاز منذ عهد الانتداب الفرنسي (1920-1943)، إلا أن النزاعات السياسية بين الأطراف اللبنانية المتنافسة وظروف الحرب الأهلية (1975-1990)، وعدم الاستقرار السياسي، حالت دون البدء بعملية التنقيب وتطوير القطاع.

(الأناضول)

المساهمون