بيع نفط إيران إلى الصين يتعثر مع سعي طهران لزيادة الأسعار

05 يناير 2024
الشركات الصينية المستوردة مستاءة من سعي إيران لزيادة سعر البرميل (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر تجارية لوكالة "رويترز"، أن تجارة النفط بين الصين وإيران تعثرت مع قيام طهران بحجب الشحنات ومطالبتها بأسعار أعلى من أكبر عملائها، مما يقلص الإمدادات الرخيصة لأكبر مستورد للخام في العالم.

وقد يؤدي انخفاض إمدادات النفط الإيراني الذي يشكل نحو 10% من واردات الصين من الخام والذي بلغ مستوى قياسيا في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى دعم الأسعار العالمية والضغط على أرباح مصافي التكرير الصينية.

كما يمكن أن تمثل هذه الخطوة المفاجئة، التي وصفها أحد المسؤولين التنفيذيين في القطاع بأنها "افتراضية"، نتائج عكسية للإعفاء الأميركي الذي أصدرته في أكتوبر/تشرين الأول بشأن العقوبات المفروضة على النفط الفنزويلي، والذي أدى إلى تحويل الشحنات من المنتج الواقع في أميركا الجنوبية إلى الولايات المتحدة والهند، ما أدى إلى رفع الأسعار بالنسبة للصين.

ولم ترد شركة النفط الوطنية الإيرانية ووزارة التجارة الصينية ووزارة الخزانة الأميركية فورا على طلبات التعليق المقدمة من "رويترز". وفي أوائل الشهر الماضي، أبلغ البائعون الإيرانيون المشترين الصينيين أنهم سيقلصون الخصومات على تسليمات ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني من الخام الإيراني الخفيف إلى ما بين 5 و6 دولارات للبرميل أقل من خام برنت، بحسب ما قاله 5 تجار يتعاملون مع النفط أو على دراية بالمعاملات.

وذكر التجار أن تلك الصفقات أبرمت في نوفمبر/تشرين الثاني بتخفيض نحو 10 دولارات للبرميل. وقال مسؤول تنفيذي تجاري مقيم في الصين: "يُعتبر هذا بمثابة تقليص واسع النطاق ويبدو أن الأمر برفع الأسعار جاء من المقر الرئيسي في طهران، حيث إنهم يحجبون الإمدادات أيضا عن الوسطاء".

وقال مسؤول تنفيذي لدى وسيط صيني يشتري مباشرة من إيران، إن الدولة العضو في "منظمة الدول المصدرة للبترول" (أوبك) "تحجب بعض الشحنات"، ما يؤدي إلى "جمود" بين المشترين الصينيين والموردين الإيرانيين، مضيفا: "ليس من الواضح كيف ستنتهي الأمور. دعونا ننتظر قليلا ونرى ما إذا كانت المصافي مستعدة لقبول السعر الجديد".

وقد وفرت الصين مليارات الدولارات من خلال شراء النفط الذي غالبا ما يكون بأسعار مخفضة للغاية من المنتجين الخاضعين للعقوبات، وتحديدا إيران وفنزويلا وأخيرا روسيا، وهي الدول التي تزود الصين بنحو 30% من واردات النفط الخام.

وليس من الواضح مدى اتساع نطاق التخفيضات الإيرانية تجاه الصين. لكن متداولَين أوضحا أن مشتريا واحدا على الأقل قبل أسعارا أعلى، حيث اشترت شركة تكرير مقرها شاندونغ شحنة في أواخر الشهر الماضي بخصومات تتراوح بين 5.5 دولارات و6.5 دولارات بشرط تسليم الشحنة.

وأفاد تجار بأن الخصومات قد تتقلص أكثر، حيث إن العرض الأخير الذي تم تناقله كان 4.5 دولارات. وأوضحوا أن متوسط الخصم في العام الماضي على الخام الإيراني الخفيف، وهو نوع رئيسي تشتريه الصين ويتمتع بإنتاجية عالية من نواتج التقطير المتوسطة، بلغ نحو 13 دولارا.

ولفت أحد المشترين من شاندونغ إلى أن "المشترين لا يزالون يكافحون من أجل إيجاد حل لأن الأسعار الجديدة مرتفعة للغاية. لكن بما أن خياراتهم محدودة والجانب الإيراني صارم للغاية، فإن مجال مفاوضات الأسعار صعب".

وأصبحت مصافي التكرير المستقلة الأصغر حجما في الصين من أكبر عملاء طهران، منذ شراء النفط الإيراني لأول مرة في أواخر عام 2019. وقد حلت محل المصافي التي تديرها الدولة، والتي توقفت عن التعامل مع إيران بسبب مخاوف من الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية.

وتقول مصادر تجارية إن مصافي التكرير المستقلة الصغيرة تمتص نحو 90% من إجمالي صادرات النفط الإيرانية، والتي عادة ما يتم تقديمها على أنها نفط منشؤه الإمارات أو ماليزيا.

وفي خضم الصراع حول الأسعار، انخفض إجمالي صادرات إيران وواردات الصين منها. واستوردت الصين نحو 1.18 مليون برميل يوميا من النفط الإيراني الشهر الماضي، بانخفاض من 1.22 مليون برميل يوميا في نوفمبر، و23% عن الرقم القياسي المسجل في أكتوبر والبالغ 1.53 مليون برميل يوميا، وفقا لرصد شركة "فورتيكسا أناليتيكس" Vortexa Analytics المتخصصة في تتبع الناقلات.

ويمثل ذلك الجزء الأكبر من صادرات إيران العالمية من النفط الخام المنقولة بحرا، والتي تقدرها شركة "كبلر" التي تتابع الإنتاج، بنحو 1.23 مليون برميل يوميا لشهر ديسمبر المنصرم، انخفاضا من 1.52 مليون برميل يوميا في نوفمبر. وهي تقول إن المخزون العائم قبالة إيران والمياه القريبة ارتفع بنحو مليوني برميل إلى 15.5 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي.

ولفت مدير تجاري في مصفاة مستقلة إلى أن "الإيرانيين يريدون اللحاق بالأسعار الروسية. لكنهم لا يدركون تماما مدى اختلاف العقوبات المفروضة على النفط الإيراني عن العقوبات المفروضة على النفط الروسي".

وفرضت واشنطن عقوبات على أكثر من 180 شخصا وكيانا مرتبطين بقطاعي النفط والبتروكيميائيات الإيرانيين منذ العام 2021، وحددت 40 سفينة على أنها ممتلكات محظورة للكيانات الخاضعة للعقوبات.

وكانت القيود الرئيسية على النفط الروسي هي الحد الأقصى لسعر البرميل البالغ 60 دولارا والذي فرضته الولايات المتحدة وحلفاؤها في ديسمبر 2022، بهدف معاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا.

ودفعت الهند، المشتري الرئيسي، أكثر من 60 دولارا مقابل النفط الروسي، لتصل إلى 85.42 دولارا في نوفمبر، وهو أعلى مستوى منذ فرضت مجموعة القوى الصناعية السبع الحد الأقصى.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون